أثار قيام كتائب القسام قبل أيام، بشق شارع موازٍ للحدود الشرقية مع الأراضي المحتلة، والذي يقطع غزة من أقصى الشمال وصولًا إلى رفح جنوبًا، جدلًا واسعًا في أوساط الفلسطينيين، مشوبًا بالتساؤلات عن هدف كتائب القسام من شق هذا الشارع بهذه الدرجة من القوة في مواجهة آليات الاحتلال المتمركزة خلف الحدود منذ سنوات طويلة.
وكانت آليات تابعة لكتائب القسام بدأت منذ أسبوعين تقريبًا بتعبيد طريق محاذٍ للشريط الحدودي لقطاع غزة على بعد 250 إلى 300 متر من السياج الفاصل عن الأراضي المحتلة عام 1948.
وكان الحديث عن البدء في شق الشارع شغل وسائل الإعلام خلال الأيام الأخيرة، وسط مشاهدة عناصر قسامية تستخدم جرافات وآليات في عملية تنفيذ الشارع بدءًا من شرق غزة وشمالها، دون أن يصدر تأكيد رسمي عن ماهيته من حركة حماس أو جناحها العسكري.
القيادي في حركة حماس فتحي حماد قال أمس إن “كتائب القسام بدأت تشق طريقًا بمحاذاة السياج الأمني الصهيوني الفاصل شرق قطاع غزة، وتتحين الفرصة للانقضاض على الاحتلال، في أول إعلان رسمي عن الشارع”.
وأكد حماد – خلال كلمته في حفل تأبين الشهيد أحمد سهمود، أحد قادة كتائب القسام في المنطقة الشرقية بخان يونس، الذي استشهد في معركة العصف المأكول العام الماضي – أن هذا الطريق يمتد على طول السياج الأمني الفاصل، وعلى مسافة تتراوح بين 250 إلى 300 متر من منطقة إلى أخرى.
وحول الهدف من هذا الطريق، قال حماد “إن الهدف منه هو للانقضاض على العدو عندما تكون الفرصة مواتية”.
ودعا القيادي بحماس جميع أبناء الشعب الفلسطيني ليجتمعوا على كلمة المقاومة وتحت ظلال كتائب القسام، مؤكداً أن “القسام الآن يعد لمعركة التحرير”.
على الجانب الآخر، عقب وزير خارجية حكومة الاحتلال السابق أفيغدور ليبرمان على تصريحات القيادي حماد، داعيًا حكومة نتنياهو لدفن رأسها في الرمال، وأنه من الأفضل لنتنياهو أن يفوق الآن قبل فوات الأوان وأن يفعل كل ما بوسعه لتدمير حكم حماس في قطاع غزة.
واجتهد محللون فلسطينيون في البحث عن أسباب إقدام المقاومة على شق هذا الشارع، قرب الحدود الشرقية للقطاع وقبالة آليات التي ترصد كل ساكن ومتحرك قربها.
الإعداد للمواجهة
المحلل السياسي مصطفى الصواف، اعتبر أن قيام كتائب القسام بإنشاء طريق حدودي يأتي في سياق الإعداد للمواجهة القادمة، مؤكدًا أنه من حق المقاومة أن تعد نفسها لمواجهة حتمية مع الاحتلال، استكمالًا لطريق الإعداد الذي بدأته منذ انتهاء العدوان الأخير على غزة.
وأوضح الصواف، أن المقاومة معنية بإرسال رسائل كثيرة إلى كافة الأطراف وعلى رأسها حكومة الاحتلال، مفادها أن المقاومة لن تصمت وهي مستمرة في إجراء استعداداتها على قدم وساق، وأضاف أن المقاومة لم تتوقف عن إرسال رسائلها للاحتلال، ليس فقط في إنشاء الطريق الحدودي الجديد، بل في التجارب الصاروخية المستمرة، للقول للاحتلال إن إعادة التفكير في شن عدوان جديد يعني أنه سيتكبد الخسائر وسيلقى أكثر مما لاقاه في صيف 2014 الماضي.
وحول التوقيت الحالي الذي اختارته القسام لإنشاء الطريق، أشار الصواف أنه لا عبرة بالتوقيت الحالي بالتحديد، لكنها أمور تراكمية ومرحلية، وأن القسام أنهى استعدادات سابقة حتى نفذ إنشاء الطريق الحدودي ضمن استعداداته الأخيرة.
وفيما يختص بصمت الاحتلال وتمنعه عن الرد على ما يمكن وصفه باستفزازات المقاومة له، أوضح أن الاحتلال غير معني بالانجرار وراء الاستفزازات الآن لأن الوضع الداخلي الإسرائيلي لا يؤهل لشن عدوان جديد في هذا الوقت، مضيفًا “الاحتلال يسعى لتحقيق مصلحة ويقرر الحرب بموازين الربح والخسارة”.
واعتبر أن رد وزير خارجية الاحتلال السابق أفيغدور ليبرمان، يأتي في سياق الهجوم الطبيعي على نتنياهو ضمن سياسة المناكفات السياسية الإسرائيلية، مؤكدًا أن نتنياهو ليس غافلًا عما يجري وأن قادته العسكريين يراقبون بشكل يومي وبدقة.
انتقال من السرية للعلنية
الكاتب عماد توفيق يجمل أسبابًا أخرى لإنشاء كتائب القسام الطريق المحاذي للحدود الشرقية، منها التأكيد على انتقال المقاومة وبقوة من مرحلة السرية والمطاردة إلى العلنية والتجنيد العلني، كما المساهمة في تعزيز شرعيتها وقدمها الثقيلة في أي ترتيبات سياسية، بالإضافة إلى تعزيز كبير لمعنويات الشعب والمقاومة على السواء، ورسالة تطمين للشعب أن المقاومة لا زالت بخير وأنها في الخطوط المتقدمة للدفاع عن أبناء شعبها، فيما يعتبر كذلك، إعلان بالوقائع أن الاحتلال لم يعد مطلق اليد في قطاع غزة، وإغلاق أحد أهم قنوات جمع المعلومات لدى دوائر استخبارات الاحتلال، وإنهاء لظاهرة تسلل الشباب بحجة البحث عن عمل.
وأضاف توفيق، أن إنشاءه يعد رسالة وجدانية للشعب الفلسطيني باقتراب حلم التحرير، وتسهيل جمع المعلومات الاستخبارية عن تحركات العدو ومواقعه خلف الحدود، وكذلك تسهيل تسيير دوريات لكتائب القسام على الحدود في مقابل دوريات الاحتلال.
كما تهدف المقاومة إلى تثبيت ثكنات عسكرية إلكترونية لمراقبة الحدود والتصدي لأي محاولة للتسلل إلكترونيًا، إضافة إلى إنهاء واقعي للحزام الأمني الذي يفرضه العدو ويمنع الاقتراب منه على مسافة 300 متر، وتأمين للمزارعين في أراضيهم للاستفادة منها في الزراعة وغيرها.
المصدر: قدس الإخبارية