يعيش مسؤولو وزارة التربية الوطنية، وأولهم الوزير رشيد بن المختار، في وضع لا يحسدوا عليه بعد تسريب أسئلة الرياضيات قبل أكثر من ست ساعات على موعد امتحان المادة؛ وهو ما عرض الوزارة للإحراج وضرب في مصداقية امتحانات الباكلوريا، بعد أن وعدت المغاربة بمحاربة ظاهرة الغش التي عرفت تزايدًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة بفضل التكنولوجيا الحديثة التي أضحت طرفًا رئيسًا في العملية.
غضب وارتباك
فضيحة من هذا الحجم لا بد وأن تؤدي إلى غضب عارم من طرف التلاميذ المجتازين للامتحان وأوليائهم، خصوصًا بعد أن فشلت المقاربة الأمنية التي التجأت إليها الوزارة المعنية فشلاً ذريعًا، ووعدت بتسخير جميع إمكانياتها للقضاء على ظاهرة الغش.
واحتج العديد من التلاميذ بغضب على تسريب امتحان البكالوريا، حيث رفض الكثيرون مواصلة إجراء الاختبارات، قبل أن يتم إقناعهم من طرف الأطر التربوية بضرورة الالتحاق بقاعات الامتحان، فيما حدثت مشاجرات بين تلاميذ ومسؤولين عن أمن المؤسسات التعليمية.
في نفس اليوم نشرت العديد من صفحات الفيسبوك أسئلة اختبار الفلسفة وعلوم الحياة والأرض، وزاد ذلك من ارتباك المرشحين للامتحان والتشويش عليهم، قبل أن تدخل الوزارة على الخط وتؤكد أن الأمر مجرد ترويج لإشاعة مغلوطة لا يجب الانسياق وراءها.
التحقيق جار
اعتبر رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أن ما حدث هو خيانة للوطن ووعد بأن وزيري الداخلية، محمد حصاد، والتربية الوطنية، رشيد بلمختار، سيفتحان تحقيقًا في قضية التسريب.
وقال بنكيران، في كلمة افتتاحية له خلال ترأسه المجلس الحكومي بالرباط: “إن حدث تسريب مادة الرياضيات في الباكالوريا، يتجاوز مجرد مخالفة وقع من خلالها تسريب ورقة لتصل إلى التلاميذ قبل وقت اجتيازها”، مضيفا “هذا العمل خيانة للوطن”.
وحذر بنكيران ممن وصفهم بالخونة، بالقول “إيانا من فعل الخونة، الذين كانت لهم سوء الآثار على أوطانهم”، مضيفًا أن “الخائن لن نتسامح معه، لأن التسامح الذي تعيشه البلاد ليس ارتخاء، والدولة ستكون صارمة غاية الصرامة في تطبيق القانون”.
إعادة الاختبار
وقد اتجهت وزارة التربية الوطنية إلى اتخاذ قرارًا بإلغاء امتحان الرياضيات المسرّب، وتبعًا لذلك، حاولت الوزارة تهدئة الوضع عبر سلسلة من البيانات، توعدت من خلالها باتخاذ الإجراءات اللازمة، كما قررت إعادة إجراء الاختبار يوم الجمعة 12 يونيه في نفس توقيت الاختبار الملغي وبنفس مراكز الامتحان.
ولعل الجهة المسؤولة عن تسريب الامتحان كانت تحاول أن تبلغ رسالتها إلى الوزارة لتقنعها أن المقاربة الأمنية المتشددة مع التلاميذ هي فاشلة من بدايتها، لكن هذه الجهة لم تراع أبدًا مشاعر التلاميذ الذين سهروا طيلة الأشهر الماضية للإعداد للامتحان؛ إنه عمل صبياني شنيع يستحق المتورطون فيه أشد العقوبات.
ولكن قبل أن تتجه الوزارة التربوية إلى مقاربة أمنية متشددة، كان الأجدر بها أن تعمل على إصلاح منظومة التربية، التي لاقت فشلاً ذريعًا، وترفع من مستوى خطابها المتدني نحو التلاميذ، صحيح أن لإصلاح المنظومة ليس بالأمر السهل فهو يتطلب وقتًا طويلاً وتضافر لجهود الأطر التربوية والآباء وحتى التلاميذ وبعضهم يعزو التجائه للغش إلى فساد المنظومة التربوية.
وأخير، أنت أيها التلميذ لك كل الحق في أن تنتفض على المستوى المتدني للتعليم، لكن ليس بهذه الطريقة، بل كن أنت التغيير المنشود”.