أعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو بالأمس أن منصب وزير الدفاع، والذي أصبح شاغرًا بانتقال صاحبه عصمت يلماز إلى رئاسة البرلمان بعد فوز الأخير في الجولة الرابعة، سينتقل إلى وجدي كونول، والذي كان وزيرًا للدفاع بالفعل طوال سنوات العدالة والتنمية الأولى حتى عام 2011، حين قرر رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان استبدال عصمت يلماز به.
من هو وجدي كونول؟
هو محمد وجدي كونول Mehmet Vecdi Gönül المولود في ولاية أرزِنجان عام 1939، حيث عمل والده كمدرس بإحدى المدارس العسكرية، وقد تلقى تعليمه الأساسي فيها لينتقل لدراسة العلوم السياسية في أنقرة ويتخرج عام 1960، ثم يعود كموظف عام في مدينته، وذلك قبل أن يسافر إلى ولاية كاليفورنيا ليدرس علوم الإدارة في جامعة جنوب كاليفورنيا، ويصبح مفتشًا عامًا في قطاع الخدمة المدنية التركية عام 1972.
عام 1975، تم تعيين كونول رئيسًا لولاية قوجه ايلي، لينتقل بعدها بعامين كمدير عام لجهاز الشرطة لسنة واحدة، ثم يصبح رئيسًا لولاية أنقرة عام 1979 وأثناء فترة الانقلاب العسكري عام 1980، وأخيرًا رئيسًا لولاية إزمير عام 1984، وهي الفترة التي ذاع صيته فيها في الولاية نتيجة مشاريع البنية التحتية التي قام بها وتحسين الخدمات العامة، مما دفع وزارة الداخلية إلى تعيينه مستشارًا لها عام 1988.
خلال التسعينيات، قرر كونول أن يمارس السياسة بشكل مباشر، فترشح على قوائم حزب الفضيلة الإسلامي للبرلمان التركي عام 1999 من ولاية قوجه ايلي، وفاز بمقعد برلماني بالفعل، وقد انتقل مع مجموعة عبد الله غُل وأردوغان بعد تأسيسها لحزب العدالة والتنمية وانشقاقها عن نجم الدين أربكان، بل وكان من المرشحين لرئاسة الحزب في بداياته عام 2002.
وجدي كونول مع نظيره الأمريكي روبرت جيتس أثناء رئاستهما لوزارتي دفاع بلديهما قبل عام 2011
ظل كونول عضوًا بالبرلمان التركي بعد احتفاظه بمقعده عن قوجه ايلي في انتخابات 2002، ثم حصوله على مقعد عن إزمير في انتخابات 2007، وعن أنطاليا في انتخابات 2011، هذا ولم يترشح في انتخابات هذا العام نظرًا للقانون الجديد الذي مرره العدالة والتنمية ولا يسمح لأي شخص بالترشح أكثر من 3 فترات برلمانية متتالية.
بين عامي 2002 و2011، خدم كونول كوزير للدفاع في حكومة أردوغان، وكان واحدًا من الأسماء البارزة في الحزب أثناء الصراع بينه وبين المؤسسة العسكرية في سنواته الأولى بالسلطة، وهو أمر طبيعي بحُكم منصبه وكذلك خبرته في التعامل مع السلطات العسكرية نتيجة خدمته العامة أثناء الثمانينيات والتسعينيات، وقد قام بدور كبير لخلق قنوات للاتصال بين قيادات الجيش والحزب، وتعزيز التفاهم بينهما.
لماذا الآن؟
يعزو الكثيرون عودة كونول صاحب الخبرة الطويلة، والمتحدث بالإنجليزية والعربية، إلى حساسية الوضع الحالي لتركيا في سوريا، وهو ما أشار له داوود أوغلو بشكل غير مباشر في تصريحاته الأخيرة، قائلًا ان اسم كونول كان مطروحًا نظرًا “للعمليات الحالية”، في إشارة إلى التحركات العسكرية التركية الأخيرة على الحدود السورية، والاجتماعات الجارية بين القيادات العسكرية والحكومة بشكل مكثف مؤخرًا لبحث الوضع المتوتر على الأرض في شمال سوريا.
علاوة على ذلك، يشير البعض إلى خطوات تعتزم الحكومة اتخاذها تجاه “الكيانات الموازية” كما تسميها داخل المؤسسة العسكرية، على غرار الحملة التي قامت بها العام الماضي في مؤسستي القضاء والشرطة لكنسهما من أعضاء جماعة فتح الله كولن، والتي خرجت الخلافات بينها وبين أردوغان للعلن في ديسمبر 2013، بعد أن كانت تتمتع بعلاقة خاصة مع الحزب في عقده الأول بالسلطة، خاصة وأن كونول من المجموعة القديمة التي تعود جذورها لحزب الفضيلة، وتُعَد اليوم الخصم الأساسي لحركة كولن بين صفوف المنتمين للحزب.
“في هذا الوقت، نفضل أن يكون معنا شخص صاحب خبر طويلة ومعرفة وعَمِل بالفعل مع المؤسسة العسكرية لوقت طويل، لنستطيع أن نضع ثقتنا فيه،” هكذا تحدث داوود أوغلو في تعقيبه على عودة كونول وزيرًا للدفاع بعد أربع سنوات من خروجه من منصبه، وهو التعيين الذي صدّق عليه الرئيس التركي.