ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
في الوقت الذي تم فيه الإعلان في زيوريخ عن القبض على سبعة من مسؤولي الفيفا يشتبه في ضلوعهم في عمليات فساد، طلب المدعي العام السويسري، تقريبًا في نفس الوقت، فتح تحقيق جنائي في شروط منح كأس العالم 2022 إلى قطر، وسبب هذا القرار القضائي، هو الثراء السريع لقطر التي انتقلت في غضون 50 عامًا فقط من بلد فقير للصيادين إلى عملاق نفطي فيه أعلى معدلات العالم للناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد.
الحماية البريطانية
في أوائل القرن العشرين، حكمت قطر أسرة آل ثاني، وبعد تنصيب الشيخ عبد الله بن قاسم آل ثاني حاكمًا على قطر، وقّع البريطانيون معاهدة الحماية مع القطريين في نوفمبر 1916، هذه الحماية المماثلة لتلك التي تفاوضت فيها الإمبراطورية الاستعمارية مع بلدان أخرى في الخليج العربي، وبالتالي أصبحت قطر تحت الحماية البريطانية، وفي مقابل هذه الحماية، فإن القطريين تخلوا عن القيام بأية مفاوضات من دون موافقة البريطانيين، وكان القطريون يعيشون بالأساس على صيد اللؤلؤ وصيد الأسماك، كما كانوا فقراء إلى درجة أنهم كانوا يعانون من سوء التغذية، كما مروا بفترة صعبة للغاية في عشرينات القرن الماضي عند انهيار تجارة اللؤلؤ.
إنتاج النفط
في عام 1939، تم اكتشاف النفط في مدينة دخان، غرب قطر، ولكن عملية استخراجه لم تبدأ حتى عام 1949 بسبب الحرب العالمية الثانية، في عام 1951، كانت قطر تنتج 46.500 برميل من النفط يوميًا، وبالتالي تزايدت إيراداتها إلى 4.2 مليون دولار، مع هذا المال، بدأت قطر عملية التحديث فشهدت خمسينات القرن الماضي ولادة أول مدرسة ومستشفى ومحطة لتوليد الكهرباء، ومحطة لتحلية المياه والهواتف الأولى، وتواصلت عائدات النفط في الارتفاع خلال الستينات، توازيًا مع مواصلة عائلة آل ثاني في تضييق قبضتها على الحكومة المركزية، وتم منح كل أفرادها امتيازات مفرطة.
الاستقلال
تحصلت قطر على استقلالها في عام 1971، نتيجة لانسحاب بريطانيا من جميع التزاماتها العسكرية شرقي قناة السويس، وفي 22 فبراير 1972 استغل خليفة بن حمد خروج والده الأمير أحمد بن علي لصيد الصقور في إيران، ليقوم بعزله من منصبه ويتولى الحكم، وهكذا قطع خليفة نفقات العائلة المالكة المجحفة مشجعًا في الوقت نفسه على الاستثمارات في البرامج الاجتماعية، الإسكان، الصحة، التعليم، والمعاشات التقاعدية.
مغامرة الغاز الكبرى
اكتشفت شركة شل البريطانية، في عام 1971، على ساحل قطر أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، وكان إنتاج النفط القطري في ذلك الوقت لايزال عند أعلى مستوياته ولم يتم استكشاف حقل الغاز على الفور.
وفي ثمانينات القرن الماضي، هوت أزمة النفط بالاقتصاد القطري، في عام 1995، أطاح انقلاب بالأمير خليفة بن حمد، ليتولى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مقاليد الحكم، وكانت أولى إجراءاته تسريع وتيرة تطوير حقل الغاز، وفي ديسمبر 1996، قامت قطر بإنتاج أول شحنة من الغاز المُسال.
في السنوات الخمس عشرة التي تلت ذلك، تم بناء أربع عشرة محطة للغاز المسال بالشراكة مع شركات نفط غربية، كما نوعت شبه الجزيرة من عملائها ليرتفع الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر، نتيجة استقرار إنتاجها من النفط والغاز الطبيعي.
سلطة المال
لتجنب الكثير من الاعتماد على قطاع الطاقة، قامت قطر باتخاذ خطوات لتنويع اقتصادها، في عام 1998، بنت قطر المدينة التعليمية، وهي منطقة بالقرب من العاصمة الدوحة، من خلال إنشاء فروع لعدة جامعات أمريكية، ولكن أيضًا لبعض المنظمات المحلية للتعليم والبحث، وفي الوقت نفسه، أسست قطر في عام 2003 صندوقها للثروة السيادية تحت مسمى جهاز قطر للاستثمار (QIA)، وذلك بهدف إعادة تدوير عائدات النفط والغاز، ويقوم الصندوق باستثمارات كبيرة في بنك باركليز وكريدي سويس، هارودز، بورش، فولكس واجن، وباريس سان جيرمان، وهكذا أصبح جهاز قطر للاستثمار أحد أكبر مالكي العقارات في لندن.
لكن قطر لم تكتفِ بعمليات الاستحواذ الدولية، حيث يقوم البلد بتعبئة كل قواته لجذب المستثمرين الأجانب، ومحاولة التنافس مع المنصات المالية الأخرى في الخليج على غرار دبي، من خلال إنشاءه سنة 2005 لهيئة تنظيم مركز قطر للمال ومقرها الرئيسي في الدوحة، وتركز هذه الهيئة أعمالها على تعزيز إدارة الأصول وإعادة التأمين وشركات التأمين في المنطقة.
كأس العالم
في ديسمبر 2010، تم تعيين قطر رسميًا بوصفها البلد المضيف لبطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022، ولكن سرعان ما راجت شائعات عن وجود 5 ملايين دولار من الرشاوى التي دفعت للحصول على هذا التعيين، وعلاوة على ذلك، ولمجابهة درجات الحرارة المرتفعة في المنطقة، وعدت قطر بتثبيت مكيفات هواء في الملاعب، كما تم التنديد بظروف العمل القاسية للمهاجرين أثناء بنائهم للمرافق الرياضية، ففي سبتمبر 2013، كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن 44، على الأقل، من العمال النيباليين لقوا حتفهم بين 4 يونيو و8 أغسطس 2013، وهكذا أصبح على قطر تحسين صورتها وإنقاذ سمعتها.
المصدر: صحيفة ليزيكو الفرنسية