أعلنت الرياض إحباط هجوم شُن من جهة الحدود اليمنية مع السعودية، قادته مجموعات من قوات موالية للرئيس اليمني المخلوع “علي عبدالله صالح”، وأخرى تابعة لجماعة أنصار الله “الحوثي”، الهجوم البري شمل عدة محاور بمنطقتي “جازان” و”نجران”، هذا الهجوم هو تطور نوعي في الحرب بين الطرفين منذ اندلاعها.
فمن المعتقد أن الهجوم على منطقة جازان كان بواسطة قوات الحرس الجمهوري اليمني الموالية للمخلوع صالح، إذ شارك فيه عشرات الجنود من السلاح، وهو ما يعكس تحولًا خطيرًا في طبيعة الهجمات البرية على السعودية، فقد كان مسلحو الحوثي يهاجمون الحدود بمجموعات صغيرة أشبه بالتسلل، أما الآن فبات الهجوم مشتركًا بين قوات الحوثي وقوات من الحرس الجمهوري، بشكل يهدد الحدود السعودية إذا لم تستطع التصدي لهذه الاجتياحات.
المناوشات مستمرة على الحدود اليمنية السعودية بين القوات السعودية وقوات الحرس الجمهوري اليمنية المدعومة حوثيًا هذه المرة، وهو ما يؤكد أن تحولات تكتيكية سوف تطرأ على الحرب الفترة القادمة، خاصة في الجانب العملياتي للحوثيين والقوات الموالية للمخلوع صالح.
القيادة السعودية أكدت أن الهجوم كان مُخططًا بشكل جيد ومنسقًا بشكل مسبق، حيث تمت الاشتباكات مع قوات مدربة من الحرس الجمهوري، أسفرت عن مقتل أربعة عسكريين من الجانب السعودي، في مقابل مقتل العشرات من الطرف اليمني، مع تدمير عدة آليات ومعدات تخصهم، هذا الهجوم أدى إلى استنفار كبير في القوات السعودية، حيث شارك في التصدي له القوات البرية، مستخدمة المدفعية الثقيلة وطائرات الأباتشي، بمساندة من قوات الحرس الوطني السعودي والقوات الجوية، ودعم من حرس الحدود، وفقًا لبيان نشرته قيادة القوات المشتركة على وكالة الأنباء السعودية.
الأمر يؤكد إصرار صالح ومعه الحوثيين تحقيق تقدمًا ملموسًا على الأرض، ينفي وهم نجاح العمليات الجوية السعودية على معاقلهم في اليمن، والتي انطلقت بداية من عاصفة الحزم منذ أواخر مارس الماضي، تلتها عملية إعادة الأمل، ورغم هذه العمليات يريد الحوثي التأكيد أن هذه العمليات لم تؤثر عليه بشكل فعلي على الأرض، كما يزعم التحالف العربي بقيادة السعودية، وخاصة مع اقتراب موعد مفاوضات جنيف السويسرية حول الأزمة اليمنية الراهنة.
في وقت سابق تمكن الحوثيون من نشر منصات لصواريخ “سكود” في محافظات صعدة والحديدة، وتوجيهها على الحدود السعودية، وهو تطور ميداني آخر ليس في الصالح السعودي، حيث أعلنت السعودية أن دفاعاتها الجوية تمكنت من اعتراض صاروخ “سكود” بصاروخي باتريوت، بعدما أطلقته جماعة الحوثي تجاه مدينة “خميس مشيط” جنوبي المملكة.
أسرعت القوات المشتركة على الحدود اليمنية السعودية في تحديد موقع إطلاق الصاروخ، الذي أكد بالفعل خبر نشر الحوثيين لمنصات الصواريخ في مدينة صعدة، فقد حددت قوات التحالف أن المنصة التي أُطلق منها الصاروخ جنوب صعدة، والتي تعاملت معها القوات الجوية للتحالف في الحال بتدمير منصة إطلاق الصواريخ، مصدر النيران.
