وصل رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، الفيفا، سيب بلاتر إلى القدس بالأمس ليبدأ مباحثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد أن قدم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم طلبًا بتعليق عضوية إسرائيل في الاتحاد نظرًا لعنصريتها ضد لاعبي الكرة الفلسطينيين، وهو طلب سيتم التصويت عليه من قبل الدول الأعضاء، البالغ عددها 209، وسيحتاج إلى أغلبية الثلثين ليمر، رُغمًا عن اعتراضات بلاتر عليه.
لا يُعَد طلبًا كهذا جديدًا على الفيفا، والتي علقت بالفعل في السابق عضوية جنوب أفريقيا أيام نظام الفصل العنصري، وكذلك عضوية يوغوسلافيا على خلفية مذابحها ضد البوشناق، وهو يتضمن وقف مشاركة الدول المُعلّقة عضويتها في كافة البطولات التي تنظمها الفيفا، “هذه مسألة خطيرة وغير عادية، وقد قررت بعد لقاء رئيسيّ الاتحادين (الفلسطيني والإسرائيلي) في زيورخ، أنني أود أن ألتقي أيضًا القيادات السياسية للبلدين، وما نقوم به اليوم هو الخطوة الأولى،” هكذا صرح بلاتر، والذي تحدث عن محاولة تنظيم مباراة “للسلام” بين منتخبي البلدين.
يعاني بلاتر بالطبع نظرًا للتوقيت الصعب للتصويت، والذي سيتم في 29 مايو الجاري، حيث ينصب اهتمامه في الفترة الحالية على إعادة انتخابه رئيسًا للاتحاد، وهي مسألة شديدة الصعوبة بالنظر للفضائح الأخيرة حيال ملف تنظيم قطر لكأس العالم 2022، والتي اتُهِم فيها الاتحاد ورئيسه بتلقي الرشاوى صراحة.
شكاوى الاتحاد الفلسطيني
يستند طلب الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم في دعواه ضد إسرائيل إلى التمييز العنصري ضد لاعبي الكرة الفلسطينيين، والذين لا يُسمَح لهم بحرية الحركة للعب البطولات، والتعامل العنيف من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أثناء المباريات مع الفلسطينيين، وإجراءاتها التعسفية أحيانًا، والتي تصل لإغلاق النوادي الواقعة في الحقيقة تحت سلطة الاتحاد الفلسطيني، بل وإطلاق النيران على اللاعبين الفلسطينيين.
بالإضافة لذلك، تشير الشكوى إلى التمييز ضد اللاعبين الفلسطينيين من مواطني إسرائيل، وعدم التحكّم في عنصرية الجماهير الإسرائيلية تجاه العرب، لا سيما جمهور نادي بيتار القدس والذي تطلق جماهيره شعارات “الموت للعرب” باستمرار، وكذلك وجود خمسة أندية إسرائيلية يقع مقرها في المستوطنات، وهو ما ينافي قواعد الفيفا والمواثيق الدولية، كما يقول جبريل رجوب، رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم.
جماهير بيتار القدس
كان رجوب قد حذّر أيضًا من رفض الفيفا لطلبه، قائلًا أنه سيأخذه إلى محكمة التحكيم الرياضي، المستقلة والكائنة في لوزان بسويسرا، “يجب على أعضاء الاتحاد أن يرفعوا البطاقة الحمراء لإسرائيل، فليس ثمة خلاف على رفض الأندية الخمسة الموجودة بالمستوطنات، ولا على رفض السياسات العنصرية التي تحد من حرية حركتنا، لقد تناقشنا مع الجميع ولم يقل أحد أن مطالبنا غير منطقية أو غير مشروعة،” هكذا قال رجوب.
من جانبه، رد المدير التنفيذي للاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، روتيم كامر، بأن السياسات التي يشكو منها الاتحاد الفلسطيني لا علاقة لها سوى بالسلطات السياسية الإسرائيلية، وأن اتحاده لا يملك السلطة لمنعها، “إننا نجد أنفسنا منذ أشهر في وسط صراع سياسي بالأساس لا علاقة له في الحقيقة بكرة القدم، فكرة القدم يجب أن تكون جسرًا للتفاهم، لا ساحة جديدة للصراع.”
يرد رجوب بأن سلطة الاتحاد تشمل ردع التصرفات العنصرية، والتي يعاديها الفيفا صراحة، خاصة ما يجري بين جماهير بيتار القدس، والتي ترفع لافتات صريحة تطالب فيها ببقاء النادي “نقيًا،” في إشارة إلى رفضها انضمام لاعبين من أصول عربية إلى الفريق، بل وتتعدى على أي عرب يحضرون المباريات، بما في ذلك النساء والأطفال، وهو تصرف لم يتحرك ضده الاتحاد الإسرائيلي، ولا حتى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، والذي أهدى إسرائيل المشاركة في بطولات الكرة للشباب دون الواحد والعشرين في تجاهل واضح لحقوق العرب.
ليس جديدًا على الصراع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل أن ينتقل إلى الرياضة، فقد نشب خلاف مشابه عام 2013 حيال سلطات اتحادي كرة القدم في البلدين، حيث أصرت إسرائيل أنه يحق لها التدخل في إدارة الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، وقدمت خطابًا رسميًا بذلك للفيفا قائلة فيه أن “كل ما يدور في الاتحاد الفلسطيني يجب أن يمر عبر الدولة الإسرائيلية”، وهو ما ردت عليه فلسطين رسميًا بأحقية كل عضو بالفيفا بإدارة شوؤنه بشكل مستقل وفق لوائح الفيفا.
الدعم الدولي
من ناحية أخرى، وقعت مجموعة من الكتاب والمفكرين، مثل ناعوم تشومسكي وأهداف سويف، على خطاب يدعو الاتحاد إلى تبني الطلب الفلسطيني بينما ينعقد مجلسه السنوي، وتعليق عضوية إسرائيل.
“نحن نحث أعضاء الاتحاد على تمرير الطلب، فدخول المنتخب الفلسطيني إلى بطولة كأس آسيا كان عملًا بطوليًا، لكنه لم يكن بفضل الاتحاد الدولي والذي يقف باستمرار إلى جانب النظام الإجرامي في إسرائيل، حيث يستقبل أندية من المستوطنات إلى البطولات التي ينظمها، وتعامى عن الفصل العنصري الذي يحدث بين الأطفال في الأندية الإسرائيلية، ولم يتخذ أي مواقف حازمة ضد نادي بيتار القدس لوقف العنف المعادي للعرب.
لقد فشلت الجهود الدبلوماسية على مدار سنتين في تغيير ذلك الوضع، وعلى الفيفا أن تتخذ قرارًا صارمًا الآن التزامًا بقواعدها ومبادئها الأخلاقية والإنسانية، كما فعلت يومًا ما مع جنوب أفريقيا، والتي طُردَت من الاتحاد الدولي لثلاثين عامًا جراء سياساتها العنصرية، مما يعني أن ما نطلبه الآن ليس فعلًا جديدًا من نوعه.
جون بيرجر، رودني بيكرشتافِه، بريتين بريتينباخ، ناعوم تشومسكي، ريتشارد فولك، بات جافني، ريف جارت هيويت، روني كاسريلس، أكي كاوريسماكي، بروس كنت، كِن لوتش، مايكل مانسفيلد، ميريام مارجوليس، جون بيلجر، بوب راسل، سلمان أبو سيتا، أهداف سويف، جِني تونجِه، بنيامين زفانيا.”