طلحة أسمل، شاب بريطاني ينحدر من عائلة بريطانية مسلمة، يبلغ من العمر 17 سنة، غادر بلاده مُلتحقًا بداعش، ليكون أصغر انتحاريي التنظيم الذي استولى على مساحات هامة بين سوريا والعراق.
ليس الأول ولن يكون الأخير، لكن كونه الأصغر ضمن قائمة الانتحاريين الذين نفذوا عملية استهدفت نقاطًا للجيش والشرطة العراقيين، أودت بحياة 11 شخصًا، حسب التقديرات الرسمية، مثّل طلحة عينة عن الشباب الغربي الذي ترك رفاه العيش ليلتحق بساحات القتال والدم، عينة أعادت الجدل الداخلي في بريطانيا حول عجز السلطات الرسمية عن استيعاب هؤلاء الشباب.
عملية الحجاج تسلط الضوء على الشاب البريطاني
وانطلق الجدل مع نشر الجناح الإعلامي لداعش بيانًا عن هجوم انتحاري، وصور أربعة من منفذيه، استهدفوا بسياراتهم نقاطًا للجيش والشرطة العراقيين، في قرية الحجاج، الواقعة على الطريق بين مدينتي تكريت وبيجي، وكان من بينهم الشاب طلحة أسمل، البالغ من العمر 17 سنة ، ليكون أصغر انتحاري في تاريخ بريطانيا.
وبحسب المعلومات المتوفرة لدى أجهزة الأمن في بريطانيا، والتي نشرتها وسائل الإعلام، فر أسمل، المكنى بأبي يوسف البريطاني، من منزل عائلته في مدينة دوزبيري شمال إنجلترا، في شهر مارس الماضي رفقة جاره، حسن المنشي، لينضما إلى تنظيم داعش.
ورغم الصدمة التي رافقت تداول صور أسمل على حسابات تابعة للتنظيم على تويتر، سارعت عائلة الشاب الصغير للتنديد بما اقترفه ابنهم، حيث قالت لوسائل الإعلام إنه “كان مراهقًا”، وإنه “جنح نحو التطرف بسبب الجبناء الذين يقومون بالأعمال القذرة”.
وأضافت العائلة في بيان لوسائل الإعلام، “ننتهز هذه الفرصة للتأكيد على أن تنظيم داعش ليس هو الإسلام ولا علاقة له بالإسلام، ولا يمثل الإسلام بأي شكل من الأشكال”، مشيرة إلى أنه “لا يجب لمجموعة بربرية مثله أن تخطف منا الدين”.
الديلي تلغراف: تنظيم الدولة بارع في الاستقطاب
تناولت افتتاحية صحيفة الديلي تلغراف موضوع طلحة أسمل، وعنونتها “أوقفوا تجنيد تنظيم الدولة الإسلامية”، وقالت الصحيفة إنه “عندما فجر نفسه في العراق خلال محاربته إلى جانب تنظيم الدولة الإسلامية، فإن الأخير كان يسعى لتحقيق رد فعل مدوي آخر في بريطانيا، وذلك من خلال ردود الفعل الغاضبة والمصدومة، وفق تعبيرها.
وأضافت الصحيفة أن الكثيرين في بريطانيا، يرون أن القيام بهذه العمليات الانتحارية، والسعي للتدمير الذاتي أمر غامض ومحير، ورأت الصحيفة أن تنظيم “الدولة الإسلامية” بارع في تجنيد عناصره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبر أحد المسؤولين السابقين عن تجنيد بريطانيين، أنه من أجل السعي إلى وقف تجنيدهم، يجب على الأهل التواصل أكثر مع أولادهم وبطريقة أكثر انفتاحًا.
الغارديان: القضاء على فكرة الجهاد لدى الشباب أمر صعب
وجاءت افتتاحية صحيفة الغارديان تحت عنوان “مقتل طلحة أسمل يُظهر مدى صعوبة القضاء على فكرة الجهاد لدى الشباب”، وقالت الصحيفة إن مقتل طلحة أسمل، أصغر انتحاري بريطاني، الشاب اليافع من دوزبيري، يعد مأساة بالنسبة لعائلته أولًا، وللشعب العراقي الذي قتل عددًا منه عندما نفذ التفجير الانتحاري.
وأضافت الصحيفة أن أسمل ضحى بحياته من أجل تنظيم شبيه بالعصابات، والذي يمارس سياسة الاغتصاب الجماعي كأداة ضغط ومتعة في آن واحد، إلا أنه لم يستطع تنفيذ عمليات إبادة جماعية بسبب عدم توافر القدرة المطلوبة لذلك”.
وأوضحت الصحيفة أن تنظيم داعش، يعد قوة عدوانية، إلا أن العدمية الوحشية لهذا التنظيم مازالت تجذب العديد من الشباب البريطانيين والأوروبيين، وختمت الصحيفة بالقول إنه “يجب مراقبة أولئك التائبين من تنظيم “الدولة” وليس 99% من المنتمين إليه والقابعين في السجون”.
جدل حول فعالية إستراتيجية مكافحة الإرهاب
وقد شهدت الساحة السياسية والثقافية في بريطانيا جدلًا، حول مدى فعالية البرامج الموجهة لحماية الشباب المسلم في بريطانيا من مخاطر الاستقطاب الممنهج الذي تعتمد عليه التنظيمات المتطرفة، وخاصة داعش، من أجل تجنيدهم وإرسالهم من بلدان إقاماتهم نحو ساحات الاقتتال، كما طُرح دور المؤسسة المسجدية ومدى نجاحها في تأطير “الشباب الملتزم” وتحصينه من تبعات هذا الفكر.
وفي تصريح لمديرة المعهد الذي كان يدرس فيه طلحة، قالت إنه كان نموذجًا للمراهق العادي، وأنه لم يصدر منه ما يجلب الانتباه، كما قال عاصم الكاري، إمام مسجد مكة في مدينة دوزبيري، إن تنظيم داعش شبيه بالمنحرفين جنسيًا الذين يغتصبون الأطفال، وأضاف أن التطرف والغلو لا ينبعان من المساجد، وأنه يعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي المفتوحة ليصل لهؤلاء المراهقين.
ومن جهته، قال فاروق يونس، إمام مسجد زكرياء بنفس المدينة، لإذاعة البي بي سي البريطانية، “لقد فشلنا كلنا، ليست العائلة فقط من تتحمل المسؤولية، بل مجلس المدينة، جهاز الشرطة، حيه، وأصدقاءه..”.
وحمّلت إيفات كوبر، النائبة بالبرلمان البريطاني، المسؤولية لحكومة ديفيد كامرون، واعتبرت أنها فشلت في معالجة هذا المشكل الاجتماعي.