يمكنك الاطلاع على إنفوجرافيك توزيع الكتائب المقاتلة في نهاية التقرير
على عكس أغلب الأنظمة العربية، اعتمد معمر القذافي طيلة سنوات حكمه لليبيا على كتائب تدين له بالولاء عوضًا عن تأسيس جيش نظامي بالمعنى الكلاسيكي، وهو ما يسر عملية انهيار نظامه، خاصة وأنها ارتكزت على المعطى القبلي عوضًا عن البعد الوطني.
وبالنظر إلى التحول السريع الذي شهده الحراك الثوري في ليبيا من حالة الفعل المدني إلى نموذج الكفاح المسلح، ومع الإمداد الذي لقيته مختلف المدن والقبائل التي ثارت ضد نظام العقيد، أفضت ثورة 17 فبراير الليبية إلى إلغاء نظام يحتكر القوة، وتعويضه بنظام معقد يتوزع فيه النفوذ العسكري على أكثر من جهة، ورغم “توحد القوى” الثائرة في مقاومتها لنظام العقيد، إلا أنها سرعان ما تفرقت شيعًا هيكلية مع ولادة العملية السياسية الليبية، التي تغيرت فيها الأهداف لدى مختلف الأطراف.
نحاول في هذا التقرير تشكيل خارطة التشكيلات المسلحة الليبية حسب امتدادها جغرافيًا، وتلخيص مسيرة كل مكون منها في الفترة الماضية، بالإضافة إلى التكتلات التي شكلتها.
الكتائب حسب التوزيع الجغرافي
لم تخل أغلب المدن الليبية الرئيسية من تواجد الكتائب وفق تسميات مختلفة، وساهمت في مختلف المواجهات المسلحة التي غذاها الانقسام السياسي، خاصة مع بروز برلمان الشرق وحكومته، الداعم للواء المتقاعد خليفة حفتر وعملية الكرامة.
العاصمة طرابلس
تعتبر العاصمة طرابلس أهم المدن الليبية لاحتوائها على المرافق الحيوية للبلاد (الوزارات، البنك المركزي،…) وهو ماجعلها مسرحًا لعديد الصراعات المسلحة .
ومن أبرز التشكيلات المسلحة بالعاصمة طرابلس نذكر كتيبة الشهيد محمد المدني التابعة للواء القعقاع، التي سلمت مقرها لوزارة الدفاع وكانت تتخذ من معسكر اليرموك مقرًا لها. كما نذكر قوة الردع الخاصة بقاعدة معيتيقة الجوية، والتي سلمت مقرها إلى سلاح الجو، بالإضافة إلى لواء القعقاع، أو ما يُعرف بكتيبة اللواء الأول لحرس الحدود.
ونجد أيضًا كتيبة الصواعق، والتي تتخذ من مجمع الدعوة الإسلامية مقرًا لها، واستلم المقر مجلس رئاسة الوزراء، وقوة الردع الخاصة، والتي يقودها عبد الرؤوف كاره، وتتمركز في منطقة سوق الجمعة، وتعتبر أول جهاز شرطي مُشكل من الثوار، وظيفته حفظ الأمن داخل العاصمة، بالإضافة إلى كتيبة النواصي المُشكلة من الثوار، وأغلب أسلحتها من مضادات الطيران الـ 14.5 والمشاة، وتشارك في الاشتباكات التي تدور في طريق المطار.
وفي العلاقة بحراسة المنشآت نجد كتيبة حرس المنشآت، والتي يقودها عبد الرزاق أغنيوه وصلاح البركي، والتي تعتبر رأس الحربة في مواجهة كتائب القعقاع والصواعق، وتتمركز في منطقة أبو سليم القريبة من طريق المطار، وحققت تقدمًا ملحوظًا خلال الأيام الماضية، بعد سيطرتها على مناطق نفوذ لكتيبة الصواعق، مثل حي الأكواخ وحي الزهور ووزارة الداخلية. ومن بين القوات التي شاركت في المعارك الدائرة حول المطار، نجد غرفة عمليات ثوار ليبيا، المُشكلة من عدة كتائب من طرابلس وبنغازي والزاوية وصبراتة، وكانت تتمركز في معسكر الـ 27 قبل أن تنسحب منه.
مدينة الزاوية
وفي مدينة الزاوية، الواقعة في الساحل الغربي لليبيا غرب العاصمة طرابلس بحوالي 48 كم، تعتبر كتيبة شهداء الزاوية، والمُشكلة من عدة سرايا أمنية يتجاوز عددها 12 سرية، فيما يصل تعدادها إلى أكثر من 7000 عنصر، أبرز كتائبها المسلحة.
