في 100 عام مضت تغير حال مصر كدوله وأفراد أكثر من مرة , لكنه أبدا لم يكن تغيرا محمودا لا عن طريق الثورات ولا الإصلاحات بل عن طريق نظام ديكتاتوري يفرض الرأي بالسلاح ويغتصب السلطة بالقوة .. وكلمة السر في ذلك طوال السنين ( الجيش ) .
في 100 عام مضت مرت مصر ب 4 ثورات مختلفه ,هكذا ذكرتها المناهج الدراسيه التي تنقش في ذاكره أبنائنا في المدارس (ثورة 19 – ثورة 52 – ثورة يناير – ثورة 30يونيو) وللحق أقول أن أيا من هذة الثورات لا يمكن أن نطلق عليه مصطلح (ثورة) لا لأنه لم يترتب عليها نتائج إيجابيه أو تغيرات جذرية في بنيه الشعب المصري او حال الشعب المصري أو مستقبل الشعب المصري ولكن لأن المصريين أنفسهم تراجعوا عن هذه الثورات فيما بعد واكتفوا بذكرها في الكتب
فالشعب المصري لم يقم يوما بثورة كامله .. ونحن إذ ننسحب في منتصف عمل ثوري فإننا نطيح بكل مجهود أثير ونضرب به عرض الحائط , وغالبا مانعود في المنتصف زاحفين خلف لقمه العيش خائفين من رصاص الجنود ويكون ذلك دائماً بعد بذل الكثير من التضحيات والأرواح التي تصبح حينها ( بلا قيمه ) ثم تسرق ثمارالحراك في غير ما يطلب من الأساس .
ثورة 1919
ثورة استمرت 4 سنوات كامله تجوب الشوارع دون تحقيق الاستقلال التام عن الإنجليز وهو أول وأهم مطالب الثورة واكتفي المتظاهرون أو العامه ببعض الإصلاحات كإعلان الدستور المصري وقانون الإنتخابات وظلت القوات الإنجليزية داخل مصر .
ثورة 1952
ثورة علي حكم الملك فاروق تبعه إغتصاب السلطه بقوة السلاح من محمد نجيب قائد الثورة آنذاك ووضعه تحت الإقامه الجبرية واستمر اغتصاب السلطه يسلم يدا بيد حتي ثورة يناير , وحتي الآن لم نر أي مما قامت من أجله ثورة 1952 قد تحقق فالإقطاع مازال حاضرا بقوة في المشهد وإن تغيرت الأوجه , مازال يسيطر رأس المال علي الحكم والحاكم نفسه , ولم تقم في مصر أي حياة ديمقراطيه سليمه منذ ذلك الوقت .
ثورة يناير 2011
قامت لاستبداد الرئيس مبارك بالحكم وفساده وفساد معاونيه المطلق لم تحقق أي نجاح فبعد 4 سنوات من الآن لم تهتم مصر( مجرد إهتمام ) لا بالتغيير ولا بالحرية ولا بالعدالة الإجتماعية أهم شعارات ثورة يناير ولم يحاكم فاسد واحد ممن قامت عليهم الثورة ولم نري حتي كبش فداء لإرضاء غرور الجماهير التي خرجت تطالب بالتغيير ولا لضحايا تلك الثورة .
ثورة ( انقلاب ) 30 يونيه
قامت لتوقف الفاشيه الدينيه التي صنعها حكم الإخوان (علي حد زعم ممثليها ) ولكن بدلا من ذلك صنعت من الأزهر والكنيسه ممثلي الأديان في مصر عرائس ماريونيت تحركها كيفما شائت ووقتما شائت دون حساب لا لدين ولا لرساله ولا منهاج فأصبح الدين في مصر تحت رعاية الحكم العسكري دينا فاشيا إقصائيا يحرض علي العنف والقتل والحرق كما جاء علي لسان مفتي السلطه الحاكمه ( اقتلوهم دول ريحتهم نتنه ) ناهيك عن أي مساوىء أخري.
