عالمة الأحياء وعميدة كلية العلوم بجامعة موريشيوس، أمينة غريب فقيم، رُشحت من قِبل رئاسة الوزراء بجمهورية موريشيوس لتولي منصب الرئاسة في الجزيرة التي تقع وسط المحيط الهندي، صدق البرلمان بالإجماع على هذا الترشيح؛ لتصبح بذلك أمينة غريب أول رئيسة مسلمة للبلاد.
أمينة غريب فقيم البالغة من العمر 55 عامًا باحثة مرموقة في علم الأحياء، ولها عدة أبحاث وكتب منشورة دوليًا في تخصصها، كما سبق لها أن عملت كعضو منتدب في المركز الدولي للبحث والابتكار، فسجل هذه المرأة هو سجل علمي بحت لم يتطرق للسياسة مطلقًا، فأمينة تقول عن نفسها أنها لم تختر السياسة، لكن السياسة هي من اختارتها رئيسة لبلادها خلفًا للرئيس السابق راجكيسفور بورياغ، الذي قدم استقالته من رئاسة الجمهورية بعد تولي المنصب منذ يوليو 2012.
جزر موريشيوس تتكون من عدة أعراق وديانات مختلفة، إذ يبلغ عدد سكانها قرابة 1.3 مليون نسمة من أعراق الكريولية والصينية والتاميل، الديانة الهندوسية وأتباعها في البلاد يشكلون الغالبية بنسبة 50% من السكان، أما المسيحيون في الدولة فيشكلون قرابة 30% من السكان، أما المسلمون التي انحدرت منهم الرئيسة الجديدة فيشكلون الأقلية في البلاد بنسبة تقارب 20%، وهو يؤكد الرغبة في إعطاء صورة متسامحة بين هذا التنوع العرقي والديني في البلاد.
هذه العالمة المسلمة التي تنحدر من أصول هندية مسلمة يراها الساسة في بلادها أنها تتمتع بمصداقية في الداخل والخارج، فأمينة غريب حصلت على عدة جوائز دولية، أبرزها كانت التي منحتها إياها منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة وهي جائزة “نوبل رويال” التي تمنح في أفريقيا والعالم العربي، كذلك منحها الاتحاد الأفريقي جائزته للمرأة في مجال العلوم، أما عن علاقتها المبتورة بالسياسة فقد منحها البرلمان هذا المنصب بالإجماع لهذ السبب وهو بعدها عن عالم السياسة.
تقع جمهورية موريشيوس في المحيط الهندي، استقلت عن بريطانيا عام 1968، كما تبعد حوالي 2000 كيلو متر عن الساحل الشرقي للقارة الأفريقية قرب جزيرة مدغشقر، وهي مكونة من عدة جزر عاصمتها مدينة بورت لويس.
وتعد الآن من أغنى بلاد القارة الأفريقية، إذن يناهز دخل الفرد فيها 9 آلاف دولار، وتعتمد هذه الدولة بصورة ما على الزراعة والسياحة، هذا الإجراء الذي اتخذته النخبة الحاكمة في موريشيوس وصف بأنه تاريخي الغرض منه تصدير نموذج التعايش بين مختلف الأعراق والأجناس في الجزيرة.
البعض الآخر يرى أن هذا المنصب مجرد منصب شرفي لا وزن حقيقي له في السياسة بالبلاد التي تعتمد النظام البرلماني والأغلبية الهندوسية في البلاد هي المتحكمة في القرار السياسي، فقد وصف هذا القرار بأنه لتخفيف حدة التوتر عند الأقلية المسلمة في البلاد التي تعاني من مشاكل اجتماعية عدة.
المسلمون في موريشيوس، يعيشون ظروفًا اجتماعية صعبة، وذلك من حيث كونهم أقلية محرومة من الاحتكام في أحوالهم الشخصية إلى قوانين الشريعة الإسلامية المتعلقة بالزواج والطلاق والميراث وغيره، إذ تصر الدولة على تطبيق القانون الفرنسي عليهم، وهو ما يمنعهم من تعدد الزوجات، وأمور تقسيم الميراث بينهم طبقًا للشريعة، كما تحظر السلطات في موريشيوس على المسلمات ارتداء الحجاب، خاصة على الطالبات اللاتي يدرسن في المدارس والمعاهد الحكومية.
ويناضل المسلمون في الجزيرة لتوفيق أوضاعهم بها من حيث القوانين الخاصة بهم وللحصول على حقوقهم الدينية، وقد أدى حراكًا في الفترات الماضية إلى الحصول على بعض المكتسبات كحصولهم على عطلة رسمية في عيدي الفطر والأضحى، كذلك انتزاع حقهم في أداء صلاة الجمعة أثناء العمل، وتعليم اللغة العربية في المدارس، ومنح الحكومة مساعدات للحجاج وللمدارس والمساجد، لذا يرى البعض أن خطوة تعيين رئيسة مسلمة للبلاد، ربما تمتص الكثير من غضب المسلمين في موريشيوس.