عشرون قتيلاً وعشرات الجرحى من قوات النظام الأسدي في معارك بريف اللاذقية، تناثر لجثث القتلى وسط الغابات بعدما عجزت قوات النظام عن سحبها، تقدم ميداني للمعارضة السورية المسلحة على الأرض، معارك مشتعلة في عدة جبهات بين قوات الأسد وعناصر المعارضة المسلحة، استغاثة بحزب الله وعناصره يبدو أنها لم تفلح ميدانيًا حتى الآن.
سقطت تدمر، سقطت جسر الشغور، سقطت إدلب كاملة بعد معارك أريحا، فرار لعناصر النظام باتجاه سهل الغاب بريف حماة واتجهت الأنظار نحو الساحل السوري، جن جنون النظام الذي لجأ للقصف عشوائي عله يوقف زحف المعارضة المسلحة على الأرض من كل اتجاه، ولكن معركة الساحل ستكون هي الفيصل.
الحليف الإيراني للنظام السوري يشاهد كل هذه التطورات الميدانية وبالطبع يستعد للتدخل السريع، وذلك عبر جنرال الشرق الأوسط في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، حيث ترددت الأنباء عن إجراء سليماني زيارة خاطفة إلى قرية جورين في سهل الغاب بريف حماة، دون تحديد زمن الزيارة ومدتها.
قرية جورين في سهل الغاب، تعد نقطة التقاء بين أرياف اللاذقية وحماة وإدلب وكلها نقاط معارك مشتعلة بين النظام وقوات المعارضة المسلحة بمختلف تشكيلاتها، وهي التي تفصلهم عن الساحل، لذلك فسرت الزيارة على أنها استعداد لمواجهات عسكرية حماية للساحل السوري، خاصة وأن الأنباء الواردة تؤكد أن سليماني اصطحب معه في هذه الزيارة رئيس أركان الجيش السوري علي عبد الله أيوب، وبعض القادة الميدانيين لحزب الله في سوريا، لإنهاء ترتيبات معركة الساحل، حيث قامت هذه المجموعة بجولة على محاور القتال حول قمة النبي يونس بريف اللاذقية.
هذه الأنباء أتت بعد تأكيدات عن وصول دعم إيراني للنظام السوري متمثل في 1500 عنصر مقاتل من الحرس الثوري الإيراني إلى ريف اللاذقية غربي سوريا، هذه القوات ستكون مهمتها الأساسية تسلم نقاط تمركز قوات النظام الأسدي ومليشيات الدفاع الوطني وحزب الله اللبناني، بحيث ستتولى أمر إدارة نقاط الحراسة على هذا المحور من الجبهة، للتصدي لهجوم المعارضة.
المعارضة السورية تؤكد بعض من هذه المعلومات، إذ تشير عناصر ميدانية من الجيش الحر رصدها لتحركات مريبة في ريف اللاذقية، غير أنهم لم يتأكدوا حتى الآن من وصول الدعم الإيراني إلى هناك، ولكن ثمة إشارات لمكالمات اُلتقطت من داخل ريف اللاذقية تضم محادثات لعناصر باللغة الفارسية، يُعتقد أنها قوات إيرانية.
ومن المتوقع أن يستخدم النظام السوري هذا الدعم في السيطرة على جبل الأكراد عن طريق شن هجوم واسع، بهدف إقامة خط دفاع أمامي لصد محاولات تقدم المعارضة المسلحة نحو الداخل في الساحل السوري، خاصة مع قرب إعلان المعارضة المسلحة في إدلب التي يقودها جيش الفتح عن بدء معركتهم في الساحل.
وردًا على هذه التحركات الإيرانية على جبهة الساحل، قامت بعض فصائل المعارضة السورية المسلحة بشن سلسلة من الهجمات على نقاط تمركز للنظام لمحاولة إرباك قوات الدعم الإيراني، وهو ما ردت عليه قوات النظام بقصف مدفعي عشوائي.
