ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
عاش هذا البلد السياحي في وقت سابق من هذا العام جدلاً كبيرًا حول موضوع الإجهاض، بعد أن بث تقرير تليفزيوني على القناة الفرنسية الثانية، كان بمثابة النذير حول ظاهرة الإجهاض في المغرب.
وأمام حجم عمليات الإجهاض غير القانونية، التي تصل إلى 800 حالة إجهاض يوميًا بحسب المنظمات غير الحكومية، تدخّل الملك محمد السادس بنفسه للنظر في هذه المسألة، ليعلن بعد عدة أسابيع من “المشاورات المكثفة” أن عمليات الإجهاض سيسمح بها في “بعض الظروف القاهرة”، خاصة في حالات الاغتصاب أو تشوهات شديدة، أما بالنسبة لبقية الحالات، فقد أكد الملك محمد السادس أن “الغالبية الساحقة تدخل في باب تجريم الإجهاض”.
وبعد فترة هدوء قصيرة، برز جدل جديد وأكثر ضراوة في أواخر مايو، وذلك بعد عرض فيلم في مهرجان كان للمخرج المغربي – الفرنسي نبيل عيوش حول الدعارة، والذي تم تصويره في مراكش.
وتم بث مقتطفات من فيلم “الزين اللي فيك” على شبكة الإنترنت، هذا الفيلم الذي يحمل كلام ذي طبيعة جنسية مما أثار هجمات عنيفة ضد طاقم الفيلم.
الغضب الشديد
إذا كانت هناك أصوات دافعت عن مخرج الفيلم، داعية في الوقت نفسه إلى حوار سلمي، فإن الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي كان موقفها واضحًا من خلال حظر بث الفيلم “للازدراء الخطير للقيم الأخلاقية وللمرأة المغربية”.
وتزايد الجدل مع افتتاح مهرجان موازين الموسيقي بالرباط، هذا المهرجان الذي يرأسه السكرتير الخاص للملك والذي يعتبر واجهة للانفتاح والديناميكية الثقافية المغربية، حيث سجل سنويًا نسب عالية من الحضور (2.6 مليون خلال العام الماضي)، على الرغم من الانتقادات المتكررة من الشخصيات الإسلامية.
وكان بث الحفل الافتتاحي، يوم 29 مايو، على القناة العامة الثانية المغربية، للنجمة الأمريكية جنيفر لوبيز، وراء غضب وزير الاتصالات من حزب العدالة والتنمية، مصطفى الخلفي، بسبب الأزياء والرقصات “للبومبا لاتينا”.
وتم تنظيم احتجاجات واعتصامات أمام مقر القناة العامة الثانية المغربية من قِبل حركة شباب الاستقلال (من المعارضة) ثم من حزب العدالة والتنمية يومي الثلاثاء والخميس، كما كانت هناك تظاهرة ثانية، يوم الجمعة، للحزب الإسلامي أمام البرلمان، وردد نحو 150 متظاهرًا: “القناة العامة الثانية المغربية جلبت لنا العار”.
ومع تواصل هذا الجدل، جاءت مسألة تجريم المثلية الجنسية، لتزيد من الجدل الذي يعيشه الشارع المغربي؛ فقد طردت، يوم الثلاثاء، ناشطتان فرنسيتان من جماعة “فيمن” بعد ظهورهما عاريات الصدر أمام نصب تذكاري في العاصمة، وفي اليوم التالي، تبادل مغربيان قبلة في نفس الموقع قبل أن يتم اعتقالهما.
لا نريد هذا عندنا
وتعتبر السلطات أن هذه الأعمال الاستفزازية غير مقبولة من قِبل المجتمع المغربي، كما تظاهر، يوم الخميس، أكثر من ألف شخص أمام سفارة فرنسا، مع تواجد لافتات جاء فيها: “لا نريد هذا عندنا”.
واعتبر عبد الله الترابي، مدير نشر تيل كيل، الصحيفة الأسبوعية المعروفة بين أربعة ملايين مغربي يعيشون في أوروبا، أن “هذا التسلسل هو مدعاة للقلق إلى حد ما في بلد يجتازه انقسام حول القيم”.
هل يجب أن نرى في هذه الخلافات المثيرة للجدل إيحاءات ما قبل الحملة الانتخابية؟ فقد انتقدت يوم الأربعاء صحيفة ليكونوميست معتبرة أن “حزب العدالة والتنمية هو العنصر الوحيد من الحكومة المتأثر كثيرًا”، في حين أن رئيس الوزراء عبد الإله بن كيران، رئيس ائتلاف متنوع، سيكون أمام رهان انتخابي خلال العام القادم.
ولا تزال شعبية عبد الإله بن كيران مرتفعة بالرغم من أنها ضعفت في الآونة الأخيرة بسبب زواج تعددي بين اثنين من وزرائه، اللذان اضطرا للاستقالة، وتحرك رئيس حزب العدالة والتنمية أخيرًا من خلال دعوته الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري للتدخل في موضوع حفل جنيفر لوبيز.
وفي رسالة مؤرخة يوم الخميس، أكد رئيس حزب العدالة والتنمية أن بث حفل النجمة الأمريكية جنيفر لوبيز على القناة العامة الثانية المغربية، هو “جريمة خطيرة” بحسب ما جاء في القانون المتعلق بالمجال السمعي البصري، كما دعا لفرض عقوبات على المسؤولين، وفقًا لوسائل الإعلام المحلية.
المصدر: جون أفريك الفرنسية