انتقد صندوق النقد الدولي قرار مصر تأجيل فرض ضريبة أرباح رأس المال على الأسهم، حيث إن ذلك القرار يعني أن تكلفة تغطية عجز الموازنة سيتحملها “الأقل قدرة على ذلك”.
وفي رد على بريد إلكتروني أرسله محرر موقع بلومبرج الاقتصادي، قال كريس جارفيس، رئيس اللجنة المسؤولة عن إقراض مصر في صندوق النقد الدولي، “إننا نشعر بخيبة أمل من تأجيل الضريبة”، وتابع “هذه الضريبة كانت عادلة، وكانت لترفع الإيرادات للدولة”.
وكان مؤشر البورصة المصرية للأسهم قد ارتفع بأكثر مستوى له منذ عامين يوم 18 مايو الجاري، بعد قرار تأجيل ضريبة 10% على أرباح رأس المال لمدة عامين، والتي يقول مسؤولون مصريون، في الحكومة التي تشكلت عقب الانقلاب العسكري، إن من شأنه أن يجعل سوق الأسهم أكثر قدرة على المنافسة، وكان مؤشر الأسهم قد ارتفع بنسبة 1.5%، فيما أغلق على أعلى مستوى له منذ مارس الماضي.
ورغم أن الخطاب الحكومي يبدو كما لو كان يكافح لجمع المزيد من المال من الأغنياء المصريين، في محاولة لجسر عجز واحد من أكبر نسب عجز الميزانية في الشرق الأوسط، إلا أن الحكومة في مارس الماضي قامت بإلغاء ضرائب على الأجر تبلغ 5% يتحملها الأعلى أجرًا بعد 9 أشهر من دخوله حيز التنفيذ، كما تم خفض الزيادة فى “أعلى معدل” لضريبة الدخل التي طُبقت فى 2013.
وكانت مصر قد انضمت لعضوية صندوق النقد الدولي في ديسمبر 1945، وتبلغ حصة مصر في الصندوق حوالي 1.5 مليار دولار، وقبل الثورة المصرية لم تلجأ البلاد إلي صندوق النقد الدولي سوى ثلاث مرات فقط؛ مرة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ومرتين في عهد الديكتاتور المخلوع حسني مبارك.
لجأت مصر للاقتراض من الخارج لأول مرة في تاريخها في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، حيث اتفقت مع صندوق النقد الدولي عام 1977 و1978 على قرض بقيمة 185.7 مليون دولار؛ من أجل حل مشكلة المدفوعات الخارجية المتأخرة وزيادة التضخم.
وكانت القاهرة قد توصلت إلى اتفاق بشأن قرض البنك الدولي مرتين منذ الإطاحة بالديكتاتور حسنى مبارك في 2011، إلا أنها سحبت الطلبات لاحقًا.
فعقب الانقلاب العسكري في يوليو 2013، انتفت حاجة مصر إلى صندوق النقد الدولي؛ فقد تعهّدت السعودية والكويت والإمارات آنذاك بإرسال مساعدات اقتصادية قدرها 12 مليار دولارًا، ما أتاح إبعاد شبح الأزمة التي كانت تلوح في الأفق، وساهمت هذه المساعدات في تثبيت احتياطي العملات الأجنبية بعدما تراجع إلى حد كبير، وخفّفت من وطأة اتساع العجز في الحساب الجاري، وعزّزت لبعض الوقت التوازن الاجتماعي في البلاد، عبر السماح للحكومة بتغطية الإعانات الأساسية، وإلى جانب مبلغ الـ12 مليار دولارًا، تعهّدت السعودية والإمارات بتقديم 5.8 مليار دولار إضافي.
وكانت توقعات بعض المتابعين الغربيين، عن الرئيس العسكري عبدالفتاح السيسي، تشير إلى أنه يفضّل تعزيز دور الجيش في الاقتصاد، والعودة إلى سياسات التأميم التي اتّبعها عبد الناصر في الخمسينات، الأمر الذي يعني صرف النظر عن التعامل مع صندوق النقد الدولي، وسواه من الدائنين الغربيين.
إلا أن طبيعة السياسات الاقتصادية التي تبناها السيسي منذ توليه السلطة رسميًا في يونيو الماضي، وبشكل فعلي منذ يوليو 2013، أدت لاختراق الجيش القطاع الخاص، وتعزيز سيطرته على الاقتصاد في إطار من السياسات النيوليبرالية الحاكمة.
ويرجع الفضل في تضخم الإمبراطورية الاقتصادية للجيش المصري إلي عام 1979، وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد؛ والتي منذ إبرامها بدأ الجيش في الاستثمار في كل شيء في البلاد بدءًا من الزراعة، إلى بناء الطرق والكباري والاستثمار العقاري والصناعات الإلكترونية، مرورًا بمصانع اللبن والدجاج، مزارع تربية العجول والأبقار، مزارع الخضروات والفاكهة، مصانع المعلبات، والمزراع السمكية.
ومنذ الانقلاب العسكري قام السيسي بخفض دعم الطاقة، كما انخفضت قيمة الجنيه المصري بنسبة تقارب 6% مقابل الدولار.