لفتت تسريبات سابقة الانتباه إلى علاقة صحفيين دوليين بمساعدين إعلاميين لبشار الأسد، وكان العديد من هؤلاء المراسلين يريدون إجراء مقابلات مع الرئيس السوري لا أكثر، بعد أن حصلوا على عناوين البريد الإلكتروني للمعنيين عبر طرف ثالث.
ولكن هذه التسريبات تكشف أيضًا عن صحفيين آخرين أخذوا الأمور إلى مكان أبعد، وطوروا علاقات صداقة مع معاوني الأسد، متبادلين معهم التعليقات التي تشيد بالرئيس السوري وتذم خصومه، بل وتشاركوا معهم كذلك معلومات حول وجود مراسلين آخرين في مناطق يسيطر عليها الثوار، كما حدث في حالة الصحفي الإسرائيلي الأمريكي نير روزن.
وفيما يلي، يلقي NOW الضوء على مراسلات أخرى سابقة غير منشورة، حدثت بين صحفيين وأشخاص من الحلقة الداخلية للنظام السوري:
هالة جابر
في 6 فبراير 2012، بعثت هالة جابر، مراسلة صحيفة صاندي تايمز اللبنانية البريطانية، رسالة بريد إلكتروني إلى رجل يدعى جورج غاوي، وفي اليوم التالي، أعاد غاوي إرسال الرسالة إلى شهرزاد الجعفري، وهي أحد أبرز المساعدين الإعلاميين للأسد وابنة مبعوث سوريا إلى الأمم المتحدة، التي قامت من جهتها بإرسال الرسالة على الفور إلى الأسد، وكان محتوى الرسالة، التي جاءت تحت عنوان “انتبهوا”، هو مقال نشرته مجلة فورين بوليسي يتحدث عن مجموعة قرصنة إلكترونية تقوم بكشف حسابات البريد الإلكتروني الخاصة بكبار مساعدي الرئيس السوري بشار الأسد، ونشر كلمات المرور الخاصة بهم على الإنترنت.
وقبل ذلك بعام، وتحديدًا في 14 نوفمبر 2011، كان جورج غاوي قد أضيف إلى إحدى قوائم عقوبات الاتحاد الأوروبي التي تضم أفرادًا مؤيدين للنظام السوري، ووصف الاتحاد الأوروبي غاوي بأنه “أحد أعضاء الجيش الإلكتروني السوري”، وهو مجموعة قرصنة إلكترونية مؤيدة للأسد، وبأنه: “متورط في عملية فرض النظام بشكل عنيف، وفي الدعوة لممارسة العنف ضد الشعب المدني في أنحاء سوريا”.
وقال أحد المصادر لموقع NOW إن غاوي يملك مقهى في فندق فور سيزونز بدمشق، يتردد إليها رجال مخابرات النظام السوري. ووفقًا للمصدر، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، يشمل تورط غاوي في الجيش السوري الإلكتروني تنسيق اتصالات عناصر المخابرات وتجميع الأموال لصالح النظام.
ويشير توقيت الرسالة الإلكترونية إلى أن جابر كانت تسعى لحماية غاوي بعد قرابة الثلاثة أشهر من وصف الاتحاد الأوروبي له بالمتورط في أعمال عنف ضد الشعب المدني بسوريا، وعندما اتصل موقع NOW بها يوم الثلاثاء الماضي، رفضت التعليق على الموضوع.
وفي رسائل إلكترونية أخرى، يظهر إعجاب أعضاء الحلقات الداخلية للنظام السوري بتقارير جابر، وقد تمت مشاركة المقابلة، التي استطاعت إنجازها مع الأسد في دمشق أكتوبر 2011 مع الرئيس، عن طريق الجعفري، قبل يوم واحد من نشرها، مع التعليق التالي: “هذا للنشر.. أحب هذه الجملة!”.
وفي يوم النشر، أرسل غاوي نفسه المقال إلى هديل العلي، وهي من أبرز المساعدين الإعلاميين للأسد أيضًا، والتي أعادت إرسال المقال إلى الأسد؛ قائلة: “واو، هناك شخص يبدو مثيرًا، يؤبرني ياللي …”، وهو ما يعني مجازًا “أموت في حبه”.
وفي مارس 2013، نجحت جابر من جديد في إجراء مقابلة مع الرئيس في دمشق؛ وكانت تلك مقابلته الأولى، كما كتبت، مع صحيفة غربية منذ أكثر من عام.
يورغين تودنهوفر
تودنهوفر هو صحفي وعضو سابق في البرلمان الألماني من حزب الاتحاد المسيحي الألماني الديمقراطي، وكان تودنهوفر قد اشتهر مؤخرًا بأنه أول صحفي غربي تمنحه داعش الإذن بدخول أراضيها في سوريا والعراق.
ولكن تودنهوفر كان يدخل سوريا بإذن من جهة أخرى قبل عامين، وهذه الجهة هي نظام الأسد نفسه، وفي يوليو 2012، أجرى الصحفي الألماني مقابلة مع الرئيس السوري في دمشق، وتكشف الرسائل المسربة عن تاريخ ساخن من المراسلات بين تودنهوفر وواحدة من أبرز حافظات أسرار الأسد خلال الشهور التي سبقت تلك المقابلة.
وفي سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني التي تبادلها مع شهرزاد الجعفري، ويدعوها تودنهوفر بـ “أميرة الشرق الأوسط”، أعاد الصحفي الألماني مرارًا تهنئته للجعفري على نجاحها المزعوم في تحسين صورة الأسد، وأثنى على مسؤولي النظام وعلى الرئيس نفسه؛ قائلًا إنه “يُبلى بلاءً حسنًا جدًا”، وإنه القائد الوحيد القادر على تأمين مستقبل مستقر، وعصري، وديمقراطي لسوريا.
وفيما يلي، بعض المقتطفات من هذه الرسائل، وفقًا للتسلسل الزمني:
6 ديسمبر 2011
من: يورغين تودنهوفر
إلى: شهرزدا الجعفري (أعادت إرساله إلى بشار الأسد)
النص:
عزيزتي أميرة الشرق الأوسط!
فكرة رائعة، فلنجعل سوريا زعيمة الديمقراطية في العالم العربي، وسوف أقضي كل دقيقة من وقت فراغي هناك، في أروع بلد ومع أروع أميرة.
ماذا عن مقابلتنا مع الرئيس؟ سوف يكون من المهم جدًا أن نظهر حوافزه وحقيقته، لا تستسلمي!
أنا في مرمى نيران كثيفة هنا؛ لأني كتبت بعض المقالات، وعرضت مع جوليا فيلمًا شاهده أكثر من مليوني ألماني، محاولًا أن أكون موضوعيًا، وقائلًا إنه الشخص الوحيد المؤهل لإيجاد طريقة سلمية نحو الديمقراطية، في هذه الساعات التاريخية.
ولكن الوقت ينفذ بسرعة أيضًا بالنسبة لمقابلتنا، وسوف تكون فرصة رائعة لكي أراك.
دُمت لي
يوغين
16 ديسمبر 2011
من: شهرزاد الجعفري
إلى: بشار الأسد
النص:
مرحبًا!
أتمنى أن تكون قد فزت في لعبة كرة المضرب اليوم! يجب أن تكون قد أصبحت محترفًا الآن (رمز ابتسامة).
التقيت مع غضفان البارحة، وكان راضيًا تمامًا عن المفكر الألماني يورغين تودنهوفر، قال إنه أثر على الفكرة السائدة عن سوريا فور عودته إلى ألمانيا، وقد أجريت الكثير من المقابلات معه، وكتب البارحة مقالًا تم نشره في سبع صحف أساسية، لقد كتب الكثير من التعليقات الإيجابية عنك كشخص، وعن سوريا كبلد! أنا سعيدة جدًا لذلك!
18 ديسمبر 2011
من: يورغين تودنهوفر
إلى: شهرزاد الجعفري (أعادت إرساله إلى بشار الأسد)
النص:
عزيزتي شهرزاد،
كيف الحال؟ أتمنى أن تكوني منهكة بسبب كل الصحفيين الألمان الذين يأتون اليوم إلى سوريا، هذه هي الإستراتيجية الصحيحة لجعل بلدك ينفتح على الصحافة الدولية، هنا في ألمانيا بدأت المقالات وحتى التقارير التليفزيونية تصبح أكثر موضوعية، وهذا نجاحك أنت أيضًا؛ ولذلك تابعي ما تقومين به!
لدي بعض الأفكار العظيمة لك ولبلدك، ولكن الإيميلات للأسف ليست سرية جدًا، ولذلك؛ سوف أنتظر حتى ألتقي بك في ساوث تايرول أو في دمشق، أتمنى لك أسبوعًا رائعًا مع كل هؤلاء الصحفيين الرائعين.
دُمت
يورغين
16 ديسمبر 2012
من: يورغين تودنهوفر
إلى: شهرزاد الجعفري (أعادت إرساله إلى بشار الأسد)
النص:
عزيزتي الأميرة شهرزاد، تهانينا على العفو العام، هذه هي الإستراتيجية الصحيحة! رئيسك يتصرف بطريقة جيدة جدًا.
دُمت
يورغين
اتصالات أخرى
في 12 أغسطس 2011، كتبت الجعفري للأسد لتطلعه على ما دار في اجتماعها ذلك الصباح مع الدكتور ألون بن ماير، وهو بروفيسور عراقي إسرائيلي في جامعة نيويورك، يكتب بغزارة عن شؤون الشرق الأوسط السياسية، وشارك سابقًا في مفاوضات السلام بين سوريا وإسرائيل، وخلال الاجتماع، ناقش الاثنان اقتراحًا لإرسال وفد من الطلاب الدوليين ومحللي مؤسسات الأبحاث إلى سوريا.
وفيما يلي، رسالة البريد الإلكتروني التي أرسلتها الجعفري للأسد حول هذا الاجتماع:
12 أغسطس 2011
من: شهرزاد الجعفري
إلى: بشار الأسد
النص:
أتمنى أنك بخير، لقد درست هذا الصباح الاقتراح مع البروفيسور ألون بن ماير، وهو معروف جدًا يدرس السياسة في جامعة نيويورك، ولقد وجد الاقتراح مهمًا جدًا، وسوف يعمل عليه خلال نهاية الأسبوع، لقد خضع لعملية جراحية قبل بضعة أيام، ووعدني أنه سوف يضع اقتراحًا مفصلًا يضم كافة التفاصيل، وسيقدمه لي يوم الإثنين، إنه يعتقد، وأتفق معه في ذلك، بأننا يجب أن نضم للوفد طلاب (دكتوراة وماجستير)، وبعض الأعضاء الرفيعين من مؤسسات أبحاث عريقة، مثل CFR (مجلس العلاقات الخارجية)، ومؤسسة The Century Foundation. وسيكون العدد الإجمالي 15 شخصًا تقريبًا.
ولقد اقترح بأننا لخلق أرضية مناسبة لمثل هذه الزيارة؛ يجب أن نبقي الوضع هادئًا لبضعة أيام في البلد؛ بحيث يكون تأثير إعلان الزيارة إيجابيًا، وهو يعتقد كذلك بأن وجهة نظرنا حول الأحداث أساسية لضمان نجاح الزيارة.
*هناك بعض التفاصيل السرية التي أود أن أشرحها لك عبر الهاتف
*إنه يهودي، وهو ما يعطي الموضوع أهمية كبيرة
شكرًا
هذا، ويمنع قانون مقاطعة لبنان لإسرائيل الذي يعود لعام 1955، موقع NOW من الاتصال ببن ماير للحصول على تعليقه على هذا الموضوع.
المصدر: موقع ناو / ترجمة: التقرير