صحيح أننا على أعتاب ثورة حقيقية للطباعة ثلاثية الأبعاد، لكن مشكلة المواد التي يمكن الطباعة بها هي الأمر الذي يحول دون ذلك، فحاليًا، تعتبر المواد الخام الأكثر استخدامًا في الطباعة هي البلاستيك والمعادن، وبما أن البلاستيك يعتبر مشتقًا من الوقود الأحفوري فهو ليس مادة مستديمة قادرة على التحمل، أما الطباعة بالمعادن فهي تحتاج درجات حرارة متطرفة كي تذوب وتتكون، ما يعني أنها تحتاج بشكل عام الكثير من الطاقة، التي تزيد التكلفة الكلية للطباعة.
لكن، ماذا لو كان لدينا مادة خام أخرى، متوفرة بسهولة وصديقة للبيئة نستطيع أن نستخدمها؟ حسنًا، يبدو أن مجموعة من الباحثين في جامعة تشارلز للتكنولوجيا قد وجدوا إجابة لهذا السؤال.
فقد أعلن الفريق، في مؤتمر صحفي عقدوه في الجامعة، أنهم استطاعوا طباعة أشياء ثلاثية الأبعاد باستخدام السليلوز المشتق من لب الخشب كمادة خام، بدل البلاستيك والمعدن، وفوق كل هذا، استطاعوا جعل هذه الأشياء فيما بعد موصلة للكهرباء؛ عبر إدخال أنابيب نانوية بالغة الضآلة في داخلها.
ولكي يجعل الفريق هذا ممكنًا قاموا بخلط ألياف السليلوز النانوية مع هيدروجيل يحتوى على نسبة ماء تُقدر بـ 95 إلى 99%، ثم قاموا بوضع جيل السليلوز المتكون في الطابعة ثلاثية الأبعاد، لتكون الخطوة بعد ذلك هي ترك الأجسام المطبوعة تجف دون أن تفقد شكلها ثلاثي الأبعاد، وذلك عبر تجميدها وإزالة الماء منها، ما جعلهم يحكمون السيطرة على عدم فقد الشكل المطلوب.
ولكي يقوموا بجعلها موصلة للكهرباء، خلطوا جيل سليلوز آخر بأنابيب الكربون النانوية لكي يصبح موصلًا للكهرباء بعد أن يجفف، وباستخدامهم لنوعي الجيل معًا، الموصل وغير الموصل، والتحكم في عملية التجفيف استطاعوا أن يخرجوا بأجسام ثلاثية الأبعاد وموصلة للكهرباء.
وقد قال الباحث الرئيسي باول جيتنهولم إن تطبيقات هذا الحبر المبتكر سوف تتراوح من أجهزة الاستشعار، إلى نسيج يحول حرارة الجسم إلى كهرباء، إلى ضمادات جروح قادرة على الاتصال بالطبيب.
وصحيح أن استخدام هذه المادة لا يبدو أنه سوف يبدأ قريبًا، لكن مجرد تخيل استخدام مادة بهذه المزايا، كون هذا الحبر صديق للبيئة وقابل للتحلل وموصل للكهرباء، يبدو واعدًا ومبشرًا.