لم يجتمع التونسيون حول رأي واحد وملف واحد كاجتماعهم هذه الأيام حول حملة #وينو_البترول التي أطلقها نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي مطالبين من خلالها بفتح ملف الثروات الطبيعية الذي ظل دائمًا، حتى بعد الثورة، من الملفات التي تستحي دائرة الضوء من أن تشملها.
وتعود بدايات الحملة إلى الاحتجاجات التي شهدتها منطقة الفوار في محافظة قبلي، في الجنوب التونسي، التي اندلعت على إثر الإعلان عن اكتشاف بئر نفطية جديدة؛ احتجاجات حركتها حرقة أهالي المنطقة على ما تنتجها أرضهم وأرض أجدادهم دون أن ينعكس ذلك على وضعهم المعاش من تشغيل وتنمية وبنية تحتية.
واعتمدت الحملة على استعمال مكثف لوسم #وينو_البيترول وما تفرع عنه من وسوم مثل #ويني_ثروات_بلادي و#وينو_الملح (وينو = أين بالعامية التونسية) سواء عبر التغريدات المختلفة أو حتى في التعليقات في الفيسبوك وتويتر على حد سواء.
الشفافية وحق النفاذ إلى المعلومة
وبحسب القائمين على الصفحة الرسمية للحملة على فاليسبوك، فإن الحملة تهدف للضغط على الحكومة والبرلمان من أجل مصارحة عموم الشعب بتفاصيل هذا الملف من جرد مفصل لمقدرات البلاد وتفاصيل العقود التي تستغل بها الشركات العالمية آبار النفط أو مقاطع الملح.
ويعود نجاح الحملة، بحسب القائمين عليها، إلى خلوها من أي لون حزبي؛ ما جمع حولها مختلف فئات المجتمع التونسي بمختلف توجهاتهم، معتبرين أن حالة الالتفاف الواسع حول الحملة تبرهن على استبطان الوعي الجمعي التونسي لقيم التحرر الوطني ومبادئ الدستور التي كفلت للجميع حق النفاذ إلى المعلومة، بالإضافة إلى أنها ساهمت في خلق حالة من التضامن الوطني الذي غيبته السجالات السياسية.
مشاهير يشاركون في الحملة
ورغم جدية الموضوع الذي تثيره الحملة، فإنها لم تخل من طرائف تنزيلها لدى مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي الذين سارعوا لنشر مضمون حملتهم على حسابات مشاهير العالم كباراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وفرانسوا هولوند، رئيس فرنسا.
تغريدات متنوعة
وبالرجوع إلى هاشتاج #وينو_البيترول، يصادفنا إبداع في طرق إيصال الرسائل، حيث توزعت بين الجاد وبين الساخر والهزلي:
الساسة يتفاعلون
وبالنظر إلى الحجم الذي أخذته هذه الحملة، سارع الساسة لبيان مواقفهم من الحملة، حيث صرح بدر الدين عبد الكافي، عضو لجنة الطاقة في مجلس نواب الشعب، لـ “حقائق أون لاين” اليوم الأربعاء 27 مايو 2015، أنّه من حق الشعب الاطلاع على ملف الطاقة بكل شفافية وذلك لما شاب الملف من شبهات وتعتيم قبل الثورة على حدّ وصفه.
وأوضح أن لجنة الطاقة بمجلس نواب الشعب تتابع عن كثب حملة “وينو البترول” التي أطلقها ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، داعيًا إلى ضرورة الابتعاد عن ردود الفعل المتشنجة والشعارات الشعبوية حتى لا يتم تخويف المستثمرين.
وبيّن النائب عن حركة النهضة، أنّه سبق له أن طرح على اللجنة البرلمانية ضرورة عقد ندوة وطنية أمام الرأي العام حول ملف الطاقة لتبيان الحقيقة من الخيال حتي لا يقع بعث الأوهام، مشدّدا في السياق ذاته على ضرورة محاسبة كل من يقف وراء التجاوزات الحاصلة في السابق في ملف الطاقة.
ومن جهة أخرى، اعتبر الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية معز السيناوي في تصريح إذاعي اليوم الأربعاء، أنّ الحملة الواسعة التي طغت على شبكات التواصل الاجتماعي تحت عنوان “وينو البترول” حملة دعابة فيسبوكيّة .
وكان وزير الطاقة والمناجم زكرياء حمد قد أكّد في تصريح له اليوم الأربعاء، أن حملة “وينو البيترول” مبالغ فيها، مؤكدًا أن الوزارة تسعى لكشف المعلومة المتعلقة بالإمكانيات التونسية للطاقة للرأي العام.
إذًا التونسيون هم اليوم يطالبون بحقهم في معرفة حجم ثروات بلادهم الطبيعية، وأيا كان حجمها الحقيقي، فإن إجابة السلطة على هذا السؤال سيساهم في تقليص نفوذ الإشاعة التي عادة ما تكون سببًا في اهتزاز الثقة بين السلطة والشعب، متى غاب الوضوح.