كان صدى المعلومة كبيرا في الصحف الإيرانية المكتوبة باللغة الأنجليزية بعد أن ربحت شركة فرنسية صفقة مع سكك الحديد الإيرانية. ففي 1 يوليو، فاز فرع يتبع شركة الخطوط الحديدية الفرنسية بعقد لتطوير محطات القطار لمدن طهران ومشهد وأيضا المدينة المقدسة قم.
الماركات الفرنسية على أهبة الاستعداد
قبل الاتفاق النووي الذي تم في فيينا يوم الثلاثاء 14 يوليو تموز، كان من الصعب أن نتحدث عن وجود المجموعات الفرنسية الكبرى في إيران. فعلى الرغم من أن العديد من العلامات التجارية الفرنسية كانت موجودة في المدينة حتى قبل التوصل إلى اتفاق، في انتظار انطلاق اكتساح السوق الإيرانية، هذه السوق التي تحوي 80 مليون نسمة، معظمهم من الشباب، ويرغبون وبشراهة في استهلاك المنتجات الغربية، هذه الرغبة في الاستهلاك التي عرفها الشعب الإيراني بعد الطفرة النفطية لعام 1973 والتي حافظ على ذكراها حتى بعد الثورة الإسلامية.
كما أن للإيرانيين مستوى تعليميا متقدما وهم يحبون الموضة مع احترام قواعد اللباس المحلية، ويعطون أهمية كبيرة للأناقة التي تكون في كثير من الأحيان مخبأة تحت الشادور.
الماركات الفرنسية: كارفور، لوريال، إيف روشيه، دانون …
في المساحات التجارية الكبرى نجد الفضاء التجاري “إيبارستار” الذي لديه خصائص سلسلة المراكز التجارية العالمية الفرنسية كارفور، مع حصوله على ترخيص كارفور، ولكن من دون الحصول على اسم الماركة منذ أن طلب الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عدم ذكر اسم الماركة الفرنسية المعروفة في إيران. ويمكن ملاحظة وجود كل الماركات الفرنسية المعروفة الأخرى على رفوف هذا المركز التجاري: لوريال، مايبيلين، إيف روشيه، دانون، جنبا إلى جنب مع العلامة التجارية الألمانية والإسبانية والإيطالية …
وفي مدخل المركز التجاري نجد بوتيكات الملابس الداخلية للنساء التي تخفى بضاعتها وراء الستائر، ولا يمكن الدخول إلا للنساء فقط.
تزاحم داخل صالونات التجميل
في أماكن أخرى من طهران، وصلت العديد من العلامات التجارية الفرنسية، على غرار ماركات مواد التجميل الفرنسية التي تجد استحسان النساء الإيرانيات اللاتي يتزاحمن داخل صالونات التجميل. وتقول مديرة التسويق في الشركة التي تقوم بتوزيع منتجات لوريال في إيران: “على الرغم من أن الإعلانات ممنوعة بالنسبة لمواد التجميل وأيضا في ما يخص إظهار شعر المرأة، إلا أننا قمنا بإنشاء موقع للمبيعات عبر الإنترنت، حيث يجب علينا أن نبتدع طرق جديدة لتسويق منتجاتنا “.
ويمكن إيجاد العلامات التجارية على موقع إنستاجرام، هذه الشبكة التي تلقى استقطاب كبير من الشباب الإيرانيين لأنه عادة لا يتم حظرها من قبل الرقابة.
سيارات البيجو في إيران
في الشارع، نجد العديد من سيارات البيجو الفرنسية، التي تنتجها إيران خودرو، الشريك السابق لشركة بيجو، وهي مرة أخرى تقوم بمحادثات مع شركة صناعة السيارات الفرنسية لإحياء مشروع مشترك.
ولا يوجد أي تعليقات أو تفاصيل حول المناقشات الجارية حاليا بين شركة صناعة السيارات الفرنسية وشريكتها الإيرانية، فقد أجاب متحدث باسم الشركة الفرنسية بأن هذا الموضوع لا يمكن أن يُنقل للصحافة في الوقت الراهن. وتجرى المفاوضات في طهران على قدم وساق، ولكن للإيرانيين بعض الشروط. فهم يريدون الحصول على التكنولوجيا، مع القيام بالتصنيع في إيران.
ولكن اليوم في طهران يمكن ملاحظة وجود العديد من ماركات السيارات العالمية، ففي موقف للسيارات في مركز “سام” الفاخر وهو مركز للتسوق شمال طهران، يمكننا رؤية ماركات فاخرة على غرار سيارات لكزس، بورش أو بي إم دبليو. حتى أن هناك إشاعة مفادها أن وكالة مازيراتي، التي فتحت مؤخرا، تمكنت من بيع 2000 نموذج في بضعة أيام … وذلك على الرغم من التعريفات الديوانية التي تضاعف من سعر هذه السيارات.
