كشف مركز الدفاع عن حقوق الأفراد “هاموكيد” الإسرائيلي عن تقرير مذهل يكشف العالم الموازي التي خلقته دولة الاحتلال الاسرائيلي في “منطقة التماس”، أي المنطقة الواقعة بين الخط الأخضر وجدار الفصل العنصري داخل فلسطين المحتلة.
الجزء الأكبر من المعلومات الواردة في التقرير جُمعت من تقارير الأمم المتحدة (خاصة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية). بالطبع وكما هو مُتوقع: التقرير لم يحصل على أدنى قدر من الاهتمام الإعلامي.
هذه محاولة لرصد عدد من الحقائق عن “نظام استخراج التصاريح”، تُرجمت من التقرير الذي نُشر لأول مرة بالعبرية.
1 . “منطقة التماس: هي أراضي الضفة الغربية التي كانت بحكم الأمر الواقع قد ضُمت إلى إسرائيل بواسطة جدار الفصل العنصري. يعيش اليوم 7،500 الفلسطينيين في منطقة التماس ، محاصرين بين الجدار والخط الأخضر . مع الانتهاء من الجدار سوف يزيد عددهم إلى 30،000 . وعموما، فإن منطقة التماس تصادر 9.4 في المئة من أراضي الضفة الغربية.
2 . أكثر من نصف الأراضي في منطقة التماس هي أراض فلسطينية خاصة ، صودرت من السكان الذين يعيشون شرق الجدار.
3 . يجب على الفلسطينيين التقدم بطلب للحصول على تصاريح خاصة لدخول منطقة التماس. وعلاوة على ذلك ، ينطبق هذا الشرط أيضا على المقيمين الدائمين في قرى منطقة التماس للحصول على تصريح من للعيش في الأراضي التي يقطنونها منذ الأزل. بما يناقض المبدأ المنطقي والقضائي والإنساني من أنه يحق للإنسان أن يعيش في أي منطقة يمتلكها، لكن في منطقة التماس، يتم عكس الوضع تماما: الفلسطينيون لا يحق لهم أن يكونوا على أرضهم إلا في ظروف استثنائية، حيث يقع العبء على الطرف الفلسطيني لتبرير وجوده على أرضه! ما يعني أن نظام التصاريح يتم تشغيله في منطقة التماس على أساس العرق، فالإسرائيليون والسياح بإمكانهم الحركة بحرية دخولا وخروجا وداخل منطقة التماس.
4 . “الظروف الاستثنائية” التي تسمح لوجود الفلسطيني داخل منطقة التماس تقع تحت ١٣ فئة، من بينها: وثيقة إقامة دائمة، و مزارع دائم، وموظف في منظمة دولية، ومزارع مؤقت، تصريح للطالب، وتصريح للعامل في المجال الطبي، وتصريح لموظفي السلطة الفلسطينية.
5 . العبارتان “إقامة دائمة”، و “مزارع دائم”هي خداع مطلق، الاحتلال يعطي تلك التصاريح بحد أقصى لمدة ثلاثة أشهر للفلسطينيين، ويتم منح أطول تصريح في حالات نادرة لمدة عامين، كفلسطيني، فقط ٧٪ من حاملي التصاريح للإقامة على أرضهم لديهم الحق في تجديد تصريحهم كل سنتين. إقامتك على أرضك هي دائما مؤقتة، حتى لو كنت قد وُلدت أو عملت طوال حياتك فيها.
من المهم القول أنك طوال تواجدك داخل منطقة التماس ستتم متابعتك من المفتشين الإسرائيليين بشكل شبه يومي وفي كل أنحاء المنطقة، ومن المرجح أنهم سيضيفيون لك أنك “متهم بفقدان الاتصال في منطقة التماس”، ما يستدعي لاحقا ضمك إلى قائمة من الأسماء التي قد تُلغى إقامتها على أرضها.
