“بينما نحن في طريقنا إلى مطار بنغازي، حدثني المجنون قادري عن المجموعات المسلحة التابعة للمكتب السياسي لإقليم برقة ولرئيسه إبراهيم الجضران وعن رفضهم لتسليم محطات النفط إلى السلطة المركزية وللحكومة الليبية، مستعينين في ذلك بقوة السلاح الذي يمتلكونه”.
المجنون قادري وهو السائق الخاص بإبراهيم الجضران، الذي قاد ويل كريسب المحقق الصحفي المتخصص في الشأن الليبي من مكان لقائه بإبراهيم الجضران في “برقة” إلى مطار بنغازي، قال له متحدثا عن السلطة الليبية المركزية في العاصمة بنغازي: “لقد أصابنا ما يكفي من هؤلاء اللصوص في طرابلس الذين يسرقون أموالنا”.
“مكافئة له على جهوده الكبيرة في الثورة وصموده في وجه القذافي وقواته، كلف إبراهيم الجضران بحماية المنشئات النفطية الليبية الموجودة في المنطقة الشرقية المسماة بإقليم برقة، ولكن وعوضا عن حمايتها، أمر الجضران المجموعات المسلحة التابعة له بإقفال محطات تصدير النفط الرئيسية الواقعة تحت سيطرته، وهو يريد الآن استخدام النفط لفرض تشكيل حكومة خاصة بالإقليم”.
غلق الموانئ ومحطات تصدير النفط من قبل المجموعات المسلحة التابعة لإبراهيم الجضران أدى إلى خسائر مالية تقدر إلى حد الآن ب5 مليار دولار، أمام عجز من السلطة المركزية في طرابلس عن التعامل هذه المشكلة في ظل عدم وجود قوات جيش أو حرس جمهوري في المنطقة، الأمر الذي يجعل إبراهيم الجضران واثقا من أن الحكومة في طرابلس سترضخ في الأخير إلى مطالبه وتمنحه حكما ذاتيا في إقليم برقة.
وخارج المناطق النفطية في برقة، تسير البلاد نحو أزمة ربما تكون هي الأكبر منذ الثورة، في ظل انهيار للعدالة، وتزايد للعنف والاغتيالات والتفجيرات الصحفي ويل كريسب يقول: “الأمر وصل إلى أن يقوم الأطفال بمهاجمة أساتذتهم في المدارس مستخدمين المسدسات النارية، وجضران وجماعته لا يحركون ساكنا لإيقاف هذا”.
“في الطريق إلى بنغازي، مررنا بعشرات الحواجز الأمنية، بعضها كان يرفع علم إقليم برقة، والبعض الآخر كان يرفع علما أسود تتوسطه نجمة وهلال باللون الأبيض، ولكن لم تكن هذه هي كل الأعلام التي شاهدته، ففي حاجز أمني يبعد حوالي 15 دقيقة عن مدينة بنغازي، كان المسلحون يرفعون الراية السوداء الخاصة بتنظيم القاعدة”.
“وفي هذا الحاجز، لم يخرج قادري يده من النافذة ليحيي المتواجدين فيه، وعندما بدا لي العلم ولاحظت غرابة تصرفات جادري، حاولت الثبات على مقعدي قدر المستطاع، وحاولت جاهدا أن أبدوا كأني ليبي، وبعد إطلاعه على السيارة سمح لنا بالمرور.. وما إن إنطلقت السيارة حتى قال المجنون قادري: كان بإمكاني بيعك له 3000 دينار، ومضى ضاحكا”.
وكان هذا الحاجز تابعا لتنظيم أنصار الشريعة التابع لتنظيم القاعدة، والمتهم في ليبيا بالوقوف خلف أحداث السفارة الأمريكية التي راح ضحيتها السفير الأمريكي كريس ستيفينز، “التنظيم استغل ضعف الحكومة للانتشار في ليبيا ولكسب ود الشعب من خلال فعالياته الخيرية، حتى كانت حادثة السفارة الأمريكية نقطة فاصلة حيث شن الأهالي حملة ضد التنظيم وأنصاره وخرجت مسيرات ضخمة منددة بالتنظيم وبممارساته، وتم كذلك طرد التنظيم من عدد من معسكراته”.
“وفي الفترة التي تلت أحداث السفارة، أي قبل سنة، لم يبقى –تقريبا- أي تواجد لأنصار الشريعة في شرق ليبيا باستثناء تواجد ضئيل في بنغازي، ولكن في الأشهر القليلة الماضية، ولكن في الأشهر القليلة الماضية استعادة التنظيم قوته وأصبح له تواجد قوي في مدن كثيرة شرق ليبيا، بما في طلك مدينة سرت والأجدبية”.
المجنون قادري قال لويل: “هناك صنفان من أنواع الشريعة، صنف جهادي وصنف آخر غير جهادي، غير الجهاديين هم الصنف الجيد، الحاجز الذي مررنا منه كان تحت سيطرة الصنف الجيد”، وأما عماد سالم وهو موظف بأحد بنوك بنغازي فقد قال عن التنظيم: “لقد خلصوا بنغازي من الكثير من خلايا تجارة المخدرات وجعلوا المدينة أكثر أمنا”، ثم أضاف:”أنا أعرف شخصيا عددا كبيرا من أعضاء التنظيم، وهم أناس طيبون، وكل ما يريدونه هو فعل الخير، ولكن يبقى الغموض سائدا حول قادة التنظيم”.
ويل كريس لخص حواره مع عماد بالقول بأنه “ما لم يتم تقديم دلائل حقيقية على ارتكاب تنظيم أنصار الشريعة لجرائم ولانتهاكات، فإن قادة التنظيم سيواصلون تغطية جرائمهم بالأنشطة الخيرية التي يقوم بها التنظيم وبما يوفرونه من خدمات لعامة الناس”.
وأما المجنون قادري فقد أنهى كلامه بالقول: “نحن لا نبالي بأنصار الشريعة، هم آخر همنا”.