إذن هي برامج تدريبية للمعارضة السورية “المعتدلة” على حد وصفهم، قد بدأت على الأراضي التركية والأردنية، هذا ما أعلنه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قبل ذلك، حيث أكد أن بلاده والولايات المتحدة بدأتا عملية تدريب مقاتلي المعارضة السورية على الأراضي التركية.
برامج تسليح وتدريب المعارضة السورية، تقودها الولايات المتحدة مع مجموعات مختلفة من الفصائل المسلحة منتقاه بعد أشهر من التأخير، إذ تعتزم الولايات المتحدة تدريب نحو خمسة آلاف مقاتل سوري سنويًا في السنوات الثلاث المقبلة بمقتضى البرنامج الذي كان مقررًا أن يبدأ في مارس الماضي بعد أن وقّعت الولايات المتحدة اتفاقًا بشأنه مع أنقرة.
الفصائل السورية المقاتلة وافقت على الانضمام إلى هذا البرنامج بجهود تركية، وأكدت أنها وافقت على دخول التدريبات دون أي شرط أو قيد من أي طرف، بعدما عُرض عليهم ما يتضمنه هذا البرنامج من تدريبات، فهو عبارة عن تأمين لغطاء جوي على الأرض وتسليح كامل للمقاتلين، بالإضافة لتدريبات على السلاح النوعي ودعم مالي مقدم من الولايات المتحدة.
فوجئت الفصائل بعد أن انضمت لبرنامج التدريب أن واشنطن تشترط عدم مهاجمة المعارضة المدربة في هذا البرنامج للقوات النظامية للجيش السوري، مع حصر استخدام هؤلاء المدربون على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميًا باسم “داعش”.
يؤكد بعض المعارضين أن هذا الشرط جديد عليهم، وأنهم قبلوا بهذا البرنامج دون أي شروط مسبقة، وشهدت على ذلك تركيا، ولكن هذا الشرط لم يكن بالفعل موجودًا في البداية، ولكنه نقل شفاهة عبر ضابط الارتباط التابع لوزارة الدفاع الأمريكية الذي أخبر عناصر المعارضة في البرنامج بأن عليهم أن يوقعوا على وثيقة تتعهد بذلك، مؤكدًا أن الأموال المخصصة من البنتاغون لهذا التدريب هي بهدف محاربة تنظيم الدولة فقط.
على إثر هذا الموقف أبدى مقاتلون استعدادهم للانسحاب الفوري من هذا البرنامج، حيث أكد أعضاء من داخل التدريبات أن هناك ما يزيد عن ألف عنصر قد ينسحبون من البرنامج في أي لحظة، بعد هذا الاشتراط الأمريكي، فيما أبدت تركيا تعجبها من هذا الشرط الأمريكي، وأكدت أنها ستراجع الموقف الأمريكي وتدعم المعارضين لهذا الشرط.
إذا تم هذا الانسحاب المحتمل لهذه العناصر فإنه سيمثل ضربة قوية للقوة المشكلة من المعارضة التي تحاول واشنطن إعدادها لدخول حرب برية أمام تنظيم الدولة في سوريا، بعدما تركت أمر الحرب البرية على التنظيم في العراق للحشد الشعبي والحكومة العراقية، فيما لازالت تبحث عن فصيل مسلح ليكون ظهيرًا أرضيًا في هذه الحرب بسوريا، في الوقت نفسه قد يؤدي هذا الشرط الأمريكي إلى تصدع برنامج التدريب بأكمله، بل سيعجل بفشله بالكلية إذا استمرت واشنطن على هذا الشرط.
المسلحون بهذه الطريقة يرون أنفسهم “مقاتلين مأجورين” لدى الولايات المتحدة لمحاربة داعش، على الرغم من أن بعض هذه الفصائل قد دخلت مسبقًا في قتال مع التنظيم، إلا أنهم يؤكدون أن هدفهم الرئيس هو إسقاط نظام الأسد، وقتالهم لا يمكن حصره أمام داعش فقط، بالرغم من رفضهم للتنظيم وممارساته.
تناول هذا الأمر موقع “دايلى بيست” الأمريكى، مؤكدًا أن عناصر المعارضة الأساسية فى سوريا مستعدة لترك المعركة الأمريكية ضد تنظيم داعش بهذه الصورة، وأشار الموقع إلى أن تلك العناصر كانت مستعدة لقبول الأسلحة والتدريب الأمريكى في حالة دعمهم في قتالهم بسوريا بشكل عام، إلا أن هذه الجماعات لا يمكن أن تقبل إصرار إدارة أوباما على ألا يقوموا بالإطاحة بالرئيس السورى بشار الأسد.
من جانبه يرى شارلى وينتر، الباحث في مؤسسة “كيوليام” البريطانية برنامج التدريب والتسليح هذا غير فعّال من الناحية العملية بهذا الشرط الذي يجبرهم على مواجهة داعش فقط، مؤكدًا أنها سذاجة أمريكية عند الاعتقاد أن جماعات المعارضة ذهبت إليهم لقتال داعش وليس بهدف إسقاط نظام بشار الأسد، مؤكدًا أن برنامج التدريب والتجهيز سوف يكون ذي بنية ضعيفة طالما أن العناصر المكونة له موجهة لقتال داعش فقط.
هذا التدريب كانت قد عرضت كل من تركيا والسعودية وقطر علنًا استضافته، كما عرض الأردن بشكل غير علني أن يفعل ذلك، لكن الولايات المتحدة آثرت أن يبدأ التدريب الآن في تركيا والأردن نظرًا لقربهما من الجغرافية السورية.