اكتشف العلماء أن تعديلًا جينيًا بسيطًا في الفئران تسبب في وقف نمو سرطان القولون فيها، وعودة الخلايا إلى وضعها الأول، عندما كانوا يبحثون عن طرق جديدة يستخدمونها لتطوير علاج لسرطان الإنسان يكلف أقل ويعمل أفضل، وبحسب بيان صحفي للفريق، فقد قالوا إن النتائج أعطتهم دليلًا على إمكانية استعادة الجين المثبط للورم لوظيفته، وأنه يستطيع أن يسبب تقهقر الورم، ما يطرح أمامنا خيارات مستقبلية أفضل بالنسبة للتعامل مع السرطان.
فمعظم الأدوية التي تستخدم الآن لعلاج السرطان تعمل عن طريق قتل الخلايا السرطانية، ومع أن هذا يبدو مفيدًا، إلا أن أورام القولون والمستقيم تعود بعد أسابيع فقط من العلاج، وقد تكون الآثار الجانبية الدوائية شديدة أيضًا، أما طرق العلاج للحالات المتقدمة من هذه الأورام فإنها تتضمن مجموعة من العلاجات الكيماوية التي تعد سمية وغير فعالة بدرجة كبيرة، لكنها بقيت العمود الفقري في علاج السرطان لعدم وجود بديل.
لكن بالطريقة الجديدة التي وجدها هذا الفريق، عندما قام بتنشيط جين يسمى adenomatous polyposis coli (Apc)، فإنه يتوقع أنه سوف يغير قواعد اللعبة تمامًا.
قام الفريق باختبار طريقتهم في الفئران، واستطاعوا أن يوقفوا نمو الورم وأن يعيدوا للأمعاء وظيفتها الطبيعية في غضون 4 أيام فقط، ليجدوا بعد أسبوعين أن كل الأورام في أمعاء الفئران قد انتهت، ويدهشوا بعد 6 شهور أنه لا توجد أي علامات على عودة السرطان مرة أخرى.
هذه الفكرة لم تكن جديدة، لكن العلماء لم يستطيعوا قبل ذلك تنفيذها على الوجه الصحيح، فقد كان التنشيط الجيني يفلت زمامه من بين أيديهم، ويتخطى ما يريدون مسببًا مشاكل أخرى في الحيوانات، لكن هذا الفريق بقيادة سكوت لو من جامعة ويل كورنيل في نيويورك استطاع فعل ذلك بقمة الدقة والإتقان.
فقد علم الفريق أن هذا الجين Apc يسيطر على مسار إشارات مهم في الجسم سمي “ونت”، وهذا المسار يتحكم في تكاثر الخلايا وهجرتها وبقائها على قيد الحياة، فجربوا تعطيل هذا الجين، ليجدوا أن المسار ونت أصبح كمجنون بدون سيطرة، متسببًا في نمو الخلايا وتكاثرها بشكل جنوني وتحولها إلى خلايا سرطانية.
عندما قام الفريق بعدها بإعادة تنشيط هذا الجين، تمت السيطرة من جديد على المسار “ونت”، وعاد إلى طبيعته، فتوقفت الخلايا عن هياجها، وفي خلال أسبوعين كانت قد تراجعت أو اختفت، بنتائج مبشرة للباحثين لأنها نجحت مع أنواع معينة من السرطان شبيهة بما يتواجد في نصف سرطان القولون والمستقيم في الإنسان.
لكن للأسف، فهناك عائق حقيقي يحول بين استخدام هذه التقنية في الإنسان، وهي أن الباحثين لا يستطيعون تعديل البشر جينيًا بنفس الطريقة المستخدمة في الفئران، ما جعل الفريق يبحث عن أدوية يمكن لها أن تقوم بمهمة تنشيط الجين، أو السيطرة على المسار الجنوني “ونت” للخلايا.
وقد قال قائد الفريق لو أننا لا نستطيع حاليًا تنشيط الجين المطلوب، كما أن تعطيل المسار “ونت” بشكل كلي قد أثبت في دراسات سابقة أنه سام جدًا لخلايا الأمعاء، لكن أبحاث الفريق أظهرت أن الجزيئات الصغيرة التي تعدل هذا المسار ولا تحجبه بشكل كلي قد تحقق نفس نتائج تنشيط الجين في الفئران، لكن لا يمكن البدء في هذا قبل اختبار هذه التقنية على المدى الطويل.
هذا العلاج سوف يكون خاصًا بسرطان القولون والمستقيم بالذات، والذي يقتل 700 ألف شخص سنويًا، لكن الفريق يعتقد أن الطريقة ذاتها قد تعمل مع جميع أنواع السرطان.