“أكبر من دبي مول”
هناك اليوم في إيران طوفان من العلامات التجارية الفرنسية وهي مجرد بداية. ففي الأسابيع الأخيرة، شوهد في العاصمة تواجد العديد من الماركات التجارية الفرنسية ولكن أيضا ماركات إيطالية فضلا عن الماركات الإسبانية أو الألمانية. ويبتسم هانز ديفيد رو، مستشار التجارة الخارجية الفرنسية قائلا: “في إيران هناك 390 مشروع مركز للتسوق قيد الإنشاء في طهران، سيكون أكبر من دبي مول”.
وتحدث خبير تجاري فرنسي عن وجود إمكانات مهمة جدا للشركات العاملة في قطاع السلع الاستهلاكية، خاصة فيما يخص المنتجات الغذائية للماركات الغربية التي تجد إقبال كبير من المستهلك الإيراني.
استثمارات ضخمة في الانتظار
قيّمت مؤسسة الأعراف الفرنسية، التي توقعت أن يكون هناك اتفاق حول الملف النووي الإيراني، وبشكل جيد السوق الإيرانية المحتملة، وسترسل وفدا إلى إيران في نهاية سبتمبر.
وعلاوة على ذلك، فقد حضر العديد من رجال الأعمال الفرنسيين في العرض التقديمي لوزير النقل الإيراني عباس أخوندي، الذي قدم إلى باريس في منتصف يونيو حزيران بمناسبة معرض باريس الجوي. وبدأ الوزير بكشف “قائمة التسوق” المحتملة في بلده في حال التوقيع على اتفاق حول الملف النووي الإيراني:25 مليار دولار من الاستثمارات لتطوير قطاع السكك الحديدية (كهربة المسارات، وشراء خطوط جديدة)، وتنمية الخط الحديدي فائق السرعة بين طهران وأصفهان، مع شراء 400 طائرة جديدة بتكلفة ما لا يقل عن 20 مليار دولار، مع بناء أو تحديث تسعة مطارات…
وقبل بضعة أسابيع، أعلن حميد رضا أراغي، نائب وزير النفط ورئيس شركة الغاز الوطنية، NIGC، عن احتياجات بلده من البنية التحتية والأسواق المحتملة في مجال النفط والغاز: بناء 5000 كم من خط أنابيب الغاز و 10 محطات، بالإضافة إلى الاحتياجات الهائلة لربط 3.5 مليون أسرة بالغاز الطبيعي، أي ما مجموعه 62 مليار دولار من الاستثمارات المحتملة. ويمكن أن يرتفع إنتاج النفط في إيران إلى 3.5 مليون برميل بعد أن كان يقتصر على 2.5 مليون برميل يوميا. أما بالنسبة لحقل غاز بارس الجنوبي المشترك مع قطر، فهو يمثل أكبر حقل غاز في العالم.
حاجز البنوك
يوجد حاجز بالنسبة للشركات الفرنسية في إيران وهي أنها لا تكون مصحوبة ببنوكها. وهذا هو الفرق الكبير الآن بين الشركات الألمانية ونظيراتها الفرنسية، فالشركات الألمانية تحضي بدعم البنوك الإقليمية التي ليس لديها نشاط في الولايات المتحدة والتي لا تخشى غضب السلطات الأمريكية ما مكنها من تسهيل أنشطة عملائها في إيران، في حين لا يوجد بنك فرنسي يعمل على نفس المنوال الألماني.
فالبنوك الفرنسية هي بنوك دولية وتخشى كلها ردة فعل أمريكية على غرار ما حصل للبنك الفرنسي بي إن بي باريبا الذي تعرض للعديد من المشاكل مع السلطات الأمريكية. ويوضح هانز ديفيد رو أن “فرق سويفت [جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك وهي التي توفر تكنولوجيا نقل المعلومات في ما يتعلق بالمعاملات المصرفية] دخلت إيران منذ شهر، لكننا ما زلنا لا نرى أي وفد من الاتحاد المصرفي الفرنسي على الرغم من مطالب المستشارين الفرنسيين للتجارة الخارجية”.
ولكن التواجد الفرنسي في إيران ليس إلا مجرد بداية، فمن المنتظر أن تكون زيارة وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيس، إلى طهران بعد قبوله الدعوة من نظيره محمد جواد ظريف، وراء رفع مخاوف البنوك الفرنسية.
المصدر: صحيفة نوفال أوبسارفاتور الفرنسية