هذه التطورات الميدانية قللت منها السعودية ووصفتها بالمحاولة “اليائسة”، لكن إعلامها، على لسان قناة “العربية”، أكد أن القوات المسلحة السعودية تصدت لهجوم قوات صالح، واصفةً الهجوم بأنه “أكبر هجوم تقوم به جماعة الحوثي والرئيس السابق على أراضي المملكة”، ومما يؤكد أيضًا إدارك القيادة السعودية لخطورة هذه المحاولة التي فشلت هذه المرة، وربما تنجح في مرة أخرى وتكبد القوات السعودية خسائر أكبر من ذلك، أن رد الفعل السعودي الجوي في اليمن عقب محاولة الاجتياح هذه كان عنيفًا.
حيث ذكر سكان محليون لوكالة “الأناضول”، أنهم سمعوا دوي انفجارات عنيفة دوت في أرجاء العاصمة بعد قصفِ قوات التحالف العربي لمعسكرات عطان ونقم والسواد، بينما تحاول المضادات الأرضية الحوثية التصدي لهذه الهجمات الكثيفة، كما استهدفت قوات التحالف مخازن أسلحة وأماكن تمركز لقوات صالح في العاصمة صنعاء، ردًا على تطويرالهجوم البري.
الحدود السعودية اليمينة باتت تهدد أمن المملكة بشكل غير مسبوق، فالحوادث المتفرقة التي استهدفت القوات السعودية المرابطة على الحدود كثيرة، ولكنها كانت بشكل فردي غير منظم، كان آخرها مقتل ضابط من قوات الحرس الوطني السعودي، في مدينة نجران الحدودية، جراء إصابته برصاص قناص حوثي من جهة الحدود اليمنية.
ربما هذا يعد فشلًا في الحسم من الجانب السعودي، وعلى الجانب الآخر نجاحًا للحوثيين في جر المعركة إلى الحدود البرية، ما يؤكد أن قواتهم الهجومية مازالت تعمل بشكل جيد بالتعاون مع قوات صالح، وهو ما لم يحقق الردع المطلوب التي تتحدث عنه السعودية، والوضع اليمني بهذه الصورة يفرض التدخل البري إذا ما استمرت السعودية على وجهة نظرها في حل المعضلة اليمنية.
يقول البعض إن تطوير الحوثي وصالح هجومهم على الحدود السعودية بهذه الصورة، يستلزم تدخلًا بريًا سعوديًا لوقف هذه الهجمات التي تودي بحياة مواطنين من مدن الحدود، وكذلك عسكريين في عمليات التصدي لمحاولات الاختراق الحدودية المتكررة، في ظل فشل ما تسمى المقاومة الشعبية التي تدعمها السعودية على الأرض، ولكن الجانب السعودي قلق من التورط في المستنقع اليمني الداخلي وحده، بالتزامن مع فشله في الاستعانة بحلفاء من المصريين أو الباكستانيين في التدخل البري الضروري في هذه الحالة.
السعودية لا تريد حتى الآن الاعتراف بفشلها في اليمن، على الأقل في تحقيق أهدافها المعلنة، وتبذل أقصى جهودها للحيلولة دون اللجوء لتدخل بري مباشر منها، وحاولت بذلك جمع اليمنيين في الرياض لتشكيل جيش موحد على الأرض لمواجهة الحوثيين ميدانيًا بجانب الغطاء الجوي للتحالف العربي، لكن يبدو أن هذا الحل غير مجد إلى الآن، وقد تنتظر السعودية ما ستؤول إليه محادثات جنيف القادمة لاتخاذ قرارها النهائي في المسألة النهائية، فمن المحتمل أن تخوض السعودية حربًا برية بعدما تؤمن حليفًا عربيًا لتجبر الحوثيين الانصياع للمفاوضات بشروطها، وربما تعدل موقفها وتكتفي بهذا القدر من الحل العسكري، وتجلس على طاولة المفاوضات مبكرًا، وبهذا سيكون نصر حوثي لا شك إذا ما تم بهذه الصورة.