قامت مجموعات أنونيموس من المبرمجين بإطلاق شبكة اجتماعية جديدة أكثر أمنًا في مجال تبادل المعلومات بين روادها، حيث تختلف عن تلك المواقع الاجتماعية التقليدية فيما يتعلق بملامح الخصوصية، فالعمل على تلك الشبكة الجديدة مفتوحة المصدر يتم بين مستخدميها بطريقة مشفرة تمامًا.
الشبكة الجديدة تسمى Minds.com ولديها القدرة على تبادل المعلومات والروابط والبرامج وإطلاق تطبيقات للأجهزة وتبادل الرسائل بين مستخدميها ولكن بطريقة مختلفة عن نظيراتها من المواقع التقليدية؛ حيث يتم السيطرة على هذا الأمر بكيفية عرضه من قِبل كل مستخدم والتحكم فيمن سيشاهده دون اللجوء لوسائل التأمين الأخرى التي تطلبها مواقع مثل فيس بوك.
60 مليون مستخدم حتى الآن انضموا لهذه الشبكة الجديدة منذ عامين بالتحديد وهو تاريخ إطلاق هذا الموقع، ويعتبر مديرو هذه المنصة الاجتماعية أنها ستكسر عملية الرقابة والتضييق على الحريات التي تتم في المواقع الأخرى من قِبل الحكومات في بعض البلدات، إذ ستكون بيانات المستخدمين أكثر أمنًا من تلك المواقع.
استقطبت الشبكة الجديدة عدد كبير من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وقد روجت لها مجموعات أنونيموس من خلال مواقع التواصل الأخرى كـ “فيس بوك” و”تويتر”، داعين العاملين بمجال البرمجة والقرصنة والمصممين الانضمام لهذه الشبكة وبنائها معهم لتكون ملكية لروادها بعيدًا عن تحكم المواقع الأخرى.
ويأمل الموقع الجديد أن يكون بديلاً لفيس بوك عن طريق إنشاء خوارزميات أكثر انفتاحًا من تلك الموجودة على الشبكات الاجتماعية، وجعل أمر إخراج البيانات من الشبكة الجديدة أصعب حالاً مما في فيس بوك ما يعد خصوصية أكثر.
موقع Minds.com لديه نفس الخيارات الأساسية مثل أي شبكة اجتماعية أخرى، حيث يقوم المستخدمون بإرسال تحديثاتهم لأصدقائهم، والذين بدورهم يمكنهم التعليق أو تعزيز المشاركات التي يقرأونها، ولكن الفارق هنا على عكس منافسيها أن الشبكة الجديدة لا تهدف إلى كسب المال من جمع بيانات مستخدميها كما يفعل فيس بوك، وذلك عن طريق تشفير جميع الرسائل والمعلومات، بحيث لا يمكن قراءتها أو استخدامها من قِبل المعلنين أومن قِبل الحكومات التي تفرض رقابة على المواقع الاجتماعية.
ثمة ميزة أخرى كبيرة في الشبكة الجديدة عن الشبكات الأخرى هي أن إمكانيات تفاعل الأعضاء المشتركين ستكون أكثر من مثيلاتها في المواقع الأخرى في المشاركات، وذلك من خلال التصويت أو التعليق أو غيره من أدوات تبادل وجهات النظر بين الأعضاء، وهذا يعني أن وظائف الأعضاء النشطين سوف تكون أكثر تشجيعًا من قِبل الشبكة.
هذه الآلية الجديدة ستكون أكثر انتشارًا على خلاف الفيس بوك الذي يعمل بخوارزميات معقدة تمنع وصول المشاركات والتحديثات لأكبر عدد من الأعضاء مع تحديد إمكانياتهم وهو ما تحاول الشبكة الجديدة منعه، كما أن للشبكة الجديدة مميزات حيث يُساهم كل عضو بقدر في صيانة الشبكة لأنها شبكة مفتوحة المصدر ليست مغلقة على مجموعة بعينها.
