توزعت الشريحة الأكبر من أصوات الناخبين في تركيا خلال العقد ونيف الماضي على ثلاثة أحزاب كبرى؛ هي حزب العدالة والتنمية، وحزب الشعب الجمهوري، بالإضافة إلى حزب الحركة القومية، ولأول مرة منذ اشتراكهم في العمليات الانتخابية المختلفة، يترشح الأكراد تحت إطار حزبي يتمثل بـ “حزب الشعوب الديمقراطية” الكردي، وفي حال تمكّن الحزب من حصد 10% من أصوات الناخبين في الانتخابات المقبلة فمن المتوقع أن يجعل ذلك منه رسميًا رابع أقوى حزب سياسي في البلاد.
تختلف هذه الأحزاب الأربعة في برامجها الانتخابية كما في وعودها للناخبين، وتعتبر البرامج والوعود الانتخابية من أهم ما يتطلع إليه الناخب عادة في البلدان الديمقراطية، قبل أن يقرر أن يدلي بصوته لأحد الأحزاب، ولأن مثل هذا الأمر لا يؤخذ للأسف بعين الاعتبار في بعض التجارب الحديثة، فمن المفيد الاطلاع على الطريقة التي يتم بها الأمر في تركيا، وماذا يقدم كل طرف في المواضيع الرئيسية أو الأساسية في النقاش الداخلي، ولأن حجم المقال محدود، فسأختار بعض المواضيع ذات الصلة بالقضايا الداخلية، على أن أخصص مقالًا عن القضايا الخارجية إذا أمكن ذلك لاحقًا.
في النقاشات حول قانون الانتخابات ووجهة نظر كل حزب، يتعهد حزب الشعب الجمهوري حال فوزه بتخفيض النسبة المطلوبة من الأحزاب للتأهل إلى البرلمان من 10% حاليًا إلى 5%، فيما يرى حزب الحركة القومية ضرورة تعديل القوانين الانتخابية من دون أن يحدد نسبة معينة، وهو الأمر الذي يختلف بالنسبة إلى حزب الشعوب الديمقراطية الذي يرى ضرورة إلغائها تمامًا أي جعلها 0%.
في تعديل النظام السياسي في البلاد، يرى حزب العدالة والتنمية أن النظام الرئاسي هو الأكثر ملاءمة؛ لأنه سيجعل الحكم أكثر دينامية وفعالية في البلاد، فيما يعارض حزب الشعب الجمهوري التوجه نحو نظام رئاسي تنفيذي، ويطالب بالحد من تأثير الرئيس على القضاء وعلى الجهاز التنفيذي في البلاد، في المقابل، يرى حزب الحركة القومية أنه إذا كان النظام البرلماني يتسبب بمشاكل فإن أفضل طريقة لحلها هي عبر النظام البرلماني نفسه، فيما يعارض حزب الشعوب الديمقراطية النظام الرئاسي التنفيذي أيضًا.
في موضوع الأقلية العلوية، يرى حزب العدالة والتنمية أنه حقق تقدمًا في خلق مناخ لمناقشة التفسيرات المتعددة للإسلام عبر إقامة ورش عمل متخصصة بالموضوع، في المقابل، يطالب حزب الشعب الجمهوري بالاعتراف الرسمي ببيوت العبادة والتجمع العلوية أو ما يسميه العلويون في تركيا “جموي”، ويرى حزب الحركة القومية الاعتراف بشكل أكبر بـ “الإسلام العلوي”، فيما يرى حزب الشعوب الديمقراطية الكردي ضرورة حصول كل أماكن العبادة العلوية على وضع رسمي.
في موضوع النساء، يرى حزب العدالة والتنمية ضرورة تعزيز سياسات رفع معدلات الخصوبة، مع تخصيص مكافآت للنساء حديثات الولادة، وزيادة أجور الأمومة للأمهات العاملات في القطاع العام، وإيجاد حوافز قانونية لفتح المزيد من الحضانات، والمحافظة على مبدأ “لا تسامح على الإطلاق” في الصراع مع العنف الموجه ضد المرأة.
في المقابل، يرى حزب الشعب الجمهوري أن يتم دفع التأمين العائلي والضمان الاجتماعي في القطاعات الأشد فقرًا في البلاد للمرأة بشكل مباشر؛ كي يتم تعزيز مكانتها المالية، وأن يكون هناك تمييز إيجابي لصالح المرأة في التعيينات القضائية، وصناديق دعم الأعمال الصغيرة، والمعاشات التقاعدية، أما حزب الحركة القومية فيرى إنهاء التمييز ضد المرأة، وضرروة دعمها في أماكن العمل، بالإضافة لضرورة زيادة الوعي بالآثار السلبية للعنف ضد المرأة لاسيما في العائلة، من ناحيته يرى حزب الشعوب الديمقراطية دعم المرأة في نضالها ضد العنف والهيمنة الذكورية، وإنشاء وزارة للمرأة، واعتبار المرأة التي تعمل في المنزل مرأة عاملة؛ وبالتالي مؤهلة للحصول على الضمان الاجتماعي.