أعلنت السلطات المصرية اليوم بأنه تم تنفيذ حكم الإعدام بحق 6 أشخاص كانوا متهمين في القضية التي عُرفت إعلاميًا باسم “عرب شركس” بعدما كانت المحكمة العسكرية العليا للطعون، أيدت في 24 مارس الماضي، حكم أول درجة الصادر في أكتوبر الماضي بعد طعن المتهمين عليه، وقد صدر حكم بالإعدام بحق 7 متهمين أدانتهم بالانتماء لجماعة “أنصار بيت المقدس”، وحكم بالمؤبد لاثنين آخرين.
وجهت المحكمة لهذه المجموعة تهمًا من ضمنها الهجوم على نقطة تفتيش للشرطة في منطقة القليوبية شمالي القاهرة، ما أسفر عن مقتل 6 جنود، واتهمت هذه الخلية بأنها فرع لتنظيم أنصار ببيت المقدس في سيناء، كما وجهت لهم تهم التخطيط لعمليات إرهابية، وتلقي تدريبات مسلحة لتنفيذ هجوم على منشآت عسكرية.
ليصبح هذا الحكم الثاني من نوعه في أحكام الإعدام الذي يتم تنفيذه من السلطات المصرية على خلفية سياسية منذ انقلاب الثالث من يوليو، وهو الحكم العسكري الأول بالإعدام يتم تنفيذه على معارضين للسلطة، وذلك بعدما قضت محكمة مدنية بالإعدام على الشاب محمود رمضان وهو أول المعارضين الذين تم تنفيذ حكم الإعدام ضده بإعدامه في شهر مارس الماضي، بعد إدانته من قِبل المحكمة في قضية أحداث سيدي جابر وتوجيه تهم لهم من بينها القتل العمد، وهو ما نفته أدلة كثيرة تجاهلتها المحكمة.
بهذه القضية دخل القضاء العسكري على خط تصفية المعارضين في مصر هو الآخر، بجانب القضاء المدني، حيث يشير البعض إلى أن ذلك نية مبيتة لدى النظام المصري بعدما أُجريت تعديلات في قانون القضاء العسكري باتت تسمح بالطعن على أحكامه، بعد أن كان غير مسموح بذلك في إجراءات التقاضي العسكرية، وهي بالطبع خطوة يراها البعض شرعنة لاستخدام القضاء العسكري لمحاكمة المدنيين.
تلك الاتهامات التي أُعدم على إثرها 6 أشخاص، ثبت تلفيقها بأكثر من وجه، فبحسب تحقيقات النيابة، فإن المتهمين فخخوا نقطة للشرطة في قرية عرب شركس، وذلك بتاريخ 19 مارس 2014 ، وأضافت أن قوات الأمن اعتقلت ثمانية منهم وقتلت ستة آخرين، وأنها أوقفت المتهم التاسع في وقت لاحق، رغم أن المحتجزين جاء اعتقالهم قبل تلك الواقعة بفترات متابينة، فكان المحكوم عليه بالإعدام في القضية “محمد علي علي عفيفي” معتقل قبل الواقعة بأكثر من 3 أشهر، حيث اعتقل بتاريخ 19 نوفمبر من العام 2013، وكذلك بالنسبة لـ “محمد بكري هارون” والذي اعتقل مع زوجته وأولاده من الزقازيق في 28 ديسمبر من العام قبل الماضي، واحتجزت زوجته 10 أيام بمقر الأمن الوطني قبل الإفراج عنها، أما “هاني مصطفى أمين عامر” كان قد اعتقل قبل الواقعة بثلاثة أشهر تقريبًا، حيث اعتقل في 16 من ديسمبر 2013 مع صهره من مكتب حي ثالث بالإسماعيلية، ليتعرضوا للتعذيب في معسكر الجلاء بالجيش الثاني الميداني الشهير بالعازولي ما أدى إلى إصابتهم بكسور وجروح خطيرة، بحسب ما روت أسرهم فيما بعد، حيث ظلوا جميعًا رهن الاختفاء القسري حتى إعلان وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم في مؤتمر عقده في 30 مارس 2014 عن اعتقال منفذي عملية عرب شركس، أي أن النظام يعتقل المعارضين ويخفيهم قسريًا، ثم يبحث لهم بعد ذلك عن قضايا يتهمهم فيها.
ورغم تقديم أدلة قانونية واضحة من قِبل هئية الدفاع عن المعتقلين للمحكمة تثبت اعتقالهم جميعًا قبل حدوث القضية التي اتهموا بتنفيذها، إلا أن النيابة تجاهلتها تمامًا ولم تعرها أي اهتمام أثناء سيرالتحقيقات، كما أن المحكمة رفضت الموافقة على استدعاء شهود النفي، حيث أصبح الشاهد الوحيد بتلك القضية هو ضابط بقطاع الأمن الوطني لتصبح أدلة الإثبات في القضية كالعادة عبارة فقط عن تحريات مجهولة المصدر من قطاع الأمن الوطني الذي يتولى التحقيقات في القضايا السياسية.
هذه الإعدامات تكشف حقيقة ما ينتوي النظام المصري فعله في الفترات القادمة، خاصة بعد أحكام الإعدام التي تصدر بالجملة والتي طالت الرئيس الاسبق محمد مرسي، وهي بمثابة الإعلان عن المضي في نهج تصفية المعارضة لاسيما الإسلامية منها، وهي تقضي بالإنهاء على فرص أي تسوية قد يتكهن البعض بأنها قادمة في القريب، وربما يرى البعض أنها ستأخذ البلاد إلى منحى العنف بسرعة أكبر من ذي قبل.