محمد سلطان: الجنسية مقابل الحرية

24fcee3b-d884-4b41-9d0b-a00b46fb98d9-2060x1236

سلمت مأمورية من الإنتربول المصري ومصلحة السجون الناشط المصري الأمريكي محمد سلطان إلى أمريكا، بعدما جرى ترحيله صباح اليوم في طائرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد طلب الإنتربول من مصر تسليمه إلى الدولة التي يحمل جنسيتها وهي أمريكا، بموجب القرار الجمهوري رقم 140 لسنة 2014 الصادر في نوفمبر من العام الماضي بشأن تسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم إلى دولهم، وذلك لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة.

حيث نشرت أسرة سلطان بيانًا على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تقول فيه إن الولايات المتحدة استطاعت تأمين خروج نجلهم إلى أمريكا حيث تقطن العائلة بعد تشريد اثنين منها في السجون المصرية، وأعربوا عن امتنانهم كذلك لكل من بذل جهدًا ساهم في الإفراج عن سلطان، وأكدت أن التركيز في الفترة القادمة سيكون على علاج سلطان واسترداده عافيته بعد الأضرار التي لحقت به في السجن جراء إضرابه عن الطعام الذي تجاوز 490 يومًا؛ ما أدى إلى تدهور شديد بصحته.

https://www.facebook.com/osoltan94/posts/10153884431492306?pnref=story

أكد أحد أعضاء هيئة الدفاع عن سلطان أن تنازل سلطان عن الجنسية المصرية كان السبيل الوحيد لموافقة السلطات المصرية على ترحيله لأمريكا، ولا يُعد سلطان الأول الذي يضحي بجنسيته المصرية من أجل الحصول على الحرية في مصر، ففي فبراير الماضي أفرجت السلطات المصرية عن الصحفي بشبكة الجزيرة الإخبارية محمد فهمي، بعد تنازله عن الجنسية المصرية، حيث قبل عرضًا من جهات سيادية مصرية بالتخلي عن جنسيته المصرية والاحتفاظ بالجنسية الكندية مقابل إطلاق سراحه على ذمة قضيته المعروفة إعلاميًا باسم “خلية الماريوت” المتهم فيها بجانب عدد من الصحفيين المنتمين لشبكة الجزيرة الإخبارية.

محمد سلطان، خريج جامعة ولاية أوهايو الأمريكية، قضى قرابة العامين داخل السجون المصرية دون أي تهم محددة، حيث تم اعتقاله أعقاب فض ميداني رابعة العدوية والنهضة، وذلك بتاريخ 27 أغسطس 2013، أثناء زيارة مجموعة من أصدقائه له بمنزله في القاهرة لإصابته بطلق ناري في أحد ذراعية، حتى إنه لم يكمل علاجه واضطر خلال فترة اعتقاله لإجراء عملية جراحية داخل زنزانته بواسطة “كماشة” لرفض السلطات نقله إلى مستشفى مجهزة.

سلطان البالغ من العمر 26 عامًا، كان قد حُكم عليه بالسجن المؤبد هو و35 آخرين متهمين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ “غرفة عمليات رابعة”، في جلسة 11 أبريل الماضي لمحكمة جنايات القاهرة برئاسة قاضي الإعدامات ناجي شحاتة، والتي أيد فيها حكم الإعدام بحق 11 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين كان من بينهم والده الدكتور صلاح سلطان رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر.

خاض سلطان معركة الأمعاء الخاوية مع النظام المصري بدايةً من 26 يناير من العام 2014 بعد دخوله في إضرابٍ مفتوحٍ عن الطعام، استمرت المعركة 490 يومًا  فقد فيها نصف وزنه، وتعرض فيها لفترات حرجة كادت تودي بحياته، فكانت إدارة سجن ليمان طرة قد نقلته في أكتوبر الماضي إلى مستشفى المنيل الجامعي، بعد أن وصل ضغطه إلى 80/30، ووصل معدل السكر في الدم إلى 45، ووصل الأسيتون في عينه البول إلى +3، وكل هذه المعدلات الطبية تدل على تردي شديد في صحة سلطان، انتشرت وقتها صورة له على مواقع التواصل الاجتماعي، بدا فيها شاحب الوجه فاقد الوزن وكان كذلك مكبل اليدين في سرير المستشفى، فيما لم يتسطع حينها الخروج إلى جلسة محاكمته.

كما نقل مرة أخرى في  ديسمبر إلى قسم الطوارئ بمستشفى القصر العيني، بعد حدوث نزيف داخلي وتقيؤه للدم، لرفضه الخضوع للعلاج 10 أيام متواصلة، بسبب التعنت معه من قِبل إدارة السجن ومحاولاتها الضغط عليه لكسر إضرابه، بالإضافة إلى الضغط عليه من خلال ورقة التنكيل بوالده الذي نقلته إلى سجن العقرب وشددت الحراسة عليه في تلك الفترة.

محكمة جنايات القاهرة التي تنظر قضيته رفضت عدة التماسات قدمتها الخارجية الأمريكية والقنصلية الأمريكية في مصر وكثير من المنظمات الحقوقية بالإفراج الصحي عنه، كما رفضت السلطات السماح للقنصل الأمريكي بالدخول إلى المحكمة في جلسات أكتوبر الماضي، وكانت تنقل سلطان إلى الجلسات بواسطة سيارة إسعاف.

الإفراج عن سلطان كان له صداه أيضًا، إذ حاز تفاعلًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاج “#سلطان_انتصر”، أخذ النشطاء ينشرون خلاله تضامنهم مع حالته.

فيما أكد آخرون أن التنازل عن الجنسية المصرية لا يعني التنازل عن الهوية المصرية، والبعض أخذ في الحديث عن تأكيد السلطات على نفسها أن الحصول على الحرية والكرامة يشترط له التنازل عن الجنسية المصرية.

المطرب المصري حمزة نمرة، تفاعل أيضًا مع خبر الإفراج عن سلطان، واصفًا إياه بـ “الجدع”، وتمنى في التدوينة الإفراج عن باقي المعتقلين.

كما تفاعل أيضًا الداعية الإسلامي خالد أبو شادي، وأشار إلى أن انتصار سلطان يتمثل في صموده وثباته على مبادئه.

ونأى البعض عن الحديث عن أي تفاصيل في الإفراج عن سلطان أو الخوض في أمر التنازل عن الجنسية، مؤكدين أن نجاة سلطان من الموت المحتم هو أهم ما في الأمر.

وذهب آخر بعيدًا عن موضوع الإفراج ذاته، وتساءل عن سبيل للتخلي عن الجنسية المصرية للخروج من مصر، وضرورة البحث عن جنسية أخرى تمثل طوق النجاة من مثيلتها المصرية.