خارطة توضح الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة بعد عام من الحرب

بعد عام من الحرب على قطاع غزّة في يوليو – أغسطس 2014، قدّمت منظمة العفو الدولية و فورسينك آركيتكتشر خريطة تفاعلية من أجل تصوير هجمات الجيش الإسرائيلي خلال الصراع، و”يهدف المشروع إلى تشكيل قاعدة بيانية من خلال المعلومات الّتي جمعت خلال عمليّة “الجرف الصامد” الّتي أطلقتها “إسرائيل” على قطاع غزّة” وفقًا لـ فرانسسكو سيبريغوندي الباحث في فورسينك آركيتكتشر ومنسّق مشروع “منصّة غزّة”.
في البداية تمّ استخدام البيانات الصحفية الّتي نشرت من قبل منظمات حقوق الإنسان المتواجدة على عين المكان، وكانت الفكرة تكمن في تحويل هذه النصوص إلى إحصائيات تسمح بالربط بين الهجمات، وتأمل منظمة العفو الدولية وفورسينك آركيتكتشر في جمع القدر الأعلى من المعلومات حول عدد الضحايا ونوع الهجوم والأسلحة المستخدمة وخصائص الهدف من أجل جمعها في منصّة واحدة وتوفير رؤية أفضل للأحداث للجمهور.
أمّا المشكلة، فتكمن في أنّ الخارطة تركّز فقط على الهجمات الإسرائيلية؛ وبالتالي لا تعطي صورة كاملة عن الصراع؛ إذ إنّ “هدف هذه المنصّة المساعدة في تحليل موقف “إسرائيل” خلال الأعمال العدائية، خاصّة وأنّ عدد القتلى وحجم الخسائر في قطاع غزّة والقذائف والأهداف (المنازل والمدارس والمنشآت الطبيعية) يوضّحون الطابع غير المتكافئ لهذه الحرب” وفقًا لـ ديبورا هايمز الباحثة في منظمة العفو الدولية، والّتي أشارت إلى أنّ المنظمة غير الحكومية قد نشرت تقريرين حول الهجمات وأعمال التعذيب المرتكبة من قبل حماس خلال هذه الحرب، وترى هايمز أنّ الأسلحة المستخدمة من قبل الفصائل الفلسطينية المسلّحة مثل قذائف هاون والصورايخ “غير دقيقة بما يكفي” للتمكّن من إدراجها في الخارطة الّتي قدّمت لأداة تحليل “بعمق”.
أداة من أجل العدالة
على الأرض، تمكّنت منظّمتان فلسطينيتان غير حكوميتين فقط من تجميع المعلومات خلال الصراع: مركز الميزان لحقوق الإنسان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. ونظرًا لرفض السلطات الإسرائيلية دخول منظمة العفو الدولية؛ اضطرت المنظمة غير الحكومية التعاون عن بعد؛ إذ تقول ديبورا هايمز: “لقد كنّا في تواصل مستمرّ مع منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطينية، ولقد طلبنا منهم تجميع البيانات من أجلنا في بعض الأماكن الّتي يصعب الوصول إليها”.
الطموح الّذي أظهرته منظمة العفو الدولية واضح: التقديم أداة من أجل العدل في حالة انتهاك القانون الدولي؛ إذ تشير ديبورا هايمز إلى أنّ “المنصّة قد طوّرت بالتعاون مع فورسينك آركيتكتشر من أجل تحليل نمط الهجمات وتسهيل التحقيقات حول جرائم الحرب في حالة إجرائها“.
ووفقًا لروبرت بيركنز المتخصّص في الأسلحة الثقيلة في الـ( Action on Armed Violence AOAV) -برنامج أبحاث في لندن- تعدّ هذه المنصّة تقدّمًا مهمًّا؛ إذ “إنّها مصدر معلومات قيّم بالنسبة للباحثين المتخصّصين في حقوق الإنسان والصراعات المسلّحة. كما أنّ الجيش الإسرائيلي أعلن أنه لم يستخدم الأسلحة الثقيلة في المناطق السكنية أو في ضواحيها، في حين أنّ منصّة غزّة قد بيّنت أنّ هذا لم يحدث؛ إذ كشفت الخريطة عن 334 حادثًا نتيجة لنيران المدفعية“.
واحدة من أكثر المناطق المأهولة بالسكان في العالم
لا يشاطر سمير باتيس المكلّف بالتعليم في جامعة الكيباك هذا الرأي؛ إذ يرى المتخصّص في مسائل الدفاع أنّ منظمة العفو الدولية قد راهنت خاصّة على الجانب العاطفي من أجل حشد الرأي العام الدولي: “هذا بصريّ جدًّا، ولكن الخريطة لا تعطي تفاصيل كافية عن السياق؛ فعلى سبيل المثال، لا تظهر الخارطة الكثافة السكانية في حين أن قطاع غزّة واحد من أكثر المناطق المأهولة بالسكّان في العالم؛ وبالتالي احتمال تضرّر المناطق السكنية سيكون بالضرورة أكبر“.
وفقًا لواضعيها، تسمح المنصّة بتسليط الضوء على بعض الخصوصيات الخاصّة بهذا الصراع: “ظهرت عناصر جديدة ومقلقة: هكذا يمكن أن نرى ارتفاعًا في الهجمات ضدّ السكّان المدنيين بالمقارنة مع العمليات السابقة، وبصورة أعم، تصوّر هذه المنصّة التحديّات الخاصّة المرتبطة بالحروب الّتي تجرى في فضاء حضري” على حدّ تعبير فرانسسكو سيبريغوندي.
ولئن لا تزال الخريطة غير مكتملة، فإنّ منسق المشروع يصرّ على الطبيعة التعاونية لـ “منصّة غزّة”: “تكمن الفكرة في تشكيل أداة مشاركة وأرشيف حيّ. كلّ مساهمة جديدة تمرّ عبر عمليّة التحقّق الّتي وضعها باحثو منظمة العفو الدولية. وفي نهاية المطاف، يمكن للخريطة أن تتضمّن مقاطع فيديو وصورًا بالأقمار الصناعية“. منذ إطلاق المنصّة على الإنترنت، بدأ المستخدمون أيضًا في مشاركة صورهم الخاصّة عبر تويتر لإثراء الخريطة التفاعلية.
Some of the photos I captured from my house during the last war on #Gaza #Gaza1YearOn pic.twitter.com/75tfPqJwbF
— Farah Baker (@Farah_Gazan) July 8, 2015
المصدر: لوموند – ترجمة موقع التقرير