ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
ماذا لو أن إستراتيجية السعودية بدأت تؤتي أكلها؟ فبعد أن انهارت أسعار النفط لأقل من 45 دولارًا في نيويورك و50 دولارًا في لندن في فبراير، عادت أسعار النفط إلى الارتفاع في الشهرين الأخيرين ليتأرجح السعر بين 60 و65 دولارًا، فبقيادة الرياض، قررت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، في أواخر نوفمبر عام 2014، مواصلة الإنتاج بكميات كبيرة من دون القلق بشأن الأسعار وذلك لإخضاع جميع الدول المنتجة للنفط بأسعار مرتفعة بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال إنتاجها للنفط الصخري، وتراجعت الأسعار بعد الذروة التي بلغتها في يونيو 2014 لتتسارع أوائل 2015 (أقل من 60٪) قبل أن تستقر في مارس وتعود إلى الارتفاع إلى حوالي 20٪ في المتوسط.
كيف سيكون العرض والطلب خلال هذا الصيف؟
قالت نوال الفزيع، مُمثل الكويت في منظمة أوبك، يوم الثلاثاء 19 مايو، إنها تتوقع توازن السوق النفطي في النصف الثاني من العام، ما سيدعم الأسعار، كما أضافت أن الأسعار آخذة في التحسن، ونمو الإمدادات من خارج أوبك – بما في ذلك النفط الصخري – أقل من ذي قبل والطلب يتعافى، وغيرت كل من أوبك ووكالة الطاقة الدولية (IEA) مؤشراتها نحو الارتفاع قليلاً فيما يخص توقعات استهلاك الذهب الأسود.
ولكن ارتفاع الأسعار يرجع معظمه بسبب المضاربة، بحسب الخبراء لدى كومرتس بنك، وقال كريستوفر دمبيك، الاقتصادي في ساكسو بنك إن “الزيادة بحوالي 20 دولارًا منذ يناير ليست سوى التعديل اللازم ونتيجة لجني الأرباح للمستثمرين، وهي ليست علامة على عودة التوازن لأساسيات السوق”.
السوق لايزال غير متوازن
لايزال السوق غير متوازن من خلال العرض الذي لايزال أعلى بكثير من الطلب بحوالي 2 مليون برميل يوميًا (من 90 مليون برميل)، وفقًا لأحدث تقرير شهري لوكالة الطاقة الدولية، الذي نشر في منتصف مايو، وقد توقف إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، ولكن هذا الاستقرار تم تعويضه من قِبل دول أخرى مثل روسيا والبرازيل على وجه الخصوص، أما بالنسبة للسعوديين، فقد واصلوا بنفس وتيرة الإنتاج، ففي شهر مارس، صدّرت شركة أرامكو السعودية 7.9 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى لها منذ تسع سنوات.
كما استعاد العراق حصته في السوق على الرغم من تهديدات تنظيم داعش، الذي لم يتمكن من السيطرة على المناطق النفطية الرئيسية في كردستان (شمالاً) وفي الجنوب، وقد صدّرت بغداد 3 ملايين برميل في شهر مارس، كما أنه لم يكن هناك تراجع في إنتاج الكويت والإمارات العربية المتحدة والنرويج، كما تثير إيران مسألة تصدير 2.5 مليون برميل (مليون برميل حاليًا) إذا تمكنت من الوصول، في نهاية يونيو، إلى اتفاق نهائي مع الغرب حول برنامجها النووي.
في هذا السياق، يبدو واضحًا أن أعضاء أوبك الاثنى عشر الذين سيجتمعون في فيينا يومي 4 و5 يونيو، سيحافظون على حصتهم الرسمية والبالغة 30 مليون برميلاً يوميًا، هذا السقف الذي لا يترددون في تجاوزه بعد أن ضخوا 31.2 مليون برميلاً في اليوم في أبريل، وبغض النظر عن السعر، وسترضى دول الخليج العربي بسعر أقل بكثير من 100 دولار، وسيعتمدون على احتياطياتهم من عائدات النفط لتمويل إنفاقهم، وهكذا لا يوجد سعر عادل للنفط، فالأجوبة تختلف باختلاف الوضع الاقتصادي والاجتماعي والديموغرافي لكل بلد منتج.
مكاسب في الإنتاج
طرح رئيس فنزويلا، نيكولاس مادورو، مسألة استقرار الأسعار في حدود 100 دولار، وهو السعر الذي “تم اعتماده في الاقتصاد العالمي” في السنوات الأخيرة، أعضاء أوبك مثل نيجيريا والجزائر والعراق وإيران في حاجة أيضًا إلى رفع الأسعار لتحقيق التوازن في ميزانياتهم، ولكن بعض أعضاء أوبك البارزين قالوا مؤخرًا إن الأسعار لن تتجاوز 100 دولار، وحتى على المدى المتوسط، وجاءت هذه التصريحات من دول الخليج العربي، الذين يحتاجون إلى أسعار منخفضة أكثر من غيرهم لتحقيق التوازن في ميزانياتهم وتمويل الإنفاق الاجتماعي المهم.
والسؤال المطروح الآن هو: هل سنرى تغييرات كبيرة في أسعار النفط؟، علمًا وأن تعديل الأسعار يعتمد بشكل كبير على إنتاج الولايات المتحدة المرن للغاية؟ وبحسب وكالة الطاقة الدولية “فإن الانتعاش القوي في أسعار خام غرب تكساس الوسيط (الخام الأمريكي) في أبريل يعطي الأمل لمنتجي النفط الصخري”.
وقال باتريك أرتوس، رئيس البحوث الاقتصادية في ناتيكسيس “إن سعر النفط، بدلاً من أن يتغير لفترات طويلة من الزمن، يمكن أن يظهر الآن تذبذبات على مدى فترات زمنية أقصر، سنتين على سبيل المثال، وهذه التذبذبات في أسعار النفط الخام ستكون نتيجة الاستجابة السريعة لارتفاع أو انخفاض إنتاج النفط غير التقليدي في الولايات المتحدة، ولكن أيضًا من خلال ظهور سلوك التخزين الانتهازي، وخاصة في الصين”، وتعتبر وكالة الطاقة الدولية أنه “من السابق لأوانه القول بأن أوبك قد كسبت المعركة في الحصول على حصص جديدة في السوق”.
المصدر: صحيفة لوموند