ترجمة وتحرير نون بوست
في 3 يوليو المقبل، ستمر سنة كاملة على ذكرى الإطاحة بأول رئيس منتخب في تاريخ مصر، محمد مرسي، الذي أُطيح به في انقلاب قام به قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي، وأتبع انقلابه هذا بحملة شرسة على مرسي وحزبه الإسلامي، الإخوان المسلمين، حيث قتلت قوات الأمن المصرية نحو 1000 شخص من أنصار الإخوان أثناء الاحتجاجات، وتم اعتقال عشرات الآلاف، جنبًا إلى جنب مع النشطاء اليساريين وغيرهم من معارضي النظام المصري، وفقًا لجماعات حقوق الإنسان.
وفي 16 يونيو الجاري، ستصدر المحكمة حكمها النهائي بشأن عقوبة الإعدام التي حكمت بها مؤخرًا على مرسي و100 قائد وعضو آخرين من جماعة الإخوان المسلمين، في قضية تتعلق بالهروب الجماعي من السجن في عام 2011.
وفي ذات الوقت لاقت زيارة السيسي إلى ألمانيا ترحيبًا رسميًا من قِبل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الألماني يواخيم غاوك، ويستعد السيسي لتوقيع صفقة بمليارات الدولارات مع مجموعة سيمنز الصناعية الألمانية، وفي مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، كررت ميركل معارضة حكومتها لعقوبة الإعدام، لكنها قالت إن العمل مع السيسي، هو المفتاح لضمان الأمن الإقليمي.
يحيى حامد، وزير الاستثمار تحت حكم مرسي، أشار في لقاء أجريناه معه، أن العكس هو الصحيح، كون استمرار الغرب بدعمه للسيسي، سيزعزع استقرار المنطقة بأسرها، وسيضعها مباشرة في أيدي الدولة الإسلامية (داعش)، حامد الذي تحدث إلينا من جنيف قبل مغادرته إلى بروكسل التي سيسافر منها إلى الولايات المتحدة، هو أحد كبار شخصيات الإخوان المسلمين، ومسؤول عن ترويج رسالة الإخوان خارج حدود مصر، وإليكم تفاصيل الحوار الذي أجريناه معه.
فايس نيوز: ما هي هيكلة الإخوان المسلمين اليوم، بعد أن تم تصنيفها كمنظمة إرهابية في مصر؟
يحيى حامد: قبل أربعة أشهر أجرينا انتخابات جديدة، وتم انتخاب أعضاء جدد في المكتب الخارجي لجماعة الإخوان المسلمين، الغاية من هذا المكتب هي إدارة الأزمة الناجمة عن انقلاب السيسي، وهو مشروع سياسي طموح، ينسق مع بقية القوى السياسية ومع الثورة، والتي نعمل من خلالها على عدة جبهات، ونحن نتحدث هنا عن القوى التي انبثقت عن ثورة يناير 2011، وعلى الرغم من أنها ليست حركة منظمة إلا أنها قوى لاتزال موجودة، فهناك منظمات صغيرة، وإذا اتحدوا معًا، فقد يتمكنوا من تحقيق شيئًا عظيمًا، الثورة أكبر من الإخوان المسلمين أو من أي منظمة أخرى، الثورة ملك للجميع.
فايس نيوز: كيف يعمل حزبكم في مصر الآن، بعد أن تم تفكيك جميع أعمالكم وجمعياتكم الخيرية؟
يحيى حامد: الإخوان المسلمون هي منظمة تبلغ من العمر 80 عامًا، ونجاحها لا يكمن في قدرتها على تأسيس أعمال أو جمعيات خيرية، ولكن في انتشارها ضمن المجتمع، واندماجها الحقيقي داخل الشعب، يمكنهم إغلاق 1200 جمعية خيرية قضت أكثر من 60 عامًا في مساعدة المجتمع المصري للتغلب على وضعه الصعب، ولكنهم لا يستطيعون زحزحة الإخوان المسلمين من مكانهم الطبيعي الذي يتربعون فيه بالمجتمع، وهذا ما يحافظ على حياة منظمتنا، كما قمنا بتنشيط الكوادر الإدارية للمنظمة خلال السنة والنصف الماضية، حيث أصبح الشباب يشكلون أكثر من 65% من القيادات الجديدة.
فايس نيوز: هل يشعر أتباعكم بالخيبة بعد فشل العملية الديمقراطية؟ وهل يفكرون الآن في خيارات أكثر عنفًا؟
يحيى حامد: من المهم جدًا أن ندرك أن الإخوان المسلمين كانوا وسيظلون مؤمنين بالإستراتيجية السلمية، النظام هو من يسعى لإقحامنا في العنف، وإذا تم جرنا ودخلنا ضمن هذه اللعبة، فسوف نُعقد الأمور فقط لا أكثر، لقد رأينا ما جرى في سورية وليبيا واليمن، ورغم أن لكل دولة منهم خصوصيتها، بيد أن الشعب لم ينجح في إحداث الثورة عن طريق العنف، نحن لدينا إستراتيجية لا تتزعزع قائمة على نبذ العنف، ولكن من الواضح أن الناس قد اتجهوا نحو التطرف نتيجة لممارسات القمع والتعذيب والوفيات في السجون، لقد حذرنا من أن هذا قد يحدث، ويجلب معه الشر إلى مصر.
يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن هؤلاء الشباب هم أرض خصبة مثالية لدعاة الدولة الإسلامية، فهؤلاء هم الشباب الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع، وشاهدوا بأم أعينهم كيف تم تفكيك النظام الديمقراطي واستبداله بالقمع والاعتقالات، دون أن يرمش جفن للغرب.
نحن نؤمن أن هذا النظام سيسقط ضمن المدى المنظور، ولكن قبل ذلك سوف يولّد المزيد من عدم الاستقرار والفوضى، ليس فقط في مصر، بل في جميع أنحاء المنطقة، وإذا واصلت أوروبا دعمها لهذا النظام المستبد، وسماحها باستمرار ما يحدث في مصر الآن، فإنها ستدفع الثمن على شكل قوارب الموت، التي ستحمل الآلاف من المهاجرين كل شهر إليها، فارين من مستقبلهم المظلم، وأعتقد أن ما يحدث بين ليبيا وإيطاليا اليوم، هو مثال جيد على ما سيحدث إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
فايس نيوز: هل يمكن أن يحدث في مصر ما حصل في العراق، حيث استفادت الدولة الإسلامية من الفوضى التي خلقها قمع الحكومة المركزية للمتظاهرين السلميين؟
يحيى حامد: منذ اليوم الأول من حكم نظام السيسي، تم انتهاج إستراتيجية قائمة على محاولة تصوير أن النظام المصري يحارب الإرهاب، ولكن في واقع الأمر، إن هذا النظام يخلق المزيد من الإرهاب، فقط في سيناء، قتلت الحكومة المصرية أكثر من 1200 مواطن مصري، بما في ذلك نساء وأطفال وكبار بالسن، وهدمت أكثر من 1600 منزل، وهذه هي الرسالة التي ترسلها حكومة السيسي وأوروبا لأبناء سيناء، الشيء الوحيد الذي يمكن أن يتولد عن هذه السياسة هو خلق أرضيات مثالية وخصبة لنمو التطرف.
إذا واصلت أوروبا والولايات المتحدة دعمها للسيسي، فإن هذا سيعمل على توليد المزيد من عدم الاستقرار والفوضى في المنطقة، الشعب المصري يسعى للديمقراطية الحقيقية، ولكن إذا استمر الوضع هكذا، ستتحول مصر إلى دولة فاشلة، بدون أي مشروع اقتصادي أو سياسي لهذا البلد، بالإضافة إلى انعدام الأمن الداخلي.
فايس نيوز: إذا أصبحت مصر دولة فاشلة، فهل يمكن للوضع السوري أن يتكرر هناك؟
يحيى حامد: هو احتمال مطروح على الطاولة، والإخوان المسلمون ضد هذا التطور، ولكن هناك أصوات متطرفة بدأت تتعالى في هذه الفترة، وبالطبع هناك أشخاص يغادرون منظمتنا لأنهم يعتقدون أن سياستنا المعتدلة أثبتت فشلها أمام هذا المستوى المرتفع من القمع.
نحن نؤمن بأن الانقلاب سيسقط، ولكن هذا الانقلاب دفع الكثير من الأشخاص لتجاوز حدود المنطق، ونحن نواصل محاولاتنا لإقناع مؤيدينا، وجميع الأشخاص الذين يصغون إلينا، بالبقاء على الطريق السلمي، ولكن لكم من الوقت سوف نكون قادرين على ضبط هؤلاء الأشخاص؟
نحن نتجه نحو سيناريو من الفوضى، لن تستطيع الدولة ولا الإخوان المسلمين السيطرة عليه، ومصر قد تصل إلى حالة، لن أقول مثل العراق أو سورية لأن لكل بلد خصوصيته، ولكن بعبارة لطيفة يمكن أن أقول، حالة من عدم الاستقرار التي قد تنسحب إليها المنطقة بأسرها.
فايس نيوز: ما هو البديل الذي تطرحونه للخروج من الوضع الحالي؟ وهل صحيح أن لديكم اتصالات داخل الحكومة؟
يحيى حامد: لا، هذا ليس صحيحًا، نحن لا نتعامل مع مؤيدي الانقلاب، بل فقط مع أحرار مصر، وفي البداية، يجب أن يخرج مؤيدو الانقلاب على الفور، ومن ثم يجب علينا أن نمارس الانفتاح السياسي الحقيقي، ونفتح الباب أمام الحريات والديمقراطية الحقيقية، تمامًا كما فعلنا بعد ثورة 2011، ويجب علينا تنفيذ المطالب الحقيقية للثورة، ابتداءً من رد الحريات للشعب.
المصدر: فايس نيوز