يشار إلى أن كتائب جيش الفتح تسعى لبسط كامل سيطرتها على محافظة إدلب، حيث يتبقي لقوات النظام عدة مناطق تسيطر عليها أهمها مطار “أبو الظهور” العسكري المحاصر في الريف الشرقي، وبلدتا الفوعا وكفريا المواليتان في الريف الشمالي، وحواجز متوزعة على طريق أريحا اللاذقية في الساحل السوري، ومن ثم ستبدأ ترتيبات معركة الساحل الوشيكة ولكن من جانب المعارضة.
وخلال هذه المعارك الأخيرة في بلدة أريحا التي سقطت في أيدي مقاتلي المعارضة، فإن قوات النظام في أريحا فرت أمام مسلحي المعارضة بعد ساعات من بدء القتال، وهو استمرار لمسلسل فرار قوات النظام التي هربت مسبقًا من إدلب وجسر الشغور والمسطومة والقرميد، ومن ثم تجمعت في أريحا، وعمل النظام السوري طوال هذه الفترة على تزويدها بكميات هائلة من الأسلحة والذخائر بجانب دعمها بعناصر أجنبية لبنانية وأفغانية وأخرى إيرانية، لكي تتمكن من وقف تقدم كتائب المعارضة، وهو ما لم يحدث، لذا كانت صدمة النظام هائلة جعلته يستعين بإيران، لعلمه بقرب معركة الساحل.
النظام السوري كان يعول على أريحا كثيرًا متمنيًا أن تصمد أمام قوات المعارضة أكثر من ذلك لكن المفاجأة أنها سقطت خلال ساعات فقط، وهو ما يدلل على تراجع كبير في معنويات قوات النظام من ناحية وعلى تنظيم المعارضة لصفوفها من ناحية أخرى، وهو ما استوجب دعمًا إيرانيًا سريعًا.
على الصعيد السياسي للنظام السوري ووفق التطورات الميدانية الجديدة على الأراضي السورية، حيث منيت قوات الأسد بعدة هزائم متلاحقة، خرج وليد المعلم وزير خارجية النظام السوري ليؤكد على العلاقة بين نظامه والنظام الإيراني والروسي أعمق مما يتخيله البعض، كما أكد المعلم أن النظامين الإيراني والروسي لن يتوانا عن تقديم الدعم للنظام للوقوف بوجه ما أسماه “التآمر اليومي على سوريا”.
ما يُقرأ من هذه التصريحات أن النظام السوري متململ وقلق للغاية بعد هذه الخسائر التي مني بها على الأرض، ولذلك فإن مثل هذه التصريحات تعبر عن استنجاده بالروس والإيرانيين للتدخل السريع لإنقاذ الموقف المتدهور ميدانيًا، وهو ما لقى استجابة ميدانية على الأرض بعدها بالحديث عن زيارة ميدانية للجنرال قاسم سيلماني.
هذه الاستعدادات السورية الإيرانية لمعركة الساحل ربما تعبر عن وجهة نظر إيران في حالة تدهور الأوضاع الميدانية أكثر من ذلك بأن يلجأ النظام إلى التحصن في الساحل السوري، وذلك بمساعدة عسكرية إيرانية، لتدار المعركة من هناك في حالة سقوط دمشق في أي لحظة، هذا الأمر يطلب مواجهة الزحف نحو الساحل من الآن، وعدم انتظار المعارضة السورية المسلحة للتوغل أكثر من ذلك.
خاصة وأن هناك شبه يقين إيراني أن الميدان في المعارك الدائرة بين النظام السوري والمعارضة المسلحة لن تكون في صالح نظام الأسد في الأيام القادمة، بعد الإعلان عن تنسيقات تركية أمريكية لتفعيل حظر جوي على النظام السوري ما سيصيب القوة الضاربة التي يعتمد عليها النظام السوري في مواجهته مع المعارضة بالشلل التام، وهو ما يتطلب الجاهزية التامة للمقترح الإيراني باللجوء إلى الساحل السوري وانطلاق القتال منه بعد تحصينه كقاعدة لنظام الأسد، وهو ما يتم بالفعل الآن بالتعاون بين الجانبين، حيث تتولى عناصر إيرانية تأمين حدود الساحل، ويتولى النظام السوري الآن تطوير البنية التحتية والمرافق الأساسية بمدن الساحل، استعدادًا لاستقبال الأسد في أي لحظة.