ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا وملف الترشح التركي للانضمام للاتحاد الأوروبي معلق، فمنذ افتتاح مفاوضات الانضمام، في 3 أكتوبر 2005، والوضع على ما هو عليه، بسبب بعض نقاط الاختلاف التي طرحتها كل من فرنسا وألمانيا، ومع ذلك، ففي أبريل الماضي، قام رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز بخطوة في اتجاه تركيا، وكانت إجابة القادة الأتراك بتجديد رغبتهم في فتح صفحة جديدة في مفاوضات الانضمام.
هل سئمت تركيا فكرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؟
يرى بعض المراقبين، أن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي شهدت تغيرًا جزئيًا في المشهد السياسي التركي رغم تواصل ريادة حزب العدالة والتنمية، يمكنها أن تعزز استئناف ملف الانضمام التركي، شريطة أن يظهر الاتحاد الأوروبي المزيد من الانفتاح، ويؤكد عالم الاقتصادي التركي يوسف أسيك أن “الانتخابات البرلمانية الأخيرة توفر إطارًا لتركيا لتسريع الإصلاحات بهدف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهذا يتطلب في المقابل موقفًا أكثر إيجابية من بعض الأعضاء ومن بعض المفكرين في الاتحاد الأوروبي أمام مسار انضمام تركيا”.
وتبقى التحفظات أمام انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي كثيرة مثل: رفض تركيا الاعتراف بجمهورية قبرص وخطر تدفق المهاجرين إلى أوروبا، كما تشير بعض التحليلات إلى أن تركيا نفذ صبرها من طول إجراءات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهي لم تعد بلدًا يحتاج بشدة لأوروبا كما كانت قبل عشرين سنة، مما جعلها تدير ظهرها عن أوروبا وتغير وجهتها نحو الشرق، ففي يناير 2013، أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ترغب في التقدم بطلب للعضوية في “مجموعة شنغهاي الخماسية”، والتي تضم الصين وروسيا وكذلك كازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وطاجيكستان، وهو ما أثار مخاوف لدى الأوروبيين من خسارة هذ البلد الذي سيعود انضمامه بالفائدة على اقتصاد الاتحاد الأوروبي، حيث يرى الباحث يوسف أسيك أن هذا الانضمام سيكون “مفيدًا لتركيا وللاتحاد الأوروبي”.
الحالة اليونانية: محور النقاش
هذا التردد من الانضمام التركي قد يتزايد أيضًا بسبب فشل تجربة جارتها اليونان، التي انتقلت من الحلم إلى الكابوس الأوروبي، فلئن تمكنت اليونان، منذ انضمامها في يناير 1981 إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية وإدماجها في عام 2001 في منطقة اليورو بعد مرور عامين على إنشاء عملة الموحدة، من تسجيل نمو اقتصادي هام، إلا أنها منذ عام 2010، شهدت تراجعًا كبيرًا إلى درجة أننا اليوم أصبحنا نخشى من إفلاس هذا البلد، وذلك في حال إيقاف المساعدات من المانحين الدوليين (المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي).
ولهذا يعتبر يوسف أسيك أن الوضع في اليونان ستكون له بالضرورة آثار على بلاده، إلا أنه يضمن أن تأثير ذلك على الاقتصاد التركي، في حالة الإفلاس، سيكون محصور النتائج “لأن هناك عدد قليل من الدائنين الأتراك بالنسبة لمجموع الديون اليونانية.”
ويضيف امري ديليفلي، الخبير والكاتب الاقتصادي لصحيفة حريت ديلي نيوز، أن “تركيا غير معرضة لهذه الأزمة، فالبلدان ليسا شريكين تجاريين رئيسيين، وهكذا فمن المفترض ألا تتأثر تركيا بالأزمة اليونانية، في المقابل، يمكننا أن نشهد حركة ضخمة للأصول في أوروبا، مما سيتسبب في الريبة بالنسبة للأصول التركية”.
طريقة الضغط على الحكومة اليونانية تعتبر فشلاً
مع ذلك فإن مصير اليونان لا يترك الجيران غير مبالين، ويوضح امري ديليفلي ذلك قائلاً: “اليونان قريبة من تركيا، وبالضرورة فإن الناس هنا سيتعاطفون معها، ولكن هذا الوضع كان لا مفر منه لأن اليونان كانت تصرف أموال تفوق طاقتها، ومع ذلك، فإن الطريقة الحالية، المتمثلة في الضغط على الحكومة اليونانية، ليست ناجحة، ففي هذه الحالة، يمكن إلقاء اللوم على الترويكا واليونان على حد السواء، فاليونان تحتاج بالتأكيد إلى إصلاحات هيكلية، لكنني لا أعتقد أن التقشف يمكن أن يأتي بنتائج في هذه المرحلة، وأنجيلا ميركل واليونانيون يدركون ذلك جيدًا”.
وبالنسبة لرجل الاقتصاد التركي، فإن خروج اليونان من منطقة اليورو ستكون له نتائج دراماتيكية، وهو يرى أنه “من أجل تجنب خلق حالة من الذعر (في منطقة اليورو)، فنحن نسمع بإمكانية خروج اليونان من منطقة اليورو، ولكن في الواقع، فإن الجميع يدرك نتيجة ذلك، ففي حالة خروج اليونان من منطقة اليورو، فسيكون ذلك ضربة قوية ضد بقاء تداول هذه العملة، ويتمثل الخطر في أننا سنبدأ نتساءل من سيكون البلد التالي: إيطاليا، إسبانيا، …”.
المصدر: صحيفة لاتريبون الفرنسية