تفصلنا أيام قليلة عن الـ 7 من يونيو، حيث الانتخابات البرلمانية التركية في ظل منافسة كبيرة بين الأحزاب الساعية للجلوس تحت قبة البرلمان الذي ينتظر 550 نائبًا.
صحيح أن خط النسب التي حققها حزب العدالة والتنمية في جميع العمليات الانتخابية السابقة في تصاعد، ولكن هناك عوامل جديدة تضئ مصابيح الخطر نسبيًا ومنها أن عددًا كبيرًا من قيادات الحزب التاريخية لم تترشح وفقًا لأنظمة الحزب؛ وبالتالي قد صدر الحزب في قوائمه أسماء شابة وغير معروفة وفيما يعد البعض ذلك ميزة لفتح الطريق أمام القيادات الشابة فإن قسمًا غير قليل ينظر إلى هذا من زاوية سلبية وهي احتمالية تراجع حظوظ الحزب في الانتخابات.
ومع هذا لا يوجد شك بأن الحزب سيتصدر أعلى نسبة في البرلمان، لكن قدرته على تشكيل الحكومة فضلاً عن الهدف الأكبر وهو التغيير في الدستور ستكون محل اختبار حتى ظهور النتائج ووضوح شكل التحالفات.
المتغير الجديد أيضًا في هذه الانتخابات هو دخول حزب الشعوب الكردية في المنافسة الديمقراطية حيث كانت غالبية أصوات الأكراد تصب لصالح العدالة والتنمية، أما مع ترشح حزب يمثلهم فهذا رفع سقف التحدي أمام العدالة والتنمية ولكن الذي يزيد من تعقيدات الوضع هو عدم القدرة على التنبؤ بالنسبة التي سيحصل عليها الحزب الكردي في الانتخابات وهل سيمر من حاجز 10% والذي بموجبه يمكن أن يدخل البرلمان.
إن نظرة سريعة على نتائج حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في استطلاعات الرأي لا تزيد المتابعين إلا حيرة؛ فعلى سبيل المثال حصل الحزب على النسب التالية وفق شركات إحصائية مختلفة:
قال مركز جيزجي إن الحزب سيحصل على 10.5%، وعلى 8.1% وفق مركز ORC، أما مركز “دنقة” فقال إن الحزب سيصل إلى 9.5%، فيما قال مركز أكام أن الحزب سيصل لنسبة 11.8%.
وبالرغم من عدم معرفة مدى صحة استطلاعات الرأي و درجة تعبيرها عن نبض الرأي العام فإن الصناديق هي من ستكون لها كلمة الفصل، ولكن دخول حزب الشعوب الكردية إلى البرلمان من المحتمل أن يعطل إمكانية تشكيل حزب العدالة الحكومة لوحده، كما أنه من الممكن أن يفتح الباب أمام خلافات داخل حزب العدالة بسبب النتائج وبسبب سياسات الحزب وخططه التي دخل بها الانتخابات.
وفي هذا السياق فقد صرح زعيم حزب الشعوب صلاح الدين ديمرتاش بأنه في حال فوز حزبه لن يتحالف مع حزب العدالة، أما عن حزب الشعب الجمهوري فقال إن التحالف معه يبقى ممكنًا وهذا قد يفقده بعضًا من الأصوات لأن الأكراد قد عانوا من التهميش والإقصاء في فترات حكم حزب الشعب الجمهوري.
يكمن أحد التحديات في فئة الشباب التي يقال بين أوساط صحفية إن هناك قسم منهم لا يريد التصويت لحزب العدالة وسيقوم بالتصويت لحزب الشعوب نكاية في العدالة.
التحدي الآخر هو أن حزب العدالة والتنمية يرفع شعار تركيا القوية نحو المستقبل ولكنه لا يعرف بالفعل هل سينجح في ذلك أم لا وهو ما يجعل هذه الفترة عصيبة على الحزب.
قد تكون نبرة هذا المقال تشاؤمية لكنني قبل كتابة المقال مررت بمسير نظمه حزب العدالة والتنمية في أنقرة واطلعت على حجم المشاركة في مهرجان ذكرى فتح إسطنبول وغيرها من خطط الحزب وتكتيكاته التي تجعل هذا الحزب هو المؤهل لحكم تركيا والارتقاء بها.
وختاما يبقى التوقع الأكثر قبولاً بين المثقفين من أنصار حزب العدالة هو حصول الحزب على 42% أو 43% ونبقى بانتظار ما سيحصل عليه حزب الشعوب والذي في الحالتين ربما سيزيد التجاذب والاستقطاب في تركيا.