نجحت الأمم المتحدة أخيراً في إعلان هدنة في اليمن, تسري إلى آخر يوم من رمضان, بعد أن أخفقت في أوقات سابقة..
أعُلنت الهدنة, التي لم يطمئن لها أحد في الداخل, حتى المواطن العادي, التي لم ير فيها سوى أنها استراحة محارب, ليستمر خوفه وهلعه من حرب فرضت عليه, خصوصاً بأنه لم يسمع عن أية ضمانات حتى اللحظة بأن الهدنة ستكون حقيقية لا شيء فيها.
أيام سبعة قد تنقص أو تزيد يومًا واحداً هو عمر الهدنة التي تحدثت عنها الأمم المتحدة بثقة كبيرة, وكأنها أخذت مواثيق من الانقلابيين بأنهم لن يخروقها, وهم فاعلون كما توضح تعبيرات الكثير من الناس الذين فقدوا الثقة بهم بتاتاً, وقد أرادوا أن يحكموهم بسيفهم المصلت على رقابهم, ومصادرة أرزاقهم بعد أن أرادوا مصادرة كل شيء واعتبارها حقاً إلهياً لهم فقط, وهو ما أكدته كلمة زعيمهم الليلة الجمعة بأنه ماض في سبيل تدمير ما تبقى وقتل كل من يعارضه في بلاد سلمت إليه ذات غفلة.
أيام كما يراها متابعون بمثابة ذر الرماد على العيون.. العيون الملتهبة في اليمن بكاء وحزناً وخوفاً من مصير ينتظرهم, وقد وجدوا جماعة ترتهن للخارج, ونظام سابق يريد أن يبقى وإن تحالف مع الشيطان نفسه..
وقبل سريان إعلان الأمم المتحدة اشتعلت مناطق ومحافظات عدة بحرب الحوثيين وصالح, وكأنها محفزة لهم بالتحشيد وتعزيز المواقع العسكرية, فشهدت عدن جنوب البلاد قصفاً عنيفاً على الكثير من الأحياء السكنية, سقط على إثرها الكثير من المدنيين.
وتحدثت أنباء في تعز وسط البلاد أن مليشيا الحوثي وصالح, عملت على الانتشار والتحشيد شمال وشرق المدينة, وكثفت من قصفها أحياء المدينة, مما جعل المقاومة ترد بشراسة وتسكت أفواه المدافع كما قالت مصادر بأن المقاومة تقدمت في جبهات عدة غرب المدينة ووسطها..
وهو الأمر الذي يعطي عدم جدية المليشيا في إرساء هدنة إنسانية للحل والرضوخ للحل السلمي والحوار السياسي.
لذا يرى متابعون بأن على المقاومة بمأرب وتعز أن تحافظ على تقدمها الحاصل اليوم, وتتشبث بمواقعها خلال الأيام القادمة, فالحوثيون إذا لم يستردوا مواقعهم سيلتزمون بهدنة تغطي خسارتهم في مناطق الانكسار.
ويرون أن التحالف العربي نفسه سيقبل الهدنة على مضض, لكنه سيستفيد منها رغم الضرر, لأنه سيراقب عمليات نقل الأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية التي تضر بأمن المملكة.
وعلى التحالف أيضاً أن لا يعتمد على تفتيش الأمم المتحدة, فقد تدخل أسلحة كما حدث في حرب البوسنة, إذ عمدت بعض الدول إلى إيصال الأسلحة إلى صربيا فوفق مصادر أن روسيا وايران تجهزان سفناً وطائرات مساعدات للمدنيين, لوصولها لليمن خلال الهدنة,, وما يتخوف منه أن تعملا على نقل أسلحة إلى يد الحوثيين.
بدورها الحكومة اليمنية عليها أن تغتنم الفرصة, ويتجه خالد بحاح إلى خطاب المنظمات العالمية ومطالبتها بالعودة إلى اليمن خلال فترة الهدنة, فوجود المنظمات الدولية يعرقل كثيراً تحركات المليشيات.
فالوضع المأساوي الذي وصلت إليه اليمن والحاجة إلى المساعدات وإيجاد مساحة كبيرة للعمل الإنساني, هو الوتر الذي يجب أن تلعب عليه كل الأطراف في الداخل والخارج, فعليها أن تعمل بأن تكون الهدنة أولاً في تعز وعدن ومأرب، لتكفل تدفق المساعدات إلى هذه المحافظات دون أن تمر عبر الحوثيين، وإلا فإنها ستقويهم وستعطيهم فرصاً إضافية لممارسة مزيد من القتل.
كل الأمور إذن ستصب في خانة الحوثيين وحزب صالح إذا لم يتم التحرك الصحيح لمنعهم من استغلالها كما استغلوا سابقتها في مايو الماضي, فلن تكون هدنة حقيقية, إلا إذا أدخلت الأمم المتحدة خبراء لمراقبة الوضع وتحميل من يخترقها المسؤولية, وأن تكون للأعمال الإنسانية, وتحريك فرق إغاثية إلى المناطق المنكوبة, وفك الحصار عنها, وهو ما نأمله..