التقارب الأمريكي الايراني الذي تبع مكالمة أوباما لروحاني الهاتفية والتي لم تتجاوز 15 دقيقة من شأنه تغيير شكل التعاملات السياسية على المستوى العالمي والاقليمي لكثير من الدول من شكل المعسكرات الى شكل التفاهم على القضايا المتفق عليها وترك سواها من المختلف، وما سبق ذلك من اتفاق الأمريكان والروس على نزع السلاح الكيميائي السوري يجعل ذلك متوقعاً بما لا يدع مجالاً للشك.
هذا التقارب الذي الذي فاجأ العالم بأسره ومعظم الدول الحليفة لأمريكا وعلى رأسهم السعودية لم يغضب بعض الايرانيين الذي استقبلوا روحاني بالأحذية غدات عودته من الولايات المتحدة وحسب، بل أغضب صديقة أمريكا المدللة اسرائيل ليصل الأمر برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للقول أن تطوير ايران صواريخها لتصبح بعيدة المدى قد لا ينال اسرائيل وحسب وانما أمريكا كذلك، وأضاف نتنياهو : “المخابرات الأمريكية تعلم مثلنا أن إيران لا تطور الصواريخ العابرة للقارات من اجل الوصول لإسرائيل، إنهم يريدون الوصول لأبعد منها” .
علاقة الولايات المتحدة بايران الجديدة ليست محلّ غضب او ارتياح وحسب، بل فتحت الباب على مصراعيه لكثير من التساؤلات عن وضع التحالفات الدولية القائمة وعن مستقبلها، الدعم الايراني للمقاومة الفلسطينية في مقابل الدعم الأمريكي المفتوح لاسرائيل في الوقت الذي تجتمع الجارتان اللدودتان السعودية وايران ذات الموقف من دعم الانقلاب العسكري في مصر – حتى وان كان دعم ايران خجولاً أو على مستوى وسائل الاعلام فقط-.
وتشير التحليلات الى أن المنطقة ستشهد تحالفات مستقبلية من نوع آخر، الترنح السياسي الذي شاب المرحلة السابقة سوف تتغير ملامحه من شكل المعسكر الى شكل الاتفاق على” التعامل بالقطعة “، السعودية مثلاً التي تتفق مع تركيا في قضية سوريا تختلف معها في مصر، وهي كذلك تتفق مع أمريكا في قضية سوريا ومصر بينما تختلف كثيراً في تقاربها من ايران، الحميمتان كذلك اسرائيل وأمريكا تختلفان في قضية ايران وتتفقان في سوريا ومصر.
الأيام القادمة سوف تحمل الأكثر على مستوى اللامتوقع من علاقات الدول بعضها ببعض، سنوات القطيعة الثلاثون بين أمريكا وايران مهدت لانفراجات أخرى في سياسات كثير من الدول – حتى التنظيمات والأحزاب الداخلية – لتنفتح أكثر على بعضها البعض، و ربما تختفي الأشكال السياسة التي كان أشبه بالمعسكر الروسي و الأمريكي لننتقل الى معسكر “القضية السورية” أو ” الانقلاب العسكري في مصر” في تحد أكبر للعلاقات الرسمية للدول بعضها ببعض .