مدينة مصراتة
تشير آخر التقديرات الميدانية إلى بلوغ عدد المقاتلين الفعليين لمصراتة 25000 مقاتل، موزعين على قرابة 230 كتيبة، شكلت لاحقًا ما يُعرف بقوة درع ليبيا الوسطى، وتمتلك هذه الكتائب مجتمعة ما يزيد عن 3500 سيارة مجهزة بمضادات الطائرات وراجمات صواريخ، وما يزيد عن 200 دبابة، وتتمركز أغلبها في معسكرات تابعة للنظام السابق، كما تتمركز باقي الكتائب في ضواحي المدينة.
ومن بين هذه الكتائب نذكر كتيبة الحلبوص، وهي إحدى الكتائب الفاعلة بمدينة مصراتة وتبعيتها القانونية للمجلس العسكري، يترأس الكتيبة العقيد محمد الحداد.
تجدر الإشارة إلى أن ما يُعرف بعملية “القسورة”، وهي عملية عسكرية انطلقت بعد منتصف العام 2014 تحت مسمى قوة حفظ أمن واستقرار ليبيا، شهدت مشاركة مكثفة من كتائب مدينة مصراتة، حيث اعتبرت المدينة المحرك الرئيس لها، وقد شارك في هذه العملية كلا من درع ليبيا الوسطى ( تضم كتائب من مصراتة وزليتن والخمس ومسلاتة)، ودرع ليبيا الغربية (تضم كتائب من مدن غرب طرابلس أبرزها الزاوية وزوارة، بالإضافة إلى كتائب من صبراتة)، وغرفة عمليات ثوار ليبيا (تضم كتائب من طرابلس والزاوية وصبراتة).
مدينة بنغازي
وفي مدينة بنغازي، ثاني أكبر مدن ليبيا سكانًا، وأكبر مدينة في إقليم برقة، توزع المشهد المسلح على أكثر من كتيبة فرقتها لاحقًا التوجهات السياسية.
ومن أبرز هذه الكتائب نذكر كتيبة راف الله السحاتي وكتيبة 17 فبراير وكتيبة شهداء ليبيا الحرة، وهي ثلاث كتائب تضم في صفوفها أغلب الثوار في بنغازي ممن قاتلوا في الجبهات ضد النظام، وتعرف الآن جميعها باسم دروع ليبيا، المنضوية الآن تحت مجلس شورى ثوار بنغازي، كما نذكر كتيبة شهداء الزنتان، وهي إحدى الكتائب التي انضمت لرئاسة الاركان تحت اسم “اللواء 319″، كما عرفت المدينة تواجدًا لكتيبة أنصار الشريعة، التي كانت أحد العناوين التي سوّق بها اللواء المتقاعد “خليفة حفتر” عملية كرامة ليبيا ضد الإرهاب.
بالإضافة إلى كتيبة أبي عبيدة بن الجراح، التي يقودها أحمد أبوختالة، اُختطف من بنغازي 2014 وهو الآن موجود في سجون الولايات المتحدة، وهو أحد المتهمين في مقتل السفير الأمريكي في بنغازي.
الجنوب الليبي
ورغم ابتعاده نسبيًا عن مسرح الصراع المسلح في ليبيا (الشمال)، لم يخل الجنوب الليبي من التشكيلات المسلحة، حيث توجد كتائب تابعة لقبائل التبو، وتتمركز في الحدود الجنوبية الغربية، وكذلك الحدود الجنوبية الشرقية، بالإضافة إلى كتائب تتمركز في مدينة سبها وتتخذ من معسكرات سابقة مقرًا لها.
الكتائب حسب الجهات العسكرية
حاول الفاعلون السياسيون في ليبيا الحد من تشرذم الكتائب، وتجميعها في هياكل توليفية تنسق فيما بينها وتحد من الفوضى، ونجد اليوم كتائب للثوار تتبع المجلس العسكري وتأتمر بأمره، وكتائب أخرى تتبع المنطقة الوسطى العسكرية، وأخرى تتبع وزارة الدفاع مباشرة.
قوات درع ليبيا
تشكلت الدروع رسميًا بتبعية مباشرة إلى رئاسة أركان الجيش الليبي، وبعلم وزير الدفاع آنذاك أسامة الجويلي، تحت شرعية الدولة في ديسمبر عام ٢٠١١، بعد قرابة شهرين من إعلان تحرير البلاد من نظام معمر القذافي، وتعد قوات درع ليبيا أكبر التشكيلات العسكرية في البلاد من حيث عدد الأفراد والعتاد العسكري، ويبلغ عدد منتسبي الدروع 63000 من الثوار السابقين الذين خاضوا الحرب ضد نظام القذافي، وهم من عدة مدن ليبية (بنغازي – البيضاء – طبرق – درنة – مصراتة – زليتن – الخمس – غريان – سبها – طرابلس – الزاوية – صرمان – صبراتة – زوارة).
