30 يونيو و3يوليو و14 أغسطس وغيرها من الأيام الدامية التي عاشتها مصر منذ حدوث الانقلاب العسكري كانت أياما أوفى فيها رجال الأمن المصريون بعهودهم وثأروا فيها من مرتكبي أحداث وادي النطرون خاصة وأحداث 28 يناير عامة، أيام أطلق فيها رجال الأمن العنان للغضب الكامن والحقد الدفين في صدورهم على من يرون أنهم تسببوا في مقتل أكثر من 200 من رجال الأمن في يوم واحد.
في تقرير لوكالة رويترز أعدته أسماء الشريف وياسمين صالح، صرح عدد من المسؤولين داخل مؤسسة الجيش المصري ومسؤولون في وزارة الداخلية وبعض قيادات حركة تمرد بمعلومات تنافي تماما ما يتم تداوله على لسان أشخاص آخرين في ذات المناصب أثناء ظهورهم على وسائل الإعلام وعلى منابر “ثورة 30 يوليو”.
بالنسبة للمسؤولين داخل وزارة الداخلية فإن ما حدث في يوم 28 يناير 2011 كان هجوما مسلحا من قبل الآلاف من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية على سجون ومراكز للشرطة قتلوا خلاله أكثر من 200 من رجال الأمن المصريين، وأكثر عدد للقتلى كان في محيط سجن الناطور الذي تقول رواية المسؤولين أن مسلحين تابعين للجماعة هجموا عليه لتحرير سجناء الإخوان المسلمين وعلى رأسهم محمد مرسي.
وعلى عكس ما قد يفهم من مشهد 3 يوليو وما تلاه فإن العسكر لم يقوموا بالانقلاب بمفردهم، الأمر الذي تنفيه عشرات اللقاءات التي أجريت مع مسؤولين في الجيش وفي وزارة الدفاع، فمعظم المسؤولين النافذين في مؤسستي الجيش والداخلية أكدوا أن اللواء محمد إبراهيم كان اللاعب الأساسي الذي لم يكن للانقلاب أن يكون من دونه ومن دون الجهود التي بذلتها وزارته لإيصال مصر إلى نقطة 3 يوليو وللعبور بها من نقطة 14 أغسطس.
أربع شخصيات بارزة في وزارة الداخلية، رفضت ذكر أسمائها، قالت لمراسل رويترز أن جهاز المخابرات العامة نظم لقاءات مع قيادات شبابية كانت غاضبة من سياسات مرسي قبل 6 أسابيع من تأسيس حركة تمرد، وأكدوا أيضا أن الغضب الأكبر لدى هؤلاء الشباب كان يتمثل في تصورهم بأن “الداخلية والجيش يسلمون الدولة لجماعة الإخوان”، الأمر الذي نفاه ممثلو المخابرات بالكامل مؤكدين لهؤلاء الشباب أن الداخلية والجيش سيتدخلون في اللحظة المناسبة في حال نجاح هؤلاء الشباب في تحريك الشارع.
وبحسب التصريحات التي حصلت عليها رويترز، فإن وزارة الداخلية ساهمت بشكل مباشر في جمع التوقيعات لصالح حملة تمرد وشارك أفراد الأمن في توزيع الاستمارات وفي تسهيل تجمع وتنقل أفرادها، الأمر الذي أكدته عضوة في تمرد طلبت أن لا يذكر اسمها أيضا، حيث قالت: “هم مصريون مثلنا، وكلنا منزعجون من السياسات الغريبة للإخوان المسلمين”.
وبالإضافة إلى ثأر وزارة الداخلية من أحداث يناير، فإنها حققت أيضا نصرا اكتسبت من خلاله منصبا لم تكن تحضا به حتى في عهد حسني مبارك، فوزارة الداخلية كرمت في احتفالات 3 يوليو ورفع أفرادها على الأعناق، ووسائل الإعلام المصرية كرمت الوزارة ووصفت وزير الداخلية بالبطل ووصفت دوره بالبطولي، كما تم إحياء جهاز البوليس السياسي الذي عاد للقيام بدوره التاريخي في ملاحقة جماعة الإخوان المسلمين.
ووزير الداخلية الذي كان قبل سنة يعتذر عن تاريخ وزارته في ممارسة العنف، عاد الآن ليقول على وسائل الإعلام وبشكل مباشر بأنه يعمل على إعادة وزارة الداخلية إلى الوضع الذي كانت عليه قبل ثورة 25 يناير.