6 . التصاريح التي استُخرجت لغرض ما لا يمكن استخدامها لغرض آخر، فمثلا إذا كانت لديك قطعة أرض لزراعتها في منطقة التماس، ولديك أقارب لزيارتهم، فلا يحق لك زيارتهم بتصريح “المزارع المؤقت”، لكن يجب عليك استخراج تصريح آخر “للاحتياجات الشخصية”. لا، ليس هذا هو أسوأ شيء، جيش الاحتلال لا يتعامل مع أكثر من طلب واحد لكل شخص في أي وقت، فإن كانت لديك عائلة وأرض، فلن تستطيع زيارتهم أثناء عملك في أرضك!
7 . جيش الاحتلال لا يسمح لشريكين في أرض بالحصول على تصريح، فقط شخص واحد سيُسمح له بالدخول، ومثلا لكي يُسمح لشخص آخر بالعمل في أرضه، مثلا الابن في أرض والده أو الآخ في أرض أخيه، يجب أن يقدم لسلطات الاحتلال عقد عمل بين الأب وأطفاله أو بين الإخوة.
مع العلم أن عدد الفلسطينيين الذين يُسمح لهم باستخراج التصاريح يقل بشكل مطرد.
8 . تجديد التصاريح مهمة شاقة للغاية، عبر العديد من الخطوات التي من المرجح أن يأتي الرفض من أي منها، ومن الطبيعي أن تحدث اضطرابات في كل خطوة من تلك العملية، وأن تتأخر السلطات في نظر الطلب بحجة أن الأوراق لم تُنقل من دائرة تنظر في أمر التصاريح إلى دائرة أخرى، وإذا تعرض فلسطيني للرفض التعسفي، وهو ما يحدث في ٣٠٪ من مجموع طلبات التصريح التي تُقدم، فإن له أن يستأنف أمام محكمة إسرائيلية، وإذا تم رفض طلبه، وهو ما يحدث غالبا، فلن يستطيع تقديم استئناف آخر إلا بعد ٦ أشهر.
9 . من التعسف الذي يقوم به جيش الاحتلال أن يطلب من الفلسطينيين تقديم أوراق تمتلكها سلطات الاحتلال بالفعل على قواعد بياناتها، مثل ملكية أرض ما، إيصالات دفع وما إلى ذلك، وكل تلك الأوراق تكون في مكتب آخر تابع للسلطات الإسرائيلية يُجبر الفلسطينيون على السفر إليه، وهي ما تغدو مهمة شاقة للغاية بالنظر إلى التضييق على حقهم في التنقل.
ومن حيث المبدأ ليست هناك حاجة لكل تلك الوثائق عند تجديد طلب الإقامة، إلا أنه عند انتهاء مدة تصريح ما، يجب على الفلسطينيين أن يخوضوا التجربة كاملة مرة أخرى. مع التأكيد على أن الإسرائيليون يرفضون التقدم بطلبات تجديد الإقامة قبل انتهاء التصريح الحالي.
10 . التعسف الإسرائيلي لا يسمح لأهالي منطقة التماس بالحصول على إقامات عند زواجهم، وعندما ينتقل شخص ما مع شريكه خارج منطقة التماس فإنه بالتبعية يفقد تصريح إقامته تلقائيا.
11 . نظام التصاريح تم تفعيله منذ ٢٠٠٢، حيث أغلقت منطقة التماس أمام الفلسطينيين بالشكل الذي سبق، وعندما تقدم البعض بطلب أمام المحكمة العليا في إسرائيل، تم رفض الطلب بحجة أن ذلك “وضع مؤقت، ناتج عن حقيقة صعبة ومؤقتة كذلك” عشر سنوات من الوضع المؤقت الذي لا يبدو أنه سينتهي قريبا، مثله مثل الاحتلال.
من المؤكد أن نظام التصاريح ذلك لا يهدف إلى حماية دولة الاحتلال وإنما إلى مضايقة الفلسطينيين حد إجبارهم على الهجرة، ويؤيد ذلك أن نظام التصاريح المشابه في الضفة الغربية تم إقراره ليس مع موجة العمليات الفدائية التي تبعت مجزرة الحرم الإبراهيمي في ١٩٩٤، وإنما قبل ذلك بثلاث سنوات للفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين تمهيدا لاتفاقات أوسلو لاحقا.