عمل مسؤولون في حكومة الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، مع تنظيم القاعدة قبيل هجوم الأخيرة على السفارة الأمريكية في صنعاء في عام 2008، والذي أسفر عن مقتل 19 شخصًا، وفقًا لتصريحات هاني محمد مجاهد، وهو جندي سابق في القاعدة، عمل لحساب أسامة بن لادن في أفغانستان قبل أن يفر إلى باكستان قبل 13 عامًا، وفي وقت لاحق، عاد هاني كمجاهد إلى وطنه اليمن، حيث يقول إنه انضم إلى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (AQAP)، وعمل في الوقت نفسه مخبرًا للحكومة اليمنية.
ويزعم مجاهد أن قادة أجهزة صالح الأمنية تجاهلوا التحذيرات المتكررة من استهداف السفارة الأمريكية، وفي يوليو 2007، تجاهلوا أيضًا تحذيرات مماثلة من أن تنظيم القاعدة يخطط لشن هجوم دموي ضد السياح الأجانب.
وبتلك الشهادة التي عُرضت على قناة الجزيرة قد يتسبب مجاهد في إحراج بالغ للولايات المتحدة، التي وضعت ثقتها في صالح، وفي سبتمبر من العام الفائت، تباهى الرئيس الأمريكي أوباما بأن اليمن كانت قصة نجاح لحرب مكافحة الإرهاب الأمريكية، وقال الرئيس الأمريكي حينها “إستراتيجية التخلص من الإرهابيين الذين يهددوننا، ودعم شركائنا في الخطوط الأمامية في الوقت نفسه، هي إستراتيجية اتبعناها بنجاح في اليمن والصومال لسنوات”.
ولكن شهادة هاني مجاهد تشير إلى أن صالح كان يتلاعب بالولايات المتحدة، وإذا تم التحقق من صدق هذه الشهادة، فسوف تلحق حرجًا شخصيًا كبيرًا بمدير وكالة الاستخبارات المركزية، جون برينان، الذي حافظ على علاقات وثيقة جدًا مع صالح على مر السنين، وزار الرئيس اليمني السابق عدة مرات.
وتمت مقابلة هاني مجاهد بكلايتون سويشر، وهو مدير وحدة الصحافة الاستقصائية في قناة الجزيرة، وتوفر المقابلة نظرة مهمة إلى حياة عضو القاعدة الذي كان خبير متفجرات، ويبدو أنه كان طرفًا في صياغة العديد من القرارات العليا التي اتخذتها قيادة الجماعة.
وكان مجاهد انجذب لرسالة أسامة بن لادن في عام 1998، أي عندما كان في سن 20 عامًا، وسافر الشاب إلى أفغانستان للتدرب في معسكرات الفاروق وأيناك، وهناك، خسر إبهامه فيما يصفه بأنه حادث تدريب.
وبعد سقوط نظام طالبان في عام 2001، فر مجاهد مثل العديد من مقاتلي القاعدة إلى المناطق القبلية في باكستان، حيث واصل الكفاح ضد الولايات المتحدة من هناك، وقد أُلقي القبض عليه في عام 2004 من قِبل السلطات الباكستانية، التي استجوبته عدة أسابيع، قبل أن تقوم بتسليمه لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ومن ثم، تم نقل مجاهد إلى اليمن وإرساله إلى السجن، وبعد وقت قصير من وجوده في سجن صنعاء كما يقول، تم تجنيده للعمل كمخبر لأجهزة الأمن اليمنية.
ويدعي مجاهد أنه استطاع الوصول إلى المستويات العليا في القاعدة في جزيرة العرب، وهي واحدة من فروع تنظيم القاعدة الأكثر نشاطًا، بعد وقت قصير من خروجه من السجن، بل ذهب مجاهد إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، مؤكدًا أنه تصرف كوسيط بين قوات الأمن اليمنية والقاعدة، ورتب توريد المال والذخيرة لتنفيذ الاعتداءات الإرهابية، ويقول مجاهد إن “العديد من قادة تنظيم القاعدة كانوا تحت السيطرة الكاملة لعلي عبد الله صالح”، مضيفًا “علي عبد الله صالح هو من حول تنظيم القاعدة إلى عصابة إجرامية منظمة”.
وقال مجاهد لقناة الجزيرة أيضًا، إنه أبلغ السلطات اليمنية بهجوم سبتمبر 2008 على السفارة الأمريكية في صنعاء في عدة مناسبات، وإنه حذرهم من الهجوم قبل ثلاثة أشهر من وقوعه، وقبل أسبوع، وأخيرًا، قبل ثلاثة أيام من تنفيذ الهجوم، ولكن الأمن اليمني لم يأبه بالأمر، وفقًا لمجاهد، بل وادعى عضو القاعدة أيضًا أن العقيد عمار صالح، وهو ابن شقيق الرئيس ونائب في مكتب الأمن القومي آنذاك، ساعد فعلًا تنظيم القاعدة في الحصول على المال والمتفجرات اللازمة للهجوم على السفارة.
وقد يتسبب ما كشف عنه مجاهد في إعادة فتح الحكومة الإسبانية لملف التحقيق في هجوم 2 يوليو 2007 ضد السياح الأجانب، وكان التحقيق الإسباني في فظائع تنظيم القاعدة التي تسببت في مقتل 10 أشخاص من بينهم ثمانية سياح إسبان، قد أُغلق بسبب الفشل في الحصول على مساعدة المسؤولين اليمنيين، وقال مجاهد لقناة الجزيرة إنه لا يمانع تزويد “أي فريق دولي” بشهادته.
ويدعي مجاهد أيضًا أنه كان أول شخص “فضح” صانع القنابل سيء السمعة، إبراهيم عسيري، والذي يعتقد بأنه هو من صنع ما يسمى بقنبلة الملابس الداخلية التي وجدت على متن طائرة نورث ويست أيرلاينز، المتجهة من أمستردام إلى ديترويت في عام 2009.
ويروي مجاهد كيف أنه، وعندما أصبح يائسًا من اتصالاته اليمنية، حاول التقرب من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مباشرةً في نوفمبر عام 2010، ويقول مجاهد إن الوكالة وافقت على الاجتماع معه في فندق محلي، ولكنه اختُطف من قِبل ضباط المخابرات اليمنية في الطريق إلى الموعد.
وفي وقت لاحق، وافقت CIA على الاجتماع به، ولكن فقط تحت إشراف مباشر من العقيد عمار صالح، واتخذ مجاهد، كما يقول، قراره بالتحدث لقناة الجزيرة، بعد أن يأس من كل من الحكومة اليمنية والولايات المتحدة.
ويقول خبراء مكافحة التجسس إن شهادة مجاهد تحمل مصداقية في جزء منها على الأقل، وأبرز ريتشارد باريت، وهو دبلوماسي بريطاني سابق وعضو مؤسس في قوة مكافحة الإرهاب الدولي التابعة للأمم المتحدة، ما أسماه بـ “التأثير الكبير” الذي ستلحقه قصة مجاهد بالولايات المتحدة، في حال كانت صحيحة.
المصدر: ميدل إيست آي/ ترجمة: التقرير