نشرت عدة حسابات موالية لتنظيم ولاية سيناء التابع لداعش إصدار جديد تحت عنوان “الصولات الإلكترونية”، مختلفًا هذه المرة عن إصداراتها السابقة؛ فلم يعرض مشاهد لعمليات قتالية ضد قوات الجيش، بل تحدث عن اختراق هاكرز تابعين للتنظيم لصفحات ومواقع وحسابات داعمة للسلطة العسكرية، كما عرض اختراق لاتصالات تخص جنود الجيش في سيناء ونشر في نهاية الإصدار بيانات تخص عدد من ضباط الجيش والشرطة، مشيرًا إلى ما أسماه الفيديو “جرائم كل منهم والرغبة في القصاص منهم”.
ثمة ثلاث ملاحظات أرى أنها هامة على الفيديو موضع الحديث:
1. التنصت على اتصالات الجيش
أولاً: نشر التنظيم اختراقه لعدد من الصفحات والمواقع واعتبار ذلك عمل ذا قيمة يدل على اهتمامه بالرأي العام وكسب مؤيدين جدد له ولأفعاله إلا أنه أمر ليس من الصعب تنفيذه وإن أشار مجددًا إلى اهتمام التنظيم بمواقع السوشيال ميديا، أما اختراقه لاتصالات جنود الجيش في سيناء فيعتبر تطور هام قد يفسر دقة كثير من العمليات التي تُنفذ من التنظيم تجاه قوات الجيش؛ إذ إن التنصت على تلك المكالمات من المؤكد أنه يكشف تفاصيل عن نقاط القوة والضعف وبعض خطط وتحركات الجيش في سيناء؛ وهو ما يمكن التنظيم من توجيه ضرباته بناء على تلك المعلومات وغيرها، لكن من ناحية أخرى فالتسجيلات التي تمت إذاعتها ليست مهمة على المستوى الميداني ولم تشمل معلومات يمكن للتنظيم الاستفادة منها عسكريًا وهو ما يفيد احتمال ضعف ذلك الاختراق مع الوضع في الاعتبار أن التنظيم لم يعرض كل ما لديه من تسجيلات بالطبع .
2. نشر بيانات ضباط الجيش والشرطة
ما جاء في نهاية الفيديو من بيانات شخصية عن ضباط جيش وشرطة يمثل نقطة هامة في امتلاك المعلومات التي يسعى لها أي تنظيم يخوض حرب عصابات ضد قوات نظامية، إلا أنها طرحت عدة تساؤلات، بداية تبدو البيانات التي نُشرت بسيطة ومعروفة على نطاق واسع؛ وبالتالي فالحصول عليها وعلى أضعافها ليست عملية صعبة لكن المهم هنا هو الهدف من نشرها، هل هو رغبة التنظيم في تنفيذ عمليات ضد هذه الأسماء المنشورة والتي جاء بعضها من خارج سيناء وليس له علاقة بأي انتهاكات حدثت في سيناء، وبالتالى هذا سيعني تمدد عمليات التنظيم في دلتا مصر والعاصمة أم أن الأمر دعوة من التنظيم لمجموعات ليست منظمة تحت رايته في أخذ المبادرة والقيام بعمليات نوعية بعيدًا عن سيناء، الاحتمال الأخير أن يكون الهدف هو مجرد بث الرعب في نفوس جنود الجيش والشرطة ووصول انطباع إليهم أن التنظيم يعرف عنهم الكثير وأنهم في مرمى أهدافه.
3. العلاقة مع الإسلام السياسي
الملاحظة الثالثة والهامة جدًا هي خروج التنظيم مجددًا في خطابه عن نطاق سيناء وانتهاكات الجيش بها إلى الحديث عن انتهاكات الجيش ضد تيار الإسلام السياسي، بل ونشر بيانات ضباط شرطة جريمتهم حسب الفيديو تعذيب المعتقلين السياسيين أو قتل معتصمي رابعة، وهو ما يطرح التساؤل السابق عن إرادة وقدرة التنظيم تنفيذ عمليات خارج سيناء والتوسع فيها وهو ما يمثل رغبة التنظيم في امتداد الحالة السيناوية لتشمل العاصمة ومحافظات أخرى؛ ما يصب في صالح احتمال عسكرة الصراع في مصر بعد وقت ما .
الجانب الآخر من هذه الملاحظة هي خطاب التنظيم غير المضاد لتيار الإسلام السياسي، بل أحيانًا المتعاطف مع الانتهاكات الممارسة ضد الإسلام السياسي، وهو عكس ما ينشر ويؤمن به التنظيم الأم داعش، وهو ما يمكن تفسيره بأمرين: الأول هو الرغبة في جذب شريحة من مؤيدي الإسلام السياسي خاصة من الشباب وتوجيههم نحو الكفر بالديموقراطية والسلمية وغيرها من مفاهيم وأفكار الإسلام السياسي واعتناق فكرة التغيير بالقوة والعنف والمفاهيم والأفكار الجهادية التي يؤمن بها التنظيم، الثاني هو فهم التطور الفكري الذي مرت به جماعة بيت المقدس خاصة بعد الانقلاب ومبايعة داعش وهو ما تناوله بشكل رائع الوثائقي الذي نشرته الجزيرة منذ أيام قليلة بعنوان “من يزرع الشوك” والذي يوضح الدور الكبير الذي مارسه الانقلاب والانتهاكات التي دفعت بيت المقدس نحو التمادي فكريًا وعسكريًا في تكفير ومواجهة قوات الجيش .