القول المأثور يتردد: لا بد من صنعاء وإن طال السفر، فهل لازال هناك بارقة ضوء أن نسافر إلى صنعاء، ولكننا نقول إن الأمل باق، وإن لم نسافر بأجسادنا فإن أرواحنا وعقولنا مع اليمن السعيد، والذي نرجو أن يكون سعيدًا، وأن يظل ينادي محبيه بأن هلموا إلى ساحاتي في صنعاء وغيرها من الأقاليم، نعم سوف سأناديكم يا أحبائي، رغم ما يفعله المخلوع علي صالح وزمرته وحلفاؤه الحوثيين في ساحاتي ومدني من هلاك ودمار وتحطيم.
وإننا هنا لنتساءل، وبعد أن خرج صالح ليعترف بتحالفه مع الحوثيين، وأنهم سيظلون معه في خندق واحد، وسيظل معهم حليفًا أمينًا، نتساءل هل أضاف المخلوع شيئًا لما كان معروفًا من تحالفه المقيت والسيء مع الحوثيين، وإن أي طفل ليعرف أن الحوثيين ما كان لهم أن يغادروا مناطقهم ليصلوا حتى صنعاء لولا أن المخلوع أمدهم بمواعيد ومواثيق، وإننا لنقول بعد هذه التصريحات الأخيرة للمخلوع علي صالح، “إن الجبل قد تمخض وولد فأرًا، وإن كنا لا نصفه بأنه جبل، فهو – أي المخلوع – تل رمال ذرتها رياح التاريخ، ولم يعد إلا سطحًا عبرت عليه الأرجل”.
وتأتي الأنباء بأن صالح يصرح بأنه سيعمل على عرقلة المفاوضات المزمع عقدها في جنيف من أجل حل الوضع المعقد في اليمن، وإننا نتساءل عن حجم الرجل، وعن الاهتمام الذي توليه له وسائل الإعلام؟! هل يستحق كل هذه الضجيج؟!
وإننا لنتساءل كذلك ونقول، هل صالح لايزال صالحًا لليمن؟ وكيف تسول له نفسه وتمنيه بأن التاريخ سيعود له ليرفعه لمكانته التي يستحقها! ماذا صنع الرجل للبلاده طوال ثلاثين عامًا قضاها في الحكم، وإنك بعين البصير الناقد تعرف ما هو اليمن السعيد الآن، فإذا هو بلد فقير ممزق، يعاني اقتصاده وسياسته وحتى بنيته التحتية، لا ترى شيئًا، وإنك لتتألم أن أهله الأذكياء كانوا فاعلين أقوياء في تنمية اقتصاديات بعض دول الخليج، وكذلك حتى أندونسيا وماليزيا، ولكن يمنهم يتألم ويعاني وينزف أبناءه.
فماذا صنع المخلوع حتى يظن أنه لايزال صالحًا لليمن، إن الدكتاتورية، الطغيان، الظلم، والعمل لصالح القبيلة أو لصالح فئة لا يرفع وطنًا، انظر إلى البلدان المتقدمة ترى أنها تعمل لصالح الجميع، والرئيس وطني صالح يعمل على تقديم الجميع على العائلة والقبيلة والفئة.
وصالح يقول إن الخلاف مع الحوثيين لم يكن عقائديًا، بل كان إداريًا، وذلك لم يمنعه من التحالف معهم وسيظل معهم حتى تحرير عدن، وهذا قول يحسب عليه، لأن الخلاف لم يكن عقائديًا ولكن منذ الآن يشعل صالح فتيل العقائدية بتحالفه مع الحوثيين، لأنه يقودهم لمحاربة مجتمع آخر بكل فئاته غير حوثي، ولنا أن نسأل المخلوع، ماذا بعد أن يستتب لكم الأمر – وهذا من المحال – هل سيكون الحوثيون في المقدمة أم أنت يا صاحب الثلاثين عامًا؟ لعنة الله على الظالمين، وعلى الباغين، وعلى الساعين للمنصب وللمصلحة الشخصية بعيدًا عن الوطن.
صالح مدفوع بشياطين الإنس والجن يتحالف تحالفه المقيت، يمزق به بلاده وينتقم من الثورة التي خلعته، بئس الرؤساء من ينتقمون من بلادهم، وإنك لتبكي لتنازل الجنرال إبراهيم عبود في السودان عن الحكم في أول ثورة ربيع عرفها العالم العربي في 1964، وحتى عندما أراد الثوار أن يتقاعد برتبة أعلى مما هو عليها رفض ذلك الأمر بشدة، ولكن المخلوع هنا ينتقم من بلاده ويفضح حلفاءه، لأنهم طوال الفترة الماضية كانوا يعظمون أنفسهم ويواصلون الكذب بأنهم هم من دخل صنعاء، وليس بمساعدة أي جهة داخلية أو خارجية، كمحاولة لإبعاد إيران من المشهد.
وإنك هنا لتقف إلى جانب عاصفة الحزم التي تصد تحالف صالح – الحوثي، وعلى السعودية إبعاد صالح عن المشهد نهائيًا، وأن تبعث له الرسائل البليغة من أنك يا صالح عضضت اليد التي عملت على إبعادك من المحاكمة، وإنك لتعجب من قول صالح، لا مكان لهادي في اليمن، وأنت هل لك مكان باليمن، وإن كان العتب على هادي والنقد لينصب عليه لأنه تعامل بعد الثورة بكل تراخ مع كثير من القضايا، وكان عليه بعد الوصول لرئاسة البلاد أن يعمل بقوة على محاسبتك، ولكن الرجل كان جزءًا من تاريخ الثلاثين عامًا عمل فيها معك.
رحم الله اليمن وكل دول الربيع العربي، فقد كانت ثوراتهم متراخية مهلهلة، وما نجاح تونس إلا لأنها أبعدت بن على عن المشهد السياسي، فالثورة تعني محاسبة الماضي وأصحاب الظلم الذي عشعش لأكثر من ربع القرن في ليبيا ومصر واليمن، ولكن الأمل باق، والثورة لن تخمد في النفوس مهما طال الزمن.