عدتُ مرةً أخرى لشراء “مجلة ماجد” بعد أن انقطعت عنها طويلاً ، ومع أن مجلة ماجد لها صلة كبيرة بتخصصي في الاعلام لكنني كنت أعتقد أن قضاء وقتي بقراءة صحف الأخبار ومجلات الكبار خلال سنوات دراستي الماضية أفضل من تضييعه بين صفحات مجلة أطفال ، كنت واهمة .. فقراءة مجلات الأطفال فيها من الثقافة ما لا نجده في غيرها ومن اللفتات الجميلة ما تلامس شغاف القلب وغير ذلك مما ابتعدنا عنه او نسيناه . ولا أخفيكم أن لدي نزعة طفولية تحن كثيرا الى تقليب صفحات كتب ومجلات وقصص الأطفال ، فكيف الآن بعد أن أصبحت لي طفلة ؟
مؤخرا علمت أن مجلة ماجد سيصبح لها قناة تلفزيونية ، فقد أعلنت “أبوظبي للإعلام” عن مفاجئتها للقراء بانطلاق بثها الفضائي في سبتمبر المقبل ، وقد اختلفت ردود افعال المتابعين لهذا الاعلان بين الفرِح وبين غير المصدق له ، فالمجلة التي مضى على صدورها اكثر من ٣٠ عاما ستكون قناة تلفزيونية وستتحول شخصياتها الى رسوم متحركة تخاطب الأطفال وتحاول ان تقترب منهم اكثر ، فسنرى “ماجد” و “امونة المزيونة” وغيرهم من الشخصيات وهم يتحدثون إلينا ! ولكن قد يرفض البعض هذه الفكرة لان جيلا من مثقفي الاطفال سيتغير، وسنقرأ السلام على ما بقي من خير فيهم وهي مٓلٓكة القراءة وحبها . فمجلات الأطفال قد تكون تلك الأوراق الوحيدة التي بقيت للتصفح والقراءة والمطالعة من قبلهم بعد الثورة الالكترونية التي اجتاحت البيوت واغتالت المكتبات وامتصت عطر الورق !
لكننا، لم نعد اليوم في زمن الاتصال ذو الاتجاه الواحد ، لم نعد نستقبل كل ما يبث لنا فنسمعه ونعقله ، ولم نعد ننتظر إطلاق الرصاصة الاخيرة لهذه الثورة الالكترونية على عقول أطفالنا .. قد لا أجد مبرراً لانتقاد الناس لهذه الخطوة ولا أجد ما يدعو للقلق تجاهها فمع تكرار الحديث عن هزل الكثير من البرامج الموجهة للأطفال وسوء المحتوى المقدم من خلالها وافتقارها للمعنى التربوي والترفيهي بل والأخلاقي أحيانا ، سواء كانت برامج أم أفلام رسوم متحركة ، تظهر على قنوات صرفت عليها مبالغ كبيرة كان بالإمكان استثمارها في مشاريع اخرى للأطفال تعود بالنفع والفائدة والتطوير ، بعيداً عن صور خالية من كل مضمون سوى الألوان الجاذبة والموسيقى الصاخبة .. مع تكرار الحديث عن تلك البرامج أرى أنه من الواجب اليوم تقديم البديل الصالح لكل رث ورديء .
“مجلة ماجد” التي مضى على تأسيسها أكثر من ثلاثة عقود والتي أثبتت نجاحها وتفوقها على كثير من الإصدارات الصحفية والإعلامية المقدمة للأطفال قادرة أن تثبت جدارتها مرة اخرى للجمهور عبر منصة مرئية في حال سيرها على النهج الذي اختطته منذ تاسيسها، إضافة إلى توفر الإمكانيات البشرية والدعم المالي الجيد واختيار البرامج الهادفة التي تراعي الدين وقيم وعادات المجتمع كما اعتدنا أن نرى المجلة لسنوات طويلة ، لقد آن الأوان لتقديم البديل الهادف ومواجهة كل ثورة ضالة تودي بأطفالنا الى الهاوية ، تودي بعقولهم الى عالم كاندي كراش والمزرعة السعيدة ولا تعود بهم مرة اخرى !
فهل سيبقى الإصدار الصحفي للمجلة بهذا النجاح والتألق بعد انطلاق القناة ؟ أم أن الجمهور القارىء قد تراجع أصلا فكان التفكير بتأسيس القناة ..
ولنتذكر أن “ماجد” وغيرها مهما ارتقى مستواها هي ليست المربي الوحيد وليست بمثابة الأهل او المعلم لتبقى محط طعن الناس او انتقادها لسوء تربيتها ، هي مجرد وسيلة تكميلية لإضافة لمساتها الثقافية والتربوية بطريقة جاذبة ، اما بذور التربية الاساسية فتبقى عند الأسرة في غرسها بابناءها وبعدها يأتي حرصها على اختيار مياه السقي الصالحة لتحيا بذورها ، وليست أي مياه.
أما عني فسأستمر بشراء المجلة لي ولابنتي وسأكون في غاية الشوق لسبتمبر المقبل .