وقُسّمت لقرابة الخمسة دروع، كل درع في إقليم مُعيّن؛ كدرع الغربية المكوّن من ثوار مدن المنطقة الغربية، والمتمركز في معسكرات غرب العاصمة طرابلس وفي مدينة الزاوية وعلى امتداد الطريق الساحلي وحتى الحدود الليبية التونسية، ودرع (واحد) في بنغازي،َّ ودرع الوسطى في مصراتة وزليطن والخمس ومسلاتة، حيث تقوم بتأمين المؤسسات والأماكن الحيوية، فضلًا عن اشتراكها في ضبط الأمن، والقبض على الخارجين على القانون، وتأمين السجون، المعسكرات، الموانئ البحرية، والحدود.
وقد اعتمد تسليح قوات الدروع بالأساس على ما غنمه الثوار من أسلحة ومدرعات من كتائب القذافي، فضلًا عن مستودعات الأسلحة والذخيرة والصواريخ التي كان يمتلكها نظام القذافي، إضافة إلى دعم مادي، بدأ منذ الأيام الأولى لثورة فبراير، من قِبل بعض رجال الأعمال الداعمين لثورة 17 فبراير.
وانخرطت الدروع في عدة معارك بعد الثورة بإمرة رئاسة الأركان، وفق تعليمات عسكرية محددة، وشاركت في فض نزاعات قبلية وجهوية في مدن كـ (زوارة – الجميل – الكفرة – سبها وغيرها)، إضافة إلى معركتهم الأخيرة ضد قوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر والتي أُطلق عليها عملية الكرامة، وكذلك اشتراك درع المنطقة الوسطى، إلى جانب قوات حفظ أمن واستقرار ليبيا، في المعركة التي لم تزل دائرة لإخراج لواء القعقاع وكتيبة الصواعق من مطار طرابلس الدولي والمعسكرات المحيطة به، فيما يُعرف بعملية فجر ليبيا أو قسورة.
ورغم أنها انبثقت من رحم ثورة 17 فبراير وتعتبر القوة الحامية لمبادئها، إلا أنها أصبحت مثار جدل في الآونة الأخيرة، خاصة في ظل نشوء دعوات انقلابية وتيارات تدعو إلى حل الدروع، وإعادة دمجها في المؤسسات العسكرية، وتعرض مقر قوات درع ليبيا في بنغازي في سبتمبر العام الماضي إلى اقتحام من قِبل مسلحين ومتظاهرين، ودارت اشتباكات حول المقر انتهت بانسحاب الدرع منه بعد سقوط 43 قتيلًا، وأكثر من مائة جريح من الجانبين بينهم مدنيون.
القوة الثالثة
تتكون القوة الثالثة من مجموعة من الكتائب موزعة توزيعًا كاملًا على مناطق مصراتة، أبرزها كتيبة حطين، كتيبة أسود الوادي،كتيبة المدينة، وغيرها، وتتبع مباشرة المؤتمر الوطني والحكومة وهي محل ثقة لديهما، القوة الثالثة منتشرة في أماكن عدة أهمها: سبها – براك الشاطئ – طرابلس – مصراتة – قرب أوباري – حقل أكاكوس النفطي على الحدود الليبية الجزائرية – سرت).
آمر القوة الثالثة المقدم جمال التريكي، ونظام اتخاذ القرار في القوة بالأغلبية، فمجلسها يتكون من 7 أشخاص.
لواء القعقاع
وهو اللواء الأول حرس الحدود، تشّكل بموجب قرار مباشر من وزير الدفاع السابق أسامة جويلي، وحدث خلاف كبير بينه وبين يوسف المنقوش، رئيس الأركان آنذاك، الذي رأى أنها كتائب غير مناسبة، خاصة أنها سُمّيت حرس الحدود وهي غير مرابطة على الحدود الليبية، بل مستقرة في معسكر٧ أبريل الواقع في طريق المطار حتى اليوم.
وينتسب غالبية منتسبي القعقاع إلى مدينة الزنتان في الجبل الغربي، وهم من الثوار السابقين أيضًا بقيادة عثمان المليقطة، ولكن اللواء متهم من قِبل ثوار عملية فجر ليبيا بأنه يضم بين صفوفه عناصر من كتائب النظام السابق، خاصة من اللواء ٣٢ المعزز وكتيبة محمد وكتيبة سحبان.
كتيبة الصواعق
تتمركز في معسكر حمزة في طريق المطار منذ تحرير طرابلس، وتتشكل من ثوار الزنتان السابقين كما ذكر قائد الكتيبة عماد الطرابلسي، وهي متحالفة مع القعقاع، واشتركت معها في اقتحام مقر المؤتمر الوطني العام، وإطلاق الرصاص على بعض أعضائه، وتحطيم محتوياته أكثر من مرة.
الكتيبة 166
كتيبة مكونة من مجموعة من أقوى الكتائب بمدينة مصراتة والأكثر فاعلية مجتمعة، أهمها (المرسى – الطاجين – النمر -الأسود)، ويترأس الكتيبة محمد الحصان آمر الكتيبة، والذي يُعد عسكري حازم جدًا، الكتيبة 166 متمركزة في طرابلس وسرت والجفرة.
اضغط على الصورة للتكبير