يقول فريق Minds.com: “نحن منصة حرة ومفتوحة المصدر لإطلاق العلامة الرقمية الخاصة بك، فهي شبكة اجتماعية وتطبيق محمول، وكذلك أيضًا شبكة اجتماعية خاصة، وهي شبكة اجتماعية عالمية”.
اثنان من مؤسسي الشبكة الجديدة لديهم خلفية قوية في التعامل مع الخصوصية وقضايا حرية التعبير، وهما بيل أوتمان ولوري فينا، فكلاهما معروف بأنشطته المتعلقة باستخدام الإنترنت، ومن المرجح أن الشركة ستعمل على جذب نوع من الناس الذين يريدون بناء شيء ومشاركته علنًا مع الآخرين ولكن في نوع من حفظ خصوصية المستخدم.
مجموعات أنونيموس هذه لها فلسفتها الخاصة بها؛ فهي تستخدام الموارد الفردية البسيطة من أجل تحقيق هدف يخدم المجموع، وذلك عن طريق إيجاد بدائل لسيطرة شركات بعينها على المجال في العام في الإنترنت وذلك في عمليات الاختراق والقرصنة التي يمارسونها، حيث تتشارك مجموعاتهم في توفير المصادر الشخصية في حواسبهم من أجل الاستخدام الجماعي، الذي غالبًا ما يفلح.
هذه المجموعات المنتشرة حول العالم تؤكد أهدافها بأن أعداءها هم أصحاب المليارات الذين يمتلكون البنوك والشركات الضخمة، هؤلاء الذين يفسدون السياسيين والذين يستعبدون الناس في وجهة نظرهم، في نفس الوقت لا يعرف أحد عنهم شيء فهم ليسوا حركة ولا تنظيم وليس موقعًا رسميًا يسهل تتبعه، فالمعلومات المتوافرة عنهم قليلة للغاية.
ربما يريد الأنونيموس دعم هذا الموقع الجديد تحديًا لموقع فيس بوك كأكبر شركة لديها شبكة تواصل اجتماعي حول العالم تديرها بشكل ربحي عن طريق تسريب بيانات المشتركين بها لشركات الدعايا والإعلان، وهو ما تحاربه الشبكة الجديدة التي تدعمها مجموعات الأنونيموس، كذلك تحاول الشبكة الجديدة تحدي الفيس بوك من خلال توفير منصة آمنة بعيدًا عن مراقبة الحكومات، حيث إن فيس بوك أصبحت منصة خطيرة على حرية النشطاء في بعض البلدان.
فيما تعتبر مجموعة الأنونيموس عملها هذا في إطار النضال الإلكتروني التي تتبعه منذ ظهورها عام 2003، وقد طالبت أنونيموس من قِبل الإدارة الأمريكية بقوننة هجماتها على بعض المواقع كنوع من التعبير عن الاحتجاج ليصبح نوعًا جديدًا مشروعًا من ألوان الاحتجاج.
هذا وقد تورطت المجموعات التي تدعم الشبكة الجديدة في العديد من الهجمات على مواقع حساسة حول العالم، حيث يُعزى إليهم تعطيل موقع وكالة الأمن القومي الأمريكية، فيما تمت ملاحقات لبعضهم بتهم القرصنة كان أبرزها إحالة 13 عضوًا منهم بتهمة تنفيذ هجمات إلكترونية حول العالم، وقد اتهموا بمهاجمة أنظمة حواسيب شركات حكومية ومؤسسات خاصة وغيرها من المؤسسات التي تعارض – في وجهة نظرهم – إتاحة المعلومات والبيانات مجانًا للجمهور، فهي تمتلك فلسفة خاصة ترفض كل أنواع التربح الذي يحدث عن طريق الشركات الكبرى التي تحتكر تكنولوجيا المعلومات، ويأتي إنشاء Minds.com في هذا الإطار من التفكير لدى هذه المجموعات.