ترجمة وتحرير نون بوست
إذا قرر جيب بوش الترشح إلى انتخابات الرئاسة تحت اسم عائلة أخرى غير عائلة بوش، فعليه أن يتعلم من التحول الذي قامت به رايتشل دوليزال، ولكن حاكم فلوريدا السابق، والذي عرّف عن نفسه سهوًا بأنه من عرق الهيسبانو “من أصل إسباني” عند تعبئته لنموذج تسجيل الناخبين، يعمد للقيام بكل شيء، عدا تغيير مظهره، للتقليل أو للتملص من ميراثه العائلي؛ حيث استعرض جيب شعار حملته الرئاسية في عطلة نهاية الأسبوع الماضية، والتي اقتصرت على اسمه بدون اسم عائلته ملحقًا بإشارة تعجب “Jeb!”، كما أن شقيقه، الرئيس الـ43 للولايات المتحدة، ووالده، الرئيس الـ41 لأمريكا، لم يحضرا خطابه الذي أعلن فيه ترشحه للرئاسة في ميامي يوم الإثنين الماضي، وجيب أيضًا لم يذكرهما حتى نهاية كلمته تقريبًا.
“في بلدنا هذا، يمكن لأكثر الأشياء غير المحتملة أن تحدث” قال جيب في كلمته، وتابع “خذوا هذه العبرة من رجل التقى لأول مرة برئيس في اليوم الذي ولد فيه، وثاني مرة برئيس في اليوم التالي الذي حملوه فيه إلى المنزل من المستشفى”، واستطرد بعدها بجملة هزلية “الشخص الذي تحمل هذين الشخصين موجود هنا اليوم معنا، رحبوا معي بأمي، باربرا بوش”.
ولكن الهتافات المشجعة لربة الأسرة التي ناهز عمرها الـ90 عامًا، تمت مقاطعتها من قِبل متظاهرين كانوا يرتدون قمصانًا تقول “الوضع القانوني غير كاف”، وهنا خرج المرشح جيب عن النص المكتوب، وأدلى ببعض التصريحات حول إصلاح قوانين الهجرة، ومن ثمّ حاول الرجوع إلى حيث اختتم جملته الماضية بقوله “وإذا عدنا إلى عائلتي، فقط لبضعة ثوانٍ…”.
ولكن في الواقع، الوريث القادم لسلالة بوش سيعود إلى عائلته مرارًا وتكرارًا، سواء أحب ذلك أم لا، كون اسم العائلة هو السبب الذي جعله من أبرز المنافسين على الساحة الرئاسية، ولذات السبب، لديه هذا الكم الهائل من المناصرين، واسم العائلة، هو السبب الذي جعله يصبح حاكمًا لولاية فلوريدا في المقام الأول، ومع ذلك يحاول جيب – عبثًا – التملص من هذا الميراث.
“بدأت حياتي بطريقة أو بأخرى عندما كنت في ليون في مقاطعة غواناخواتو التابعة للمكسيك، هناك حيث التقيت زوجتي”، يقول جيب بوش في فيديو تم رفعه على الإنترنت من قِبل رعاة حملته الانتخابية، عشية تصريحه بترشحه للانتخابات الرئاسية، وهذا التصريح قد يكون صحيحًا، ولكن حياة جيب بدأت حرفيًا عندما ولد لعائلة أرستقراطية، كحفيد لعضو دائم في مجلس الشيوخ، وطالب في مدرسة داخلية في أندوفر، يقضي إجازته مع والده وشقيقه، رئيسا المستقبل، في مجمع العائلة في كينيبونكبورت.
إن رغبة جيب بالنأي بنفسه عن عائلته يمكن فهمها من منظور أنه ورث عن شقيقه، على وجه الخصوص، حملًا ثقيلًا، بالنظر لقراره بغزو العراق في 2003، والأزمة المالية التي اندلعت في المراحل الأخيرة من ولايته، كما أن الكثير من الجمهوريين يشعرون بالقلق من أن ترشيح بوش آخر باسم الحزب الجمهوري، سيعمل على تحجيم شكواهم التي ينتقدون فيها الديمقراطيين لترشيحهم لكلينتون آخر، ولهذا فإن محاولة جيب الصعبة لإبقاء سيرة شقيقه بعيدة عنه، في الوقت الذي يحاول فيه تفادي إهانته، أدت إلى تلعثم المرشح الجديد لما لا يقل عن أربع مرات، في رده على سؤال كان محوره إن كان سيتخذ قرارًا بغزو العراق.
بالنسبة لكلينتون، فقد عمدت في بداية حملتها الانتخابية إلى إطلاق موقع “hillaryclinton.com” من على المنبر، كما ابتدرت كلمتها تقريبًا بذكر زوجها، واستقبلته بعناق حميم على المنبر الذي كانت تلقي خطابها منه، أما جيب بوش فقد أطلق موقعه على الإنترنت الذي لم يذكر فيه اسم العائلة “Jeb2016.com”، مع لافتات وعصي تحمل شعار “Jeb!”، وهو ذات الشعار الذي استخدمه في حملاته لمنصب حاكم فلوريدا، في مشهد أعاد للأذهان شعار”Lamar!”، وهو الشعار الذي استخدمه السيناتور لامار ألكسندر في محاولته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري عام 1996.
الحفل الذي أقامه بوش في ميامي بمناسبة ترشحه للانتخابات الرئاسية كانت تكتنفه موسيقى السالسا، حيث بذل فيه المرشح قصارى جهده لتصوير نفسه على أنه خارج عن السياسات القديمة، حيث قال “لا نريد رئيسًا آخر يكتفي بشغل المنصب وسط النخب المدللة في واشنطن، نحتاج رئيسًا لديه تصميم على التحدي وتعطيل هذه الثقافة بأكملها في عاصمة بلدنا”، واستطرد بقوله “أعرف أنني قادر على تحقيق ذلك لأني فعلته من قبل، لأنني كنت حاكمًا إصلاحيًا، ولست مجرد عضو آخر في النادي”.
ولكن هل يوجد أي شخص يتصور بأن جيب بوش هو الرجل الذي سيضع حدًا للنخب المدللة؟ وهل سيستطيع سليل بوش أن يعطل ثقافة بأكملها، أكثر مما فعله شقيقه، وهو الحاكم الذي نعت نفسه في حملته الانتخابية في عام 2000 أيضًا بأنه “إصلاحي مع نتائج ملموسة”؟
بجميع الأحوال، كان جيب بوش في أفضل حالاته عندما أوقف هذه المهزلة في خطابه، وعاد أخيرًا لاحتضان ذريته بقوله “قبل وقت طويل من تعرّف العالم على أسماء والديّ، كنت أعرف أنني كنت محظوظًا بأن أكون ابنهما”، مشيرًا إلى أنهما وافقا على اختياره لزوجته كولومبا العابر للحدود في المكسيك، وتحدث بشكل مؤثر في كلمته عن زوجته وأولاده الثلاثة، وكانت هذه المرة الوحيدة في خطابه، عدا المرة التي ذكر فيها اسم والدته، التي يأتي فيها جون إليس بوش، المعروف باسم جيب بوش، على ذكر اسم عائلته الشهير.
أخيرًا، فإن بوش سيبقى يمتلك اسم العائلة، بغض النظر عن شعاره، وبغض النظر عمّا إذا جاء على ذكر اسم العائلة أم لا، ولكن جيب سيبدو أكثر صدقًا، وأكثر اعترافًا بشخصيته، إذا اعتنق وتبنى شخصيته الحقيقية.
المصدر: واشنطون بوست