القصر الجمهوري في العاصمة السودانية الخرطوم استعد لهذا اليوم بإرسال عدة دعوات إلى الرؤساء والملوك الذين من المقرر مشاركتهم في حفل تنصيب الرئيس السوداني عمر البشير، بعد ظهور نتيجة الانتخابات الأخيرة التي قضت بفوزه بولاية جديدة لمدة خمس سنوات بنسبة 94.5%.
أدى الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير، اليوم اليمين الدستورية إيذانًا ببدء الفترة الرئاسية الجديدة، وذلك في جلسة برلمانية حضرها عدد من رؤساء وملوك المنطقة ومبعوثيهم، حرصت الرئاسة السودانية على دعوة الدول المؤثرة إقليميًا على المستوى العربي والأفريقي، فجاءت قائمة المدعوين للحضور على رأسها الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز الذي أرسل مستشاره الخاص مبعوثًا لحضور حفل التنصيب مكانه وتقديم التهنئة للبشير وهو الأمير منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء بالمملكة.
شملت قائمة المدعوين أيضًا اسم الأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، وكذلك عبدالفتاح السيسي الرئيس المصري، ورئيس الوزراء الإثيوبي ميريام ديسالين، هذه القائمة تبعث بها الرئاسة السودانية رسائل مفادها أن هناك دعمًا إقليميًا للبشير، من أهم دول المنطقة المرتبطة بالسودان، كإثيوبيا على مستوى البعد الأفريقي، والسعودية وقطر خليجيًا، وجارتها مصر تحت رئاسة السيسي.
فقد أكد وزير الإعلام السوداني أحمد بلال عثمان أن كافة التجهيزات لحفل تنصيب الرئيس عمر البشير، لدورة رئاسية جديدة، وأدائه القسم الجمهوري أمام الهيئة التشريعية للبلاد قد أعدت الثلاثاء وذلك على أساس مشاركة 28 من الرؤساء والملوك والأمراء وممثلي الدول الشقيقة والصديقة للسودان، بالإضافة إلى رؤساء البرلمانات العربية والأفريقية والاتحاد الأفريقي، والإيجاد ومنظمة الساحل والصحراء، وفقًا لما أعلنته الحكومة السودانية مؤخرًا، وهو ما يدل على رغبة النظام السوداني للخروج من عزلته.
الحكومة السودانية قررت منح العاملين في الدولة عطلة رسمية للمشاركة فى الاحتفال بمراسم التنصيب، كما دعت الحكومة أيضًا كافة وسائل الإعلام السودانية والعربية والأفريقية إلى تغطية هذا الحدث بهذا الحضور الإقليمي، في الوقت نفسه نفت الحكومة ادعاءات بعض القوى المعارضة أن هذا الاحتفال بالتنصيب قد تكلف ملايين من خزينة الدولة، وهو ما ردت عليه الحكومة بقولها إن الكثير من مصروفات الاحتفال قد تكلف بها القطاع الخاص وليست الدولة.
زيارة السيسي كانت الأبرز على المستوى الإقليمي بالنسبة للسودان في هذا الحفل، وهي الزيارة الثالثة لرئيس مصر في وقت قصير جدًا خلال عدة شهور فقط في ظاهرة جديدة من نوعها بعد توترات في السابق كانت سائدة في العلاقات المصرية السودانية، وهو بالتأكيد ما تحتفي به الحكومة السودانية لنفي هذا الأمر بوجود خلافات بين الجارتين، كما أكدت الرئاسة السودانية أن البشير سوف يقوم بزيارة إلى مصر في الـ 10 من يونيو الجاري.
حيث تردد الأوساط الحكومية السودانية هذه الفترة أن العلاقات المصرية السودانية وصلت الآن إلى ذروتها، من خلال العلاقة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير، التي وصفت بأنها علاقة تناغم واتفاق كبير بين الحكومتين.
قبيل هذا الحفل الرسمي جرت عدة تحركات سياسية داخلية في السودان أبرزها كان انتخاب البرلمان السوداني الذي أقسم البشير أمامه اليوم لـ “إبراهيم أحمد عمر” السياسي السوداني المتقاعد رئيسًا للبرلمان التشريعي الحالي في دورته الجديدة، وهو وزير التعليم الأسبق وأحد أبرز الوجوه القديمة للحزب الحاكم، ما أثار انتقادات واسعة في الأوساط السياسية السودانية.
الأمر الذي لم يُفلح الحزب الحاكم في تبريره، إذ تم اختيار شيخ ثمانيني متقاعد عن ممارسة السياسة اختياريًا منذ ثلاثة أعوام، وهو ما يشير إلى وجود أزمة داخل الحزب الحاكم قادت إلى إعادة الوجوه القديمة لساحة السياسة السودانية مرة أخرى، في أولى انتكاسات للوعود الرئاسية بإتاحة الفرصة للشباب والدماء الجديدة.
ثاني هذه التطورات التي حدثت قبيل احتفال تنصيب البشير كانت قرارات رئاسية بإعفاء عددًا من جنرالات الجيش، في مقدمتهم رئيس هيئة الاستخبارات والأمن، ونائب رئيس هيئة الأركان، في حركة إدخال تعديلات في قيادة القوات المسلحة السودانية، الإعفاءات شملت أيضًا مفتش عام القوات المسلحة، ورئيس القوات البحرية ورئيس الأركان البرية، فضلاً عن إحالة العديد من الضباط للتقاعد.
الرئاسة السودانية تؤكد أن هذه الإجراءات طبيعية وفق متطلبات المرحلة، لكن ما سبقها من أحداث ينبئ عن وجود صراعات بين الجيش والحزب الحاكم، قد تكون حُسمت بهذه التغييرات في بنية الجهاز الأمني السوداني، فقد سربت أخبار عن محاولات عدة ضباط من الجيش الانقلاب على السلطة الحالية في مدينة أم درمان بعد سماع دوي انفجارات بالمدينة ليلاً، قالت الحكومة عنها حينئذ إنها غارة مجهولة المصدر تصدت لها الدفاعات الجوية السودانية، ولكن هذه الإجراءات تثبت صحة الفرضيات السابقة إلى حد ما، خاصة وأن مسلسل الإطاحات هذا طال شخصيات بارزة في الجيش وكذلك رموز قيادية في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، من بينهم نائب رئيس الجمهورية الأسبق علي عثمان، ومساعد الرئيس الأسبق نافع علي نافع، مع استبدالهم بصف جديد من القيادات لمحاولة حسم الصراع الداخلي لصالح البشير وفريقه.