أعلن ضابط في الجيش البوروندي عزل الرئيس” بيير نكورونزيزا” الذي يسعى للحصول على فترة حكم ثالثة مما نجم عنه احتجاجات بدأت قبل أسبوعين، فبحسب ما نقلته وكالة “رويترز” للأنباء أن لواءًا سابقًا في الاستخبارات البوروندية يدعى “جودفرويد نيومباري” ظهر في كلمة بثها من ثكنة عسكرية، معلنًا فيها عزله الرئيس البوروندي الحالي ورفضه أي تمديد له في الحكم، في حين ذكرت الوكالة أن هذا اللواء تعرض للإقالة في شهر فبراير الماضي من قبل الرئيس نكورونزيزا.
كذلك نقل شهود عيان من داخل بوروندي أن عددًا من المتظاهرين برفقة عدد من الجنود قاموا بحصار مبنى الإذاعة والتليفزيون محاولين اقتحامه، من جهةٍ أخرى ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية إن هذا الإعلان جاء خلال مشاركة الرئيس البوروندي بقمة استثنائية عقدت في العاصمة التنزانية دار السلام لمناقشة أمر ترشيحه لولاية ثالثة، وسط مخاوف إفريقية ودولية من تجدد أعمال العنف الواسعة النطاق في هذا بوروندي.
دعى قائد الانقلاب الذي ظهر بجانب عدد من ضباط الجيش والشرطة إلى احترام الدستور البوروندي واتفاق أروشا للسلام، الذي يمنع الرئيس الحالي من الترشح لفترة ثالثة بحسب رأي المعارضة البوروندية، مؤكدًا أن “نكورونزيزا” لديه غطرسة ويتحدى المجتمع الدولي.
من جانب الرئاسة البوروندية، فقد خرج مستشارًا إعلاميًا للرئيس يدعى ” ويلي نياميتوي” يقول إن هذا الإعلان الذي أخرج ضابط في الجيش ليتحدث عن انقلاب على رئيس البلاد ليس سوى “مزحة” على حد وصفه، مؤكدًا أن الرئيس باقٍ في منصبه وينتوي خوض الانتخابات المقبلة ولا صحة للأحاديث التي تقول بإقالته من قبل الجيش.
على صعيدٍ آخر، تتواصل الاحتجاجات في البلاد ضد ترشح الرئيس الحالي لولاية رئاسية ثالثة وهو ما يعتبره المحتجون أمرًا “غير دستوري”، بعد بقائه في الحكم لفترتين متتاليتين، وهي أقصى حد يسمح به الدستور البوروندي للبقاء في السلطة، لكن الحزب الحاكم ومؤيدوه لهم وجهة نظر أخرى يقولون بها، وهي أن الدستور يتحدث عن فترتين بالانتخاب الحر المباشر، والرئيس الحالي لم ينتخب سوى فترة واحدة بالانتخاب الحر المباشر في فترته الثانية، أما الأولى فكانت عن طريق البرلمان بعد انتهاء الحرب الأهلية، وهو ما يستند إليه أنصار “نكورونزيزا” في تبرير ترشيحه لولاية ثالثة.
في الوقت نفسه، قال قائد أركان الجيش الجنرال “بريمي نيونجابو” في بيان بثته الإذاعة الرسمية بأن محاولة الانقلاب فشلت، مؤكدًا أن الجيش البوروندي ما زال مسيطرًا على الوضع الميداني، بينما أفاد ناشطون ميدانيون لوكالات الأنباء أن الأمر ليس هكذا، فما زال هناك سماع دويًا لإطلاق الرصاص حول مبنى الإذاعة والتليفزيون في العاصمة، كما أن هناك سماع لأصوات انفجارات مجهولة المصدر، مما ينذر بأن الجيش غير مسيطر على الوضع الميداني ما يدعي.
بين هذه الأنباء المتضاربة، تظل التساؤلات هل هناك انقلابًا بالفعل في العاصمة البوروندية “بوجومبورا”، فبعد إعلان ضابط في الجيش عزل الرئيس الحالي، نزلت حشود من المعارضين محتفلين في شوارع العاصمة “بوجومبورا”، بينما تنتشر عناصر الجيش والشرطة الموالين للرئيس في طرقات أخرى، مع الحديث عن فشل الانقلاب.
وعلى صعيد إقليمي ودولي أدان رؤوساء دول شرق إفريقيا محاولة الانقلاب التي استهدفت عزل الرئيس البوروندي الحالي، حيث صرح الرئيس التنزاني “جاكايا كيكويتي” الذي تستضيف بلاده قمة شرق إفريقيا أن الدول المشاركة في القمة على يقين بأن الانقلاب لن يحل مشاكل بوروندي، وأضاف: “لا نقبل الانقلاب وندينه بشدة وندعو لعودة النظام الدستوري في هذا البلد”.
هذا وقد حاول الرئيس “نكورونزيزا” العودة إلى بوروندي وترك أعمال قمة دول شرق أفريقيا بعد هذا الإعلان عن الانقلاب، إلا أن طائرته الرئاسية منعت من دخول أجواء البلاد فاضطر إلى العودة إلى دار السلام، حسبما قال مسؤول في وزارة الخارجية التنزانية، في الوقت نفسه الذي يعلن الضباط الموالين للانقلاب على نكورونزيزا أن المطار الدولي في العاصمة والمعابر الحدودية لبوروندي في حالة إغلاق تام لحين إشعار آخر.
في حين يعقد مجلس الأمن الدولي مشاورات طارئة لبحث ما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بـ”الانقلاب” على الشرعية في بوروندي بناء على طلب من دولة فرنسا، بعد الإعلان عن عزل الرئيس “بيير نكورونزيزا”، في ظل مخاوف من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية، إذ دعت الولايات المتحدة الأطراف المتصارعة إلى إلقاء السلاح وإنهاء العنف، وقالت إنها تتابع أحداث بوروندي “بقلق”.
هذا القلق الإقليمي والدولي ناتج عن مخاوف من تكرار المجازر التي تمت في بوروندي جراء الصراع العراقي طيلة 12 عامًا لم تنتهي إلا في العام 2005 بتوقيع اتفاق أروشا للسلام، بعدما وقع مئات آلاف من الضحايا في هذه الفترة.