اختتمت قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في العالم “جي 7” في قصر “إلماو” بولاية بافاريا الألمانية أعمالها يوم أمس، بعد أن تناولت ملفات الاقتصاد العالمي وتحقيق النمو المستمر والقيم المشتركة، والسياسة التجارية ومن بينها اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والمعروفة باسم “اتفاقية الشراكة الاستثمارية عبر الأطلسي”، بالإضافة لموضوع العلاقة بروسيا في سياق تطورات الأزمة الأوكرانية بالإضافة إلى الأزمة المالية في اليونان.
وقد شهدت هذه القمة تغييب روسيا للمرة الثالثة على التوالي كعقاب على سياستها المتبعة في أوكرانيا، وانضمام رؤساء دول وحكومات من الشرق الأوسط وأفريقيا للقمة، أبرزهم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، والرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، والرئيس النيجيري محمد بخاري، وذلك بسبب تناولها قضايا تتعلق ببلادهم، كما شارك في أعمال القمة كل من الرئيس الليبيري إلين جونسون سيرليف، والسنغالي ماكي سال، ورئيس الوزراء الإثيوبي هايله مريم ديسالينغه، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس صندق النقد الدولي كريستين لاغارد، ورئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم.
تواصل العقوبات الاقتصادية على روسيا
تناول الزعماء المجتمعون الملف الأوكراني مع تواصل التدخل الروسي، وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مؤتمر صحفي عقب القمة، إن دول الاتحاد الأوروبي أشارت إلى أنها ستمدد العقوبات على روسيا بعد يوليو المقبل.
وقال أوباما يوم الإثنين 8 يونيو: “أكد شركاؤنا الأوروبيون أنهم سوف يؤيدون تمديد العقوبات على روسيا، حتى تنفذ اتفاقات مينسك بالكامل، ما يعني أن العقوبات ستمدد بعد شهر يوليو المقبل”.
من جانبها قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن قادة “جي 7” على استعداد لتشديد العقوبات على روسيا، في حال ازداد الوضع في شرق أوكرانيا سوءًا،وأضافت في مؤتمر صحفي: “نحن اتفقنا فيما يتعلق برفع العقوبات، الأمر مرتبط بتنفيذ اتفاقات مينسك، ونحن على استعداد لذلك عند الضرورة، مع أننا بصراحة لا نريد أن تصل الأمور إلى هذا الحد”.
وكشفت ميركل عن أن زعماء مجموعة “السبع الكبرى” لم يناقشوا خلال قمتهم في ألمانيا إجراءات معينة لتشديد العقوبات على روسيا.
من جهته قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن قادة “جي 7” أكدوا أن مسألة تمديد العقوبات على روسيا قبل نهاية عام 2015 سيتم النظر فيها من قِبل المجلس الأوروبي في يونيو الجاري، ودعا هولاند الذي كان يتحدث بعد اجتماع “مجموعة السبع الكبرى” في ألمانيا، لمواصلة المفاوضات مع روسيا بشأن برنامج إيران النووي والاحتباس الحراري.
عزم على خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري ومقاومة الجوع
وعلى صعيد آخر، حثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قادة الدول الصناعية السبع على الالتزام باتخاذ أهداف “صعبة” لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وأعربت ميركل المعروفة “بمستشارة المناخ” عن تفعيل التزامها بالمعايير البيئية وإقناع قادة الولايات المتحدة وكندا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا واليابان على تبني أهداف محددة قبل اجتماع المناخ الدولي في باريس.
وأعرب المشاركون عن تأييد تحديد هدف تقليص شامل يتراوح بين 40 و70% مع حلول العام 2050 مقارنة بمستويات 2010 “في إطار جهد عالمي”، وتعهدوا بالمشاركة في التوصل إلى اقتصاد عالمي يشمل استخدامًا مضبوطًا لثاني أكسيد الكربون على المدى الطويل.
وسعت القمة إلى إرسال إشارة واضحة لدفع دول أخرى ستشارك في قمة باريس إلى خفض الانبعاثات الخطيرة التي تهدد بذوبان الثلوج وارتفاع مستوى مياه البحر وهبوب مزيد من العواصف العنيفة وحدوث الفيضانات.
وأكدت أنجيلا ميركل أن الدول المجتمعة أكدت التزامها بالقضاء على الفقر لنصف مليار شخص يعانون سوء التغذية بحلول 2030.
هاجس الإرهاب العابر للقارات والإقصاء السياسي في العراق
وفيما يخص مكافحة ما يسمى الإرهاب، أكد البيان الختامي أن قادة هذه الدول ملتزمون بمواجهة ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب وأنه ينبغي أن تبقى مكافحة الإرهاب أولوية المجتمع الدولي بمجمله.
وأكدت مجموعة السبع دعم التحالف الدولي ضد داعش، وقال القادة في إشارة إلى تنظيم الدولة “نجدد التأكيد على التزامنا بهزيمة هذه الجماعة الإرهابية ومكافحة انتشار أيدولوجيتها الكريهة”.
وقد دُعي العبادي لمناقشة الحملة التي تقودها الولايات المتحدة لمساعدة بلاده في قتال تنظيم داعش الذي شن هجومًا خاطفًا قبل عام استولى خلاله على أكثر من ثلث البلاد.
وعقد العبادي كذلك اجتماعًا مع أوباما لمناقشة الحملة التي تقودها واشنطن لمساعدة بغداد على استعادة أراضيها من أيدي التنظيم المتشدد.
ودعا أوباما في هذا السياق إلى مزيد من الجهود الدولية لوقف تدفق الجهاديين على سوريا وخصوصًا عبر الأراضي التركية.
وقال أوباما “لا يمكننا أن نمنع كل شيء، لكننا نستطيع منع كثير من الأمور إذا كان لدينا تعاون أفضل وتنسيق أفضل وأجهزة استخبارات أفضل، إذا راقبنا في شكل أكثر فاعلية ما يحدث على الحدود بين تركيا وسوريا”.
وقال أوباما إنه أبلغ العبادي ضرورة وجود برنامج سياسي يجمع الشيعة والسنة والاكراد، مشددًا على ضرورة “استقطاب العشائر السنية بطريقة أكثر سرعة بما يساهم في دحر تنظيم داعش، مؤكدًا ضرورة أن “يصل العبادي فضلاً عن المشرعين العراقيين إلى قانون وطني في حل بعض المشاكل الأمنية مثل الأنبار وتسليم الأمن لسكان تلك المناطق”.
وأكد ضرورة “وجود برنامج غير مقصي وبدون تمييز يجمع الشيعة والسنة والكرد الذين يعملون بشكل منفصل، وأوضح أن “البرنامج السياسي بأهمية مشابهة للأهمية العسكرية”، وقال “كلما زدنا في تدريب وتجهيز القوات العراقية كلما كانت أكثر نجاعة”، مشددًا على ضرورة “تسريع إعداد القوات العراقية بشكل جيد”.