بعيداً عن خطوط الاشتباك الأولى وأقرب الى الحياة ويوميات السوق وتبضّع المواطن مواد سفرته العادية، قد تغيب عن الأذهان فكرة الغذاء اليومي مع شدة وطأة الصور التي ترد يومياً من سوريا، فمع سقوط أكثر من 115 ألف قتيل في آخر احصائية للمرصد السوري تشرف الثورة على انهاء عامها الثالث دون حلّ يلوح في الأفق حتى الآن بعد أن سكت العالم على القتل طالما أنه ليس باستخدام السلاح الكيميائي الذي وافق النظام على تسلميه حتى منتصف عام 2014.
يقول علاء وهو من أفراد الجيش الحر المسؤولين عن المطابخ لأحدى الكتائب المقاتلة في حلب نحن نحرص في الكتيبة على توفير الغذاء تماماً كما السلاح، فان كان السلاح مهماً للقتال فكذا الغذاء، ويضيف : ” مطابخ مجهزة تقوم على اعداد كميّات كبيرة من الغذاء يومياً منذ الصباح الباكر لجميع أفراد الكتائب المرابطة وغير المرابطة، اضافة الى عوائلهم والمحتاجين من المناطق القريبة”.
عملية الاعداد تستغرق مدة تتجاوز الـ 5 ساعات بحدّ أدنى نظراً للأعداد الكبيرة التي يتم أخذها بالحسبان والتي قد تتجاوز 2000 شخص للوجبة الواحدة، وبعد أن يصبح جاهزاً يتم التعميم على ذلك عبر وسيلة الاتصال المعروفة اللاسلكي والذي يسمّى عرفاً في سوريا بـ ” القبضة” ليأتي شخص من كل كتيبة لاستلام حصته اليومية من الطعام، عدا عن الكتائب المرابطة والتي يصلها الطعام الى المكان الذي هم فيه طالما كان الطريق آمناً.
مقاتل من الجيش الحر قال في احدى التسجيلات المصوّرة وهو يستلم طعامه على خطوط النار الأولى : ” دجاج مقلي ؟ ايه امي ما ساوت هيك “، يأكل بعضاً منها ثم يضيف ” وسخن كمان “، في مؤشر على ارتفاع معدل الخدمة المقدمة أحياناً وانحدارها أحياناً أخرى حسب الظروف، حالات أخرى يمضي الثوار فيها أيامهم بلا طعام، أو يأكلون دجاجاً بلا خبز أو خبزاً بلا دجاج حسب المتوفر من المواد.
الأمر ذاته يتم في الأحياء المحاصرة أو المدارس التي اتخذ منها السوريون ملاجئ بعد ان استهدف النظام بيوتهم وأحيائهم بالقصف اليومي العشوائي أو المخيمات والتجمعات خارج المدن، مطابخ تابعة لهيئات مدنية تقوم على اعداد الطعام يومياً وتوزيعها بشكل دوري في جهد عجزت عنه بعض الدول ولم تجده كاميرات الاعلام وهي ما زالت تواكب اجراءات الأسد لسحب السلاح الكيميائي.