وُجدت مخطوطة تضم صفحات من القرآن الكريم في أرشيف جامعة برمنغهام البريطانية.
القطع التي وُجدت مكتوبة بالخط الحجازي، وهو صورة مبكرة من الكتابة بالعربية، كانت قد أُحضرت من العراق إلى بريطانيا في العشرينات من القرن الماضي، لكن لم يُعلم قيمتها أبدًا، بحسب ما أوردت بي بي سي.
وباستخدام الكاربون المُشع، استطاع الباحثون تقدير عمر المخطوطة لما بين 568 و645 ميلادية، وهو ما يوازي 80 قبل الهجرة إلى 24 هجرية، وهو ما يعني أن المخطوطة قد تكون غالبًا قد كُتبت بواسطة أحد الصحابة ممن عاصروا النبي محمد – صلى الله عليه وسلم -.
وبحسب التأريخ الإسلامي، فقد كُتب القرآن على جذوع النخل وجلود الغنم وعظام الجمال بينما كان يُتنزل على النبي محمد بين عامي 610 و632 ميلادية، فيما جُمع القرآن في مصاحف كاملة حوالي 650 ميلادية في عصر الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ورغم أن دقة قياس التاريخ بالكاربون المشع لا يمكنها تأكيد ما إذا كانت هذه الصحائف هي الأقدم في الإسلام، إلا أن أستاذ الإسلام والمسيحية بجامعة بيرمينغهام ديفيد توماس أخبر بي بي سي أن “الشخص الذي كتب هذه الصحائف قد يكون في الغالب مصاحبًا للنبي محمد، وغالبًا ما سيكون عرفه ورآه وسمع منه، وهذه الفكرة ساحرة في ذاتها”.
ورغم أن التقارير الإخبارية الواردة من بريطانيا لا تخبرنا باسم الباحث، إلا أن القصة بدأت عندما تفحص باحث في الدكتوراة المخطوطة وقرر أن يقوم بقياس عمرها باستخدام القياس بالكاربون، وهو ما أدى لنتائج مذهلة.
فبحسب تصريح سوزان وورال، مسؤولة المقتنيات الخاصة بجامعة برمنغهام، فما اكتشفه الباحثون من قدم المخطوطة لم يكن في أكثر خيالاتهم جموحًا.
وقد قام الباحثون بقياس عمر المخطوطة بالاستعانة بوحدة جامعة أوكسفورد للقياس بالكاربون المشع.
والقياس بالكاربون المُشع ليس جديدًا، إذ اكتُشفت التقنية في الأربعينات من القرن الماضي، إلا أنه حتى بدايات الألفية الجديدة لم يستخدمه العلماء والباحثون على نطاق واسع بسبب ارتفاع هامش الخطأ فيه بشكل كبير، لكن التقنيات الحديثة أوصلت دقة قياس العمر الزمني بالكاربون لأكثر من 95%.
وتكمن الفكرة في الاعتماد على نظير مشع للكاربون لحساب العمر على حساب الكمية المفقودة من الكربون-14 عند الوفاة للكائن الحي فتختلف النسبة بين الكربون-12 إلى الكربون-14 عن باقي الكائنات الحية، لأن الكربون-14 عنصر مشع يضمحل بمعدل ثابت مع الزمن من خلال إطلاق جسيمات بيتا ولا يتم تعويضه كما هو الحال للكائن الحي، بينما يبقى الكربون-12 ثابتا في جسم الكائن قبل الوفاة وبعده، وعليه نستنتج أنه بقياس النسبة بين الكربون-14 إلى الكربون-12 ومقارنة النتيجة مع النسبة بينهما في الكائنات الحية (وهو ما يعني أنها تنطبق أيضًا على الأخشاب التي تُقتطع من الشجر أو من الجلود والعظام التي تؤخذ من الحيوانات) يمكن حساب عمر العينة.
ولأن عمر النصف (وهو مقدار الوقت اللازم لكمية النظير المشع، لتنخفض إلى نصف قيمتها التي تم قياسها في بداية الفترة الزمنية، أو هو الزمن اللازم لتحلل نصف كمية المادة) للكربون-14 هو 5730 سنة فإن الكربون-14 يستخدم لتقدير عمر عينات لا يزيد عمرها عن 60000 سنة.
الدكتور محمد عيسى والي، الخبير في المخطوطات والوثائق التاريخية قال إن الاكتشاف “مثير” وإنه سيسعد الكثير من المسلمين، مؤكدًا أنه قد “كتبته يد حجازية متمرسة، تعود بشكل مؤكد إلى زمن الخلفاء الراشدين الثلاثة الأوائل”، حيث قاد الخلفاء أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان المسلمين بين 632 و656 للميلاد.
وتقبع المخطوطة الآن في مجموعة مينجانا التي تتكون من أكثر من 3000 وثيقة جُمعت من الشرق الأوسط في العشرينات بواسطة القس ألفونس مينجانا، القس الكلداني الذي وُلد بالقرب من الموصل.
وكان مينجانا قد دُعم ماليًا بواسطة إدوارد كادبوري، صانع الشيوكولاتة الشهير، للذهاب في رحلات لجمع المخطوطات والوثائق من الشرق الأوسط.