تعتبر الحملات الانتخابية هي البعد التسويقي لأي حزب سياسي، حيث تسعى الأحزاب المتنافسة إلى بذل جهود استثنائية خلال فترة ما قبل الانتخابات؛ لإقناع المواطن بجدوى التصويت لأحزابهم، وتلجأ الأحزاب السياسية التركية للعديد من الأساليب خلال سياق الحملة الانتخابية لإظهار مدى قوتها في الشارع، وعرض برامجها الانتخابية، وعادة ما تشهد فترة الحملات الانتخابية شن حملات إعلامية متبادلة بين الأحزاب يوجه خلالها الأحزاب الانتقادات لبعضها البعض، مبرزين وجهًا ديمقراطيًا حقيقيًا في التعبير عن الآراء المختلفة.
ويتصدر حزب العدالة والتنمية الحاكم، بالإضافة إلى حزب الشعب الجمهوري، وحزب الحركة القومية، وحزب الشعوب الديمقراطي، الساحة الإعلامية، حيث تقوم هذه الأحزاب بتنظيم حملات إعلامية انتخابية في مجمل المدن التركية، وتأخذ هذه الحملات وجوهًا عدة.
من أبرز شواهد الحملات الإعلامية للأحزاب هي تنظيم اللقاءات العامة في المدن التركية، فقد أعلن أحمد داوود أوغلو أن حزب العدالة والتنمية سينظم 60 لقاءً عامًا في مختلف المدن التركية، نظم منها حتى الآن أكثر من 52 لقاءً مفتوحًا، كان على رأسهم رئيس الحزب والحكومة، أحمد داوود أوغلو.
وقد بلغ عدد اللقاءات العامة التي نظمها حزب الشعب الجمهوري 39 لقاءً، بينما نظم حزب الحركة القومية 26 لقاءً عامًا، وحزب الشعوب الديمقراطي 23 لقاءً عامًا.
بالإضافة للقاءات العامة، تنظم الأحزاب السياسية الفعاليات المختلفة، وينتشر أعضاء الحملات الانتخابية في أرجاء المدن، حيث يقومون بتوزيع المنشورات الحزبية، البرامج الانتخابية، وتعليق اللوحات والأعلام الحزبية ، إلا أن شكل الحملات الانتخابية كان أيضًا جزءًا من الحملة الانتخابية نفسها، فقد قام حزب العدالة والتنمية بالاستغناء عن الملصقات ومنتجات النايلون حفاظًا على البيئة.
وتعتبر المرئيات والصوتيات من أكثر الأمور المُشاهدة في المدن التركية، حيث تجوب حافلات لمختلف الأحزاب في كل شوارع المدن تدعو الناخبين لتأييد أحزابهم، وتقوم الأحزاب عادة بإنتاج أنغام وأغانٍ خاصة للحملة الانتخابية، لإثارة الحماس لدى مؤيدي الحزب، وقد اتجه أيضًا حزب العدالة والتنمية إلى ترشيد استخدام الوسائل الصوتية، خصوصًا في المناطق التي تحوي مرافق عامة كالمدارس والمستشفيات ودور العبادة، كما صرح بذلك رئيس الحزب أحمد داوود أوغلو.
بالإضافة إلى الوسائل التقليدية للحملات الانتخابية، فقد ركزت الأحزاب السياسية على وسائل التكنولوجيا الحديثة في دعايتها الانتخابية، حيث ركزت الأحزاب الكبرى، خصوصًا حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري، على الدعايات الإلكترونية التي امتلأت بها صفحات الإنترنت، حتى إن المشاهد لا يستطيع أن يشاهد أي فيديو على اليوتيوب بدون أن تظهر لها دعاية انتخابية لهذا الحزب أو ذاك.
وتعتبر السوشيال ميديا ساحة انتخابية بامتياز، حيث تقوم الأحزاب المختلفة ومؤيدوها بنشر أخبار الحملات الانتخابية واللقاءات العامة على تويتر وفيسبوك بصورة مكثفة، ومن المفاجئ أن ساحات السوشيال ميديا شهدت وجودًا ملحوظًا لحزب الشعوب الديمقراطي، خصوصًا على تويتر، خلال اللقاءات العامة التي يقوم بها صلاح الدين ديمرطاش، الرئيس المشارك للحزب.
وقد ابتدع حزب الشعوب الديمقراطي أسلوبًا جديدًا للدعاية الانتخابية في الميادين الكبرى، مثل ميدان القاضي كوي في الطرف الأسيوي من إسطنبول، حيث ينظم أفراد الحزب بشكل عفوي ما يشبه رقصة الدبكة، وتحظى هذه الفعالية بمتابعة المارة خصوصًا من الأجانب.
وتقوم المنابر الإعلامية التابعة للدولة، وبتكليف من المجلس الأعلى للانتخابات، بتخصيص مساحة إعلامية لكل الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات، وقد قامت قناة التي أر تي التابعة للدولة بتخصيص مساحة إعلامية للأحزاب جاءت على الشكل التالي:
3 لقاءات لحزب العدالة والتنمية مدة كل لقاء 10 دقائق، بالإضافة إلى لقاء يمتد نحو 20 دقيقة، حزب الشعب الجمهوري 4 لقاءات بنحو 10 دقائق لكل لقاء، وحزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي 3 لقاءات بنحو 10 دقائق لكل لقاء، بينما يحق للأحزاب الـ16 المتبقية في يومي 31 مايو الحالي و6 يونيو بإجراء لقاءين على قناة التي أر تي لمدة 10 دقائق.
وقد وجه المجلس الأعلى للانتخابات في الفترة الماضية تحذيرًا لشبكة التي أر تي، للخروج عن توجيهات المجلس الأعلى للانتخابات بخصوص المساواة في تمثيل الأحزاب إعلاميًا، حيث تشكو الأحزاب أن منابر الدولة الإعلامية مخصصة لدعم حزب العدالة والتنمية، ضمن حملته التي تهدف إلى تحويل إمكانيات الدولة لخدمة الحزب.
ويتهم المعارضون الحزب الحاكم، وأردوغان بمحاولة التأثير على حيادية الإعلام الحكومي، من خلال تنظيم أردوغان لمؤتمرات ولقاءات بشكل شبه يومي في مختلف المدن التركية، والتي تُنقل بشكل مباشر عبر قنوات التي أر تي ، ويدعي المعارضون لأردوغان بأن الرجل يشارك بالحملة الانتخابية للحزب بشكل أو بآخر من خلال هذه اللقاءات التي يشاهدها عشرات الآلاف من الناس.
ورغم هذه التجاوزات خلال الحملات الانتخابية، إلا أن جميع الأحزاب السياسية تقوم بحملاتها الإعلامية الانتخابية المختلفة بدون مشاكل تٌذكر، أو مضايقات من أي طرف، وتبقى الأيام القليلة الماضية هي الفترة الأهم للحملات الانتخابية؛ التي سيركز فيها كل حزب على تفعيل كافة قدراته الترويجية، من أجل كسب أصوات الناخبين قبل حلول فترة الصمت الانتخابي، في السادس من يونيو القادم.