طرح عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي الصلابي، مبادرة في إبريل الماضي، لا ترتبط بالجسمين الرئيسين في الأزمة: مجلس النواب الليبي والمؤتمر الوطني العام أو رهن الحل باتفاقهما، إضافة إلى محاولة حل الأزمة الليبية بمنأى عن الضغط الذي يمارسه المبعوث الأممي برناردينو ليون.
ويرى الصلابي بضرورة تهيئة المُناخ السياسي والمجتمعي العام لإجراء انتخابات تشريعية تنهي الانقسام السياسي الحالي خاصة وأن مجلس النواب الليبي ستنتهي ولايته في أكتوبر القادم.
واقترح عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وضع خارطة طريق تحدد المراحل والمُدد والإجراءات المتعلقة بالانتخابات والتهيئة لها، محددًا في ذات الوقت مهام الجسم التشريعي الجديد في إعادة وحدة مؤسسات وهياكل الدولة ودعم انطلاق حوار وطني شامل وتقديم وتحسين الخدمات ومعالجة آثار الحرب.
واقترحت المبادرة أن يختار الجسم التشريعي المُنتخب لجنة وطنية سليمة التمثيل تُعد مقترح الدستور المنبثق من الاتفاق الصادر عن الحوار الوطني الشامل ثم يُستفتى عليه، وهو ما يعني انتهاء عمل الأجسام المنتخبة الثلاثة؛ المؤتمر الوطني العام، مجلس النواب، والهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور.
وبحسب مقربين من الصلابي، فقد أبدى عضو المؤتمر الوطني المقاطع ومستشار مجلس النواب في حوار الصخيرات المغربية، الشريف الوافي، تجاوبًا مع المبادرة، وكذلك عضو مجلس النواب زياد دغيم.
مبادئ حاكمة للمبادرة
عقد الصلابي لقاءات مع ممثلين سياسيين وعسكريين لمختلف القوى السياسية بالعاصمة تونس في مايو الجاري من قوات فجر ليبيا وعملية الكرامة، ومجلس النواب الليبي وشخصيات مجتمعية، انتهت إلى مبادئ حاكمة قبل إجراء الانتخابات في أكتوبر القادم، بعد انتهاء ولاية مجلس النواب المنعقد في طبرق؛ منها اتفاق الأطراف على وضع تعريف واضح ومحدد للإرهاب ونبذه ورفض كل أشكال التطرف التي ترفض التعايش وتحارب الاختلاف (أصل وجود الإنسان في الأرض)، ورفض أي شكل من أشكال الانقلابات على المسار السياسي السلمي وعدم قبول أي تبرير أو تشريع للانقلابات واعتبارها شكلاً من أشكال الإرهاب.
وأكد ميثاق المبادئ على ضرورة هيكلة النظام الإداري للدولة في عدد من المحافظات الكبرى تسند إليها كل الميزانيات الخدمية والتنموية، مع تأسيس جهاز أمني يتكون من كل المقاتلين الموجودين في نقاط القتال وتكون مهمته حماية حدود المحافظات الكبرى الإدارية ودعم الشرطة المدنية ومواجهة أي محاولات انقلابية من الداخل.
كما اتفقت الأطراف على إعادة تأسيس وتفعيل وتطوير المؤسسة العسكرية على أن يقتصر دورها على حماية الحدود والوقوف أمام أي خطر أو تهديد خارجي.
وأعلنت التزامها بالسعي إلى تحقيق المصالحات في كل مناطق النزاعات وإعادة النازحين في الداخل والخارج وتعويض المتضررين منهم وإعادة حقوقهم، والالتزام بالاحتكام للقضاء في كل المنازعات والخصومات.
وانتهت إلى الاتفاق على إصدار قانون العفو العام الذي يشمل كل المقاتلين المشاركين في المواجهات من جميع الأطراف من بعد إعلان التحرير في 2011 على أن تتحمل الدولة جبر المتضررين وتعويضهم.
رفض وتحفظات على المبادرة
كان حزب تحالف القوى الوطنية بقيادة محمود جبريل المقيم بدولة الإمارات العربية أول القوى السياسية الليبية التي أعلنت تحفظها على المبادرة في بيان أصدره الحزب على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” في التاسع عشر مايو الجاري، إذ اعتبر الحزب أن إجراء انتخابات برلمانية في ظل انتشار السلاح هو تكرار “للفشل السابق، حيث فرصة الانقلاب على نتائج الانتخابات ماتزال قائمة وقد يتكرر مشهد انقلاب السلاح على الشرعية للمرة الثالثة”.
من جانبه أكد الكاتب والمحلل السياسي صلاح الشلوي في تدوينة له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” وجوب الانطلاق من مسودة المبعوث الأممي برناردينو ليون مع إجراء تعديلات عليها، إذ إن كافة القوى السياسية المتنازعة ستجد لها مكانًا ضمن المسودة، رغم اعتراضه على بعض بنود المسودة كالإخلال بالتوازن السياسي في المسودة بين صلاحيات مجلس النواب الليبي، وبين المؤتمر الوطني العام الذي ضمنت له المسودة تمثيلاً شرفيًا تحت مسمى “مجلس الدولة”.
وفي ذات السياق رأى مراقبون أن نتائج الانتخابات ستكون في صالح معسكر عملية الكرامة، مستثنيين مدنًا بعينها كمصراتة وبعض مدن الجبل الغربي، بسبب التشويه الإعلامي المحلي والدولي الذي تعرض له تيار الرافضين للانقلابات العسكرية وإدماجهم في بوتقة واحدة مع التيارات المتشددة الرافضة للعملية السياسية.
بينما علق آخرون إجراء الانتخابات التشريعية على شرط أن تكون الحكومة المنبثقة عن البرلمان القادم توافقية وتمثل كل التيارات والأطراف الفاعلة على الساحة ويكون هذا الشرط ملزم لجميع الأطراف، معتبرين أن نتائج الانتخابات ستكون كارثية إن لم تحقق هذا المطلب.