استطاع المغرب اجتذاب شركات الطاقة الأجنبية بفضل عامل الاستقرار، لاسيما في المنطقة التي شهدت اضطرابًا في السنوات الأخيرة، علاوة على الشروط المالية السخية كما هو منصوص عليه في إستراتيجية الطاقة التي اعتمدت في 2009؛ حيث ستكون الشركات قادرة على الاحتفاظ بـ 75% من مجموع الإيرادات، بينما تذهب الـ 25% المتبقية إلى الحكومة المغربية.
منذ عام 1965، حفرت شركات النفط ما يزيد عن 300 بئر في المغرب، ولازال المغرب ينتظر أول اكتشاف للنفط، فهو البلد الوحيد غير المنتج للنفط في شمال أفريقيا، يستورد حاليًا نحو 95% من احتياجاته الطاقية، ورغم ذلك ارتفعت عمليات الحفر في العامين الماضيين، مع أمل منحته التكنولوجيا المتقدمة، التي تعطي فهمًا أفضل للتكوينات الجيولوجية، وساهمت بشكل كبير في تحسين عمليات التنقيب.
بيع الوهم
في صيف 2000 أطل وزير الطاقة والمعادن آنذاك، يوسف الجوطي، على المغاربة بتصريح يؤكد فيه أن آبار تالسينت (المنطقة الشرقية) تحتوي على احتياطي من النفط يقدر بـ 1.5 مليار برميل، وأن استغلالها سيكون سنة 2003، ومن شأن هذا الاكتشاف أن يؤمن الطاقة لـ 25 أو 30 سنة.
واعتبر المغاربة أن عملية الاستغلال ليست سوى مسألة وقت، لكن وزير الطاقة ابتلع لسانه، بعدما اكتشف أن ذلك لم يكن سوى مقلب واحد من كبار شياطين البورصة، وهو ميكايل كوستين رئيس شركة “لون سطار” الذي كان وراء الإشاعة بهدف مضاعفة أسهم شركته في البورصة، وهو ما حدث فعلاً، حيث قفزت الأسهم إلى مستوى عالٍ جدًا، بعدما كانت تعيش على وقع الركود والجمود، ونال حظوة مالية كبيرة.
أثار ذلك غضب المغاربة، لكنه في نفس الوقت أسال لعاب الشركات الكبرى التي سارعت إلى طلب رخص التنقيب عن الذهب الأسود داخل جغرافية المغرب، وكذلك سارعت هذه الشركات بتحويل عتادها إلى المغرب، وتم إجراء تحاليل سيبرانية على آلاف الكيلومترات من الأراضي المغربية برًا وبحرًا، مما أدى إلى اكتشافات مهمة من الغاز في طبقات تنتمي إلى الحقبة الجوراسية.
أمل في الأفق
في عام 2014، انضمت عدد من الشركات الصغرى إلى اللاعبين الكبار مثل “بي. بي BP” و”شيفرون”، وأنفقوا ما مجموعه 500 مليون دولار على حفر 30 بئرًا، 10 منها في عرض البحر، وأكثر من ضعف المبلغ تم إنفاقه على عمليات الحفر الممتدة بين عامي 2003 و2013، في حين أعلنت كل من شركتي “بي بي” و”شيفرون” على توسيع عملياتها قبالة سواحل المغرب خلال العقد المقبل.
وتدعو شركات الطاقة إلى التفاؤل من خلال النتائج الإيجابية التي توصلت إليها في المنطقة، كما عرف سعر أسهم الشركة الإيرلندية “سيركل أويل” ارتفاعًا بنسبة 25% بعد إعلانها في أواخر ديسمبر الماضي عن اكتشاف الغاز في البئر الواقع على المناطق البرية بالقرب من نهر سبو، كما أعلنت شركة “غولف ستاندز” البريطانية، في فبراير من العام الجاري، للمرة الثالثة عن اكتشاف احتياطي مهم من الغاز الطبيعي بالمنطقة المعروفة باسم “مركز الغرب” نواحي القنيطرة، والتي كانت قد شرعت فيها خلال الأسابيع الأخيرة من يناير الماضي؛ أي مباشرة بعد اكتشافها للغاز بمنطقة دردارة قرب شفشاون مطلع السنة الجارية، وأعلنت في أغسطس 2014 عن اكتشاف مخزون من الغاز الطبيعي في بئر للايطو الواقع بمنطقة الغرب، مؤكدة أن البئر الجديد سيوفر ما يقارب 180 ألف مترًا مكعبًا من الغاز الطبيعي يوميًا.
وتراهن شركات النفط العالمية على المغرب كواحد من الحدود المتبقية في شمال أفريقيا، والأمل الكبير الذي يعلقه اللاعبون الكبار له ما يبرره، كما سبق الذكر فمعظم الإيرادات تذهب للشركات الأجنبية “خبز الدار يأكله الأجنبي” (مثل مغربي) أما عن الـ 25% المتبقية، سوف توزع على 32 مليون مواطن مغربي، هذا في حال ما كنت تلك الأيادي التي ستصل لها أول مرة آمنة بما يكفي لحفظ ذاك الفتات.