نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، الخميس، مقالا استقصائيا حول رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان، ذكرت فيه أن الحكومة التركية كشفت عمداً عبر هاكان فيدان، أوائل عام 2012، النقاب عن شبكة تجسس إسرائيلية تعمل في إيران، موجهة بذلك ضربة قوية لعمليات الاستخبارات الإسرائيلية في إيران، كما اتهمته من جهة أخرى بتنفيذ سياسات مستقلة، وحملته مسؤولية دعم تنظيم “القاعدة” وغيره من الجماعات المتطرفة.
وافترضت بعض الصحف الأمريكية، التي تناولت الخبر، أن يكون قيام فيدان بكشف شبكة التجسس الإسرائيلية، المتكونة من عشرة إيرانيين، هو السبب الرئيسي الذي جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يصر على رفضه للاعتذار من نظيره التركي رجب طيب أردوغان عن حادث قيام القوات الإسرائيلية باقتحام سفينة مرمرة التركية التي كانت متجهة إلى غزة وقتلهم لعدد من النشطاء الأتراك، والذي كان سببا في جمود كامل في العلاقات الدبلوماسية التركية الإسرائيلية حتى شهر مارس/آذار الأخير، عندما رضخ نتانياهو إلى مطالب أردوغان وأصدر اعتذار رسميا عن ما فعله الجيش الإسرائيلي، مع العلم أنه وحتى بعد الاعتذار لم تعد العلاقات الإسرائيلية التركية إلى سابق عهدها.
وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، نفى صحة ما ورد في المقال قائلا: “عند مطالعة مثل هذه المقالات، فإن هناك أمران يلفتان الانتباه، هما، الادعاءات المتعلقة بمحتواها، فضلا عن توقيتها”، مشيرا إلى أن فيدان يقوم بوظيفته على أكمل وجه من خلال الموقع الذي يتبوأه، وأنه بذل مع المستشار السابق لجهاز الاستخبارات جهودا مضنية من أجل النهوض بعمل الجهاز ليتنبأ بأي مخاطر أو تهديدات من الممكن أن توجه للبلاد، مؤكدا في ختام حديثه أن “أي ادعاءات بحق فيدان لا أساس لها من الصحة، وتأتي في إطار حملة دعائية سوداء للنيل من الاستخبارات التركية”.
وأما جين بساكي، الناطقة باسم الخارجية الأميركية، والتي رفضت التعليق على المقال الذي نشرته “وول ستريت جورنال”، فقد قالت خلال المؤتمر الصحفي اليومي لها: “نحن نعمل عن كثب مع تركيا، فالأتراك حلفاء لنا، وهناك سلسلة من الموضوعات التي نعمل معا فيها، منها مكافحة الإرهاب، وهناك اتصالات وثيقة مع عدد من المسؤولين الأتراك رفيعي المستوى، ومن بينهم رئيس الاستخبارات التركية حقان فيدان”.
ويلقب الأتراك هاكان فيدان بيد أردوغان الضاربة، ويصفه أردوغان بأنه حافظُ أسرارِه، وعين في سنة 2010 مباشرة اثر أحداث سفينة مرمرا على رأس جهاز الاستخبارات التركية خلفا لإمري تانر في ظل غموض حول شخصيته وسيرته الذاتية، فحقان فيدان عمل في الجيش حتى سنة 2001 ثم تفرغ للدراسة الجامعية لبضع سنوات، ثم عاد للعمل الإداري على رأس مؤسسة حكومية، وكان آخر منصب له، قبل أن يترأس جهاز الاستخبارات، في مكتب وزير الخارجية مساعدا لأحمد داوود أوغلو حيث أشرف فيدان في تلك الأيام على محادثات السلام السرية التي كانت تجرى في أوسلو مع قادة حزب العمال الكردستاني.
وقد أثار خبر تعيينه على رأس جهاز الاستخبارات التركية غضبا شديدا خاصة لدى الاستخبارات الإسرائيلية، حيث تسرب في سنة 2010 تسجيل صوتي لجنرالات في الموساد الإسرائيلي وهم يناقشون خبر تعيين فيدان، قالوا فيه أن رئيس الاستخبارات السابق كان صديقا لإسرائيل وأن الاستخبارات الإسرائيلية أودعت بعض الأسرار لدى الاستخبارات التركية لأنها كانت تثق به، وأن الموساد بات يخشى من أن يقوم حقان فيدان بتسريب هذه المعلومات للإيرانيين.