(( لا يوجد هناك بأس من المعاناة إذا كان هناك هدف من تلك المعاناه,إن ثورتنا لم تقض علي الخطر أو الموت لكنها جعلت من الخطر والموت شيئا مجديا,الثورة هي صراع حتي الموت بين الماضي والمستقبل )) يوجين ديبس
الشعب المصري أبداً لا يكمل ثورته .. بل إن الشعب المصري يكره الثورات ويخشاها كما يخشي الراعي الذئب علي غنمه ورغم ذلك لا ينفك يشتكي من ضيق العيش وإهانه الحاكم المستبد وطغيان اصحاب النفوذ والأموال ثم لا يحرك من أجل ذلك ساكنا ولا يضحي من أجل ذلك ولو برغيف خبز , ثم يخرج سقمه ونقمه علي من ينطق لسانه بكلمه الحق , ثم ينحاز لجانب المستبد القوي .. وفقط المستبد
فلما كانت الحرية تملاء شوارع مصر للمرة الأولي في تاريخها لم ينحاز لها عامة الشعب الذي اعتاد علي الحكم بالسياط بل حاربوها بكل ما أوتوا من قوة وانطلقت جماعات البلطجيه المأجورة أو المواطنين الشرفاء يجوبون الشوارع شاهرين الأسلحه في وجه كل من ينطق بكلمه , وسط تأييد شعبي واسع , وأصبح الجزء الرافض للإستبداد في مصر من الشعب خائن إرهابي متأسلم أما مغتصب السلطه والقاتل الفعلي (بطل ) .
( ثورة كاملة أو لا ثورة )
ثورة كاملة تجلب الحقوق وتعيد الحريات وتحاسب المسؤلين وتعيد للشعب إرادته وقوته , أو نصف ثورة تضع الشعب بين المطرقه والسندان فلا هو حقق ما خرج من أجله ولا صمت ورضي . ونتيجة أنصاف الثورات دائما مزريه ان صح التعبير فالعودة وقتها لن تكون إلي الخانه صفر بل أقل من ذلك بكثير ، نتيجه أنصاف الثورات ضياع هيبه الدوله والفرد في كل مكان بالعالم ولم يعد يعبأ بنا سوي الدول التي رسمت لنا مسار السقوط ثم ادعت صداقتنا ، نتيجه انصاف الثورات تفشي الجهل بين الناس وليس الجهل هو جهل القراءة والكتابه بل جهل العقيدة والتغيير والتطوير وانتشار التنظير والفتي في كل كبيرة وصغيرة بعلم وبغير علم ، نتيجه أنصاف الثورات انقسام وعنصرية وتحزب غير محمود وإلقاء اللوم والإتهامات جزافا من طرف لآخر وصدقني حين أقول أن هناك انقسمات لا يداويها مرور الوقت خاصة إذا امتزجت بدم ، نتيجه أنصاف الثورات تدهور الحاله الإقتصادية والصحية والإجتماعية والأمنية وكل ما من شأنه أن يقيم دولة محترمة أمام نفسها وأمام العالم .
ثم نأتي نحن بكل جرأة وثقه لنتسائل .. لماذا وصلنا إلى ما نحن فيه ؟!!!
المصريون الآن في خضم ثورة هي الأقوي من بين كل ما مضي , ثورة ضد استبداد المؤسسة العسكرية بكرسي الحكم علي مدار 6 عقود في التاريخ المعاصر و6 قرون في كل ما مضي , ثورة ضد انقلاب العسكر عل السلطه الشرعية الوحيدة في البلاد , ثورة واجهت أقسي أنواع العنف والقمع والقتل والتنكيل ومازالت مستمرة .. فهل يستفيد المصرين من أخطائهم السابقة ويكملوا ثورتهم هذه المرة !!!