اختتم المؤتمر التحضيري لمنتدى اسطنبول الدولي أعماله في العاصمة التركية، بعد يومين من النقاشات بين عدد الأكاديميين والمفكرين والإعلاميين من دول مختلفة حول العالم.
المؤتمر التحضيري الذي جاء بعنوان “من الثورة إلى الانقلاب: الصحوة العربية تدور ٣٦٠ درجة” كان مفتوحا للمشاركين في يومه الأول، فيما أجريت الجلسات بشكل مغلق في اليوم الثاني.
وشارك في المؤتمر عدد من المفكرين والإعلاميين من بينهم وضاح خنفر، مؤسس منتدى الشرق الشبابي، بالإضافة إلى إبراهيم كالين، الأكاديمي التركي ومستشار رئيس الوزراء التركي، وأستاذة العلوم السياسية المصرية هبة رؤوف عزت، وعدد من الصحفيين والنشطاء المناهضين للانقلاب العسكري في مصر من بينهم إسلام لطفي والصحفي وائل قنديل.
وتناولت كلمات المشاركين في المؤتمر الأحداث الدرامية التي تشهدها دول الربيع العربي من مصر إلى سوريا، حيث اتفق المشاركون في مجملهم على تسمية ما حدث في مصر بالانقلاب العسكري، وإن اختلفوا في الاتفاق حول الأسباب التي أدت إليه.
وقال وضاح خنفر في كلمته التي كانت أول الكلمات في المؤتمر، أن الأمة العربية بعد مئة عام من الامتهان قررت أن تغير قدرها، وأنها على الطريق الصحيح لذلك رغم ما يحدث في المنطقة، وتابع خنفر “يجب أن نعترف أن ما حدث في مصر انقلاب عسكري، وأن العسكر غير قادرين على ادارة بلد معقد كمصر”
وأكد خنفر في كلمته أن الشعوب العربية ستدفع ثمن الحرية والكرامة و “إن لم ندفع الثمن لا نستحق كليهما”، مشيرا إلى أن ما يحدث الآن هو محاولة لإعادة تشكيل قوى المنطقة، وأن هناك رغبة دولية في إقصاء تركيا من المعادلة الإقليمية، وأن على العرب والترك والكرد والإيرانيين أن يطوروا منظورا لمصالحهم يصوغ مراكز صناعة قرار مركزها الشرق تشمل القوى الثلاثة كقوى رئيسية في المنطقة بلا تدخل غربي.
وقال وضاح خنفر أن هذا هو الوقت المناسب لتكوين تحالف جديد في مصر، يؤمن أن مصر للجميع، ويستعيد الديمقراطية حتى لو كان مقابله بعض التضحيات من الإخوان، مؤكدا أن “الانقلاب العسكري هو أحد أكبر الأخطاء في التاريخ السياسي الحديث”
ومن جانبها قالت مها عزام، الأكاديمية البريطانية ومديرة قسم الشرق الأوسط في مركز تشاثام هاوس في لندن، أن التحديات التي تواجه مصر والاقليم والمجتمع الدولي لا يمكن التعامل معها من قبل العسكر، مؤكدة أن “التدخل العسكري في السياسة لن يحقق الأمن”.
وفي حديثها عن فترة الرئيس محمد مرسي الذي انقلب عليه الضابط عبدالفتاح السيسي في الثالث من يوليو/تموز الماضي، بعد مظاهرات شعبية، قالت عزام أن الإخوان “التزموا بعدم العنف وقد وقفوا أمام كل ديكتاتور حكم مصر من عبدالناصر إلى مبارك، وعلى الرغم من ذلك يتم شيطنة الجماعة وتشويهها واتهامها بانتهاج العنف”.
وأكدت مها عزام أن مصر شهدت أكبر قدر من الحرية في تاريخها وقت حكم الرئيس مرسي، وأن هذه الحرية قد انتُزعت من الشعب المصري بالانقلاب.
ومن جانبه قال جون إسبوزيتو، أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الإسلامية في جامعة جورج تاون الأمريكية أن بعض الغربيين يدعمون الانقلاب في مصر بسبب حالة الاسلاموفوبيا التي تزداد بشكل مضطرد في الغرب.
و قال إسبوزيتو الذي شارك في إجراء أكبر استطلاع للرأي شمل عشرات الآلاف من المسلمين في كل الدول الإسلامية، أن أكثر من ٥٣٪ من الأمريكيين لا يعرفون شيئا عن العالم الإسلامي ولا الإسلام، إلا أنهم على الرغم من ذلك يخشون من الإسلام كدين.
وأشار إسبوزيتو أن التحدي أمام الحكومات الغربية هو قدرتهم على الالتزام بمبادئهم في دعم الديمقراطية بغض النظر عمن تحضره الصناديق للسلطة. مؤكدا أن الليبراليين غير الديمقراطيين في العالم العربي لا يتقبلون وجود سياسيين معبرين عن إرادة الشعوب العربية.
وفي نفس السياق قال إبراهيم كالين، مستشار رئيس الوزراء التركي، أن الشعوب العربية أثبتت استعدادها للديمقراطية، إلا أن الغرب ليس جاهزا للديمقراطية في الشرق الأوسط.
وحذر كالين في كلمته من خطورة تبعات الشرخ الذي حدث بالفعل في مصر بين المدنيين والعسكريين بسبب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس مرسي، مؤكدا أن الغرب اختار تأييد القادة الديكتاتوريين في العالم العربي للحفاظ على مصالحهم في المنطقة، قائلا أن “الانقلاب العسكري كان اختبارا، فشل فيه العالم”
وأكد كالين أن موقف تركيا من الديمقراطية في مصر ليس موقفا داعما للإخوان، وأنه “لو كان أحمد شفيق أو محمد البرادعي انتُخبا في مصر لكان الموقف التركي من الانقلاب هو نفسه الموقف الحالي” مؤكدا أن أنقرة ستدعم مصر مرة أخرى حين عودتها للمسار الديمقراطي. مشيرا إلى أن “أردوغان كان قد دعا في مصر لإقامة نظام علماني عادل يقف على نفس المسافة من جميع القوى السياسية في مصر”
وتحدث في المؤتمر كذلك دايفد هيرست، الصحفي في الغارديان وآخر صحفي يجري حوارا مع الرئيس مرسي أواخر يونيو/حزيران الماضي قبل الانقلاب العسكري بأيام، الذي قال أن مرسي كانت له قوة كبيرة مع وصوله للسلطة إلا أنه لم يستطع التحكم بها.
وقال هيرست أن الرئيس مرسي أخبره في جزء طلب منه الرئيس عدم نشره من الحوار، أنه “تمت التضحية بنا من البداية”.
ومن بين المشاركين قال عزام التميمي، أن الغرب ليس هو الملام الأول فيما يحدث في المنطقة، بل الأوضاع الداخلية وتحالف الشر الذي يضم السعودية والإمارات.
فيما قال علي أبو نعمة، مدير موقع “الانتفاضة الالكترونية”، وأحد أنشط المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني على الانترنت، أن اقتصاد غزة بالكامل مبني على الأنفاق مع مصر، والنظام الانقلابي يغلق هذه الانفاق، قائلا أن “النظام الانقلابي في مصر يفعل تماما ما أراده الإسرائيليون والسعوديون والأمريكيون: الإطاحة بحماس من حكم غزة”
يُذكر أن هذا هو العام الثاني الذي تستضيف فيه اسطنبول مؤتمرها الدولي، حيث يستضيف المؤتمر مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية “سيتا”.