نشرت الصُحُف التركية صباح اليوم تصريحات لرئيس حزب الحركة القومية التركي، دولت بغشلي، يسخر فيها من العرض الذي قدمه له حزب الشعب الجمهوري العلماني ليكوّن معه ائتلافًا، قائلًا أنه لن يقبل أن يدخل في ائتلاف يعتمد على أصوات حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، وهو شرط تمرير تلك الحكومة بطبيعة الحال إذ أن مقاعد الحزبين القومي والعلماني لا تكفي لتمرير تلك الحكومة وستحتاج لمواقفة الحزب الكردي وإن لم يشارك في الحكومة، وهي الموافقة التي قال حزب الشعب أنه سيستطيع الحصول عليها، في حين قال نائب رئيس الحركة القومية سميح يالجن أن عرض العلمانيين لا يعدو كونه رشوة سياسية.
من ناحية أخرى، قام حزب الحركة القومية بوضع شروطه للائتلاف مع العدالة والتنمية، كما نقلت صُحُف عدة، أبرزها أن يُعاد فتح ملف الوزراء الأربعة الذين أطيح بهم في ديسمبر 2013، حين وقعت الأزمة الشهيرة بين حركة كولن والحكومة برئاسة أردوغان، وتناول قضايا الفساد التي اتُهِموا فيها كافة ومحاسبتهم، حيث اقتصر فتح الملفات آنذاك على إقالتهم من الحكومة دون مواجهتهم لأي عقوبات.
علاوة على ذلك، سيتنازل الحزب عن طلب انتقال أردوغان من القصر الرئاسي الجديد الذي بناه خصيصًا له والعودة إلى قصر تشانقايا التقليدي، والذي سكنه كافة رؤساء الجمهورية التركية بعد أتاتورك، وكان الحزب في السابق قد أعرب عن طلبه هذا لاعتباره أن قصر أق سراي الجديد رمز لإهدار المال العام والحصول على مساحة واسعة من الأراضي بشكل ينافي القانون التركي.
قي المقابل، طلب الحزب صراحة من رئيس الوزراء الحالي أحمد داوود أوغلو ألا يكون للرئيس التركي أي تأثير على الحكومة، وأن يلتزم بحدوده الدستورية كممثل للدولة دون أي صفة في السلطة التنفيذية، وهو ما يبدو أنه سيتم قبوله نظرًا لإعادة الحسابات الجارية تجاه دور أردوغان الكبير في الحزب، والذي يعتقد كثيرون أنه كلّف الحزب أغلبيته البرلمانية لأول مرة في تاريخه، وهو ما تشي به تصريحات داوود أوغلو الذي قال بأن نتيجة الانتخابات تعني أن الشعب رفض النظام الرئاسي، وهو تصريح موجه بشكل غير مباشر لدور أردوغان.
فيما يخص الحقائب الوزارية، وطبقًا لصحيفة بوسطه، طلب حزب الحركة القومية ثمانية وزارات، ورئاسة البرلمان، ونائبين لرئيس الوزراء، على أن يكون أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي والمرشح الرئاسي الخاسر أمام أردوغان، وزيرًا للخارجية، وهو المنتَخَب حاليًا كنائب برلماني عن حزب الحركة من إسطنبول، وأن يكون دورموش يلماز، رئيس البنك المركزي بين عامي 2006 و2011، وزيرًا للاقتصاد، وهو الذي حصل على لقب أفضل رئيس لبنك مركزي عام 2009، وانتُخِب عن الحركة القومية من ولاية أوشاق.
أيضًا، طلب الحزب أن يكون مراد باشيسگي أوغلو وزيرًا للداخلية، وهو العضو السابق بحزب الوطن الأم في التسعينيات ثم في حزب العدالة منذ عام 2002 قبل أن يتركه وينضم للحركة القومية عام 2011، وقد تولى حقيبة الداخلية بين عامي 1997 و1998، ووزارة العمل والأمن الاجتماعي بين عامي 2002 و2007، ووزارة الشباب والرياضة بين عامي 2007 و2009، وقد انتِخب عن حزبه الجديد من إسطنبول أيضًا هذه المرة.
فيما يخص مسألة السلام مع الأكراد، والتي أكدت الحكومة التركية بوضوح أنها لن تتنازل عنها، قالت المصادر أن حزب الحركة سيوافق على المضي قدمًا فيها ولكن دون التواني في التعامل مع تحركات حزب العمال الكردستاني العسكرية وأي عمليات إرهابية يقوم بها، كما أن الحركة القومية قد طلب تغيير اسم الملف من “عملية السلام” Çözüm Süreci إلى “التحول للديمقراطية” Demokratikleşme.
هذا وأشارت صحيفة يني شفق المحسوبة على الحكومة الحالية، أن الحكومة الجديدة من المتوقع أن يتم تشكيلها لتبدأ مهامها بعد عيد الفطر، في حين صرّح بغشلي أن جهود تشكيل الحكومة لو فشلت سيكون الأفضل أن تتجه البلاد لانتخابات مبكرة في نوفمبر المقبل، وأن حزبه جاهز لهذا السيناريو.