نجح جيش الفتح في اختراق دفاعات قوات النظام السورية، والدخول إلى المستشفى الوطني في جسر الشغور بعد هروب مقاتلي النظلم من المستشفى إلى الجنوب محاولين الوصول إلى أقرب نقطة عسكرية في سهل الغاب، ما أدى إلى مقتل وأسر عشرات منهم.
جبهة النصرة أحد المكونات الرئيسية لجيش الفتح وهي جناح لتنظيم القاعدة في سوريا قالت: إن القوات الحكومية فرت أمام مقاتلي جيش الفتح وأضافت عبر حساب منسوب لها على موقع التواصل الاجتماعي” تويتر”: “المجاهدون الآن يطاردونهم وينصبون لهم الكمائن.” إشارة إلى بقايا جنود نظام الأسد المتحصنين بالمستشفى.
هذا بعدما فشلت قوات النظام السوري في التقدم لفك الحصار الذي فرضته قوات المعارضة على مستشفى جسر الشغور بريف إدلب، وذلك على الرغم من محاولات النظام بشنه حملات عسكرية على المدينة برًا وجوًا ولكنه فشل في النهاية في فك الحصار عن جنوده المحاصرين بالمستشفى، وكذا الأمر كان بنفس الصعوبة على المعارضة السورية المسلحة التي لم تنجح سوى اليوم في اقتحام المستشفى وإحكام السيطرة عليه، بعد حصار لمدة طويلة بدأ عقب تحرير مدينة جسر الشغور، ولجوء عناصر تابعة للنظام إلى التحصن بها.
فالمعارضة السورية المسلحة أخذت تحاول أكثر من ثلاثة أسابيع متواصلة ، بتكرارعمليات التفجير بالمفخخات بهدف اقتحام المستشفى ولكنها لم تنجح في ذلك، بالتزامن مع استماتة النظام في الدفاع عن المستشفى، عبر حشد آليات عسكرية ومزيد من الجنود بينهم قوات خاصة حاولت مباغتة فصائل المعارضة المسلحة من جهة سهل الغاب لتخفيف الضغط عن المستشفى.
الأنباء تواردت مع إصرار النظام على الدفاع عن المستشفى، رغم سيطرت المعارضة على كامل المدينة، إذ تردد تواجد شخصيات عسكرية وسياسية مهمة لدى النظام محاصرة في هذا المستشفى بعد فرارها من معارك جسر الشغور، وتناقلت وسائل إعلام سورية معارضة أنباء أخرى عن وجود كميات ضخمة من سلاح كيميائي أخفاه النظام عن بعثات التفتيش ليستخدمه في حربه على المعارضة السورية.
جيش الفتح المشارك في عملية السيطرة على مدينة جسرالشغور رجح احتمال وجود أشخاص مهمين للنظام محاصرين داخل المستشفى، لكنه لم يتم التأكد من طبيعة تلك الشخصيات، حيث صرحت قيادات في جيش الفتح بقولها: “نعلم بوجود قيادات مدينة إدلب السياسية والعسكرية في المستشفى وذلك بعد سقوط المدينة في يد المعارضة”.
المستشفى كانت محصنة بدفاعات قوية، مع وجود إصرار على المقاومة من العناصر التي توجد بداخله، رغم علمهم أن فرص بقائهم على قيد الحياة في ظل هذا الحصار قليلة جدًا، وقد تم تدعيم هذه العناصر باستهداف طائرات النظام لمحيط المستشفى ومواقع المعارضة المسلحة التي تحكم من خلالها الحصار على من بداخل المستشفى، حيث شنت مئات الغارات بالصواريخ والبراميل المتفجرة خلال الحصار لمحاولة إخراج من بالداخل، لكن قيادات جيش الفتح رفضت السماح بفرار العناصر المتواجدة بالمستشفى.
ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن “أعدادًا من قوات النظام السوري التي كانت تحاول صد الهجوم على المستشفى تمكنت من الفرار، فيما أكد المرصد أن عددًا كبيرًا من القوات لقى مصرعه خلال اقتحام المعارضة اليوم”، وفي المقابل أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن قوات النظام التي كانت تدافع عن مستشفى جسر الشغور أجرت “مناورة تكتيكية” بحسب وصفها وتكمنت من فك الحصار عنها، وقد كان تمسك النظام بفك الحصار عن هذه المستشفى مهمًا للدرجة التي أخرجت الأسد بنفسه للحديث عن الموقف في مستشفى جسر الشغور قبل أسبوعين، قائلًا أن جيشه سيعزز القوات المحاصرة ووصف الجنود المحاصرين بداخلها بأنهم أبطال.
وقد وصف عاملون في هذه المستشفى أنها مكونة من ثلاثة طوابق، طابقين منهم فوق الأرض وطابق تحتها يتحصن به عناصر النظام، وصمود قوات النظام كل هذه الفترة أمام الحصار، إنما يدل على أن ثمة تجهيزات عسكرية كبيرة كانت بحوزة القوات المتحصنة بالداخل، لأهمية ما تحتوي عليه المستشفى بالنسبة للنظام، وهو الأمر الذي يؤكد أيضًا أن النظام السوري كان يستخدم المستشفى في السابق لأغراض عسكرية.
تعتبر جسر الشغور مهمة استراتيجيا بالنسبة للنظام بسبب قربها من المناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط والتي تمثل معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها آل الأسد، وذلك بعدما فقدت القوات التابعة لبشار الأسد السيطرة على مناطق واسعة من محافظة إدلب منذ أواخر مارس الماضي عندما سقطت عاصمة المحافظة في أيدي مقاتلي المعارضة المنضوين تحت لواء “جيش الفتح”.
بهذا تفاقمت الخسائر التي مني بها نظام الأسد في شمال غرب سوريا بتقدم آخر لتنظيم الدولة الإسلامية في مناطق تسيطر عليها الحكومة بوسط البلاد، بعد سيطرة التنظيم على مدينة تدمر الأثرية يوم الأربعاء الماضي.
في الوقت نفسه الذي سقط فيه مشفى جسر الشغور بيد المعارضة المسلحة، استولى تنظيم الدولة الإسلامية على آخر معبر حدودي كان يخضع للنظام السوري بين العراق وسوريا، بعدما انسحبت قوات بشار الأسد من معبر الوليد، وبات نصف سوريا قابع تحت سيطرة التنظيم، وهو ما يفسر الانهيار الشديد الذي أصبيت به قوات الأسد على أكثر من جبهة كانت آخرها سقوط مشفى